نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا سلط خلاله الضوء على قرار البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، وتخفيض قيمة الجنيه، في الوقت الذي يكافح فيه العديد من المصريين العاديين لشراء الطعام، مع تصاعد المشاكل الاقتصادية للبلاد في تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية. وبحسب التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة"، خلال اجتماع استثنائي في 21 مارس، حددت لجنة السياسة النقدية، هيئة صنع القرار في البنك المركزي المصري، سعر الإقراض بين عشية وضحاها عند 10.25 في المائة ومعدل الودائع بين عشية وضحاها عند 9.25 في المائة. وأشار البنك إلى الضغوط التضخمية العالمية التي تفاقمت ، بسبب الحرب في أوكرانيا كسبب لقراره. وقال البنك في بيان إن «ارتفاع أسعار السلع الأساسية في جميع أنحاء العالم بسبب اضطرابات سلسلة التوريد يزيد من الضغوط التضخمية المحلية والاختلالات الخارجية». وأضاف أن «البنك المركزي يؤكد أهمية مرونة سعر الصرف لامتصاص الصدمات والحفاظ على الميزة التنافسية لمصر». يأتي قرار البنك في أعقاب تحركات مماثلة من قبل البنوك المركزية الأخرى في المنطقة. تم إحداث هذه القرارات أيضا ، بسبب رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة، وهو الأول منذ عام 2018. في فبراير، ارتفع معدل التضخم في مصر إلى أعلى مستوى له منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، حيث وصل إلى 8.8 في المائة، ارتفاعا من 7.3 في المائة في الشهر السابق. وقال البنك المركزي إنه "سيحافظ على هدف التضخم البالغ 7 في المائة للربع الرابع من هذا العام، وأضاف البنك مسار أسعار الفائدة المستقبلية تظل دالة على توقعات التضخم وليس على معدلات التضخم السائدة». جاء اجتماع 21 مارس قبل الاجتماع الفصلي للجنة السياسة النقدية، المقرر عقده في 24 مارس.
الضحية الاقتصادية كانت مصر، التي تعتمد بشكل كبير على الواردات الغذائية، خاصة من روسياوأوكرانيا، حيث جاء ما يقرب من 80 في المائة من واردات البلاد من القمح العام الماضي، ضحية اقتصادية كبيرة للوضع في أوكرانيا. خلال الشهر الماضي، ارتفعت أسعار السلع بشكل كبير، مما أثار غضب الجمهور وضغط على السلطات لاتخاذ إجراءات جذرية للحفاظ على الأسعار. وشملت هذه الإجراءات إجبار حكومة السيسي منتجي القمح المحليين على بيع جزء من محصولهم للحكومة. لأول مرة منذ سنوات، تدخلت حكومة السيسي لتحديد سعر الخبز الذي تنتجه المخابز الخاصة لعشرات الملايين من المصريين غير المسجلين في نظام التقنين الغذائي الوطني. تبيع محلات السوبر ماركت التي تديرها الحكومة أيضا المواد الغذائية للجمهور بسعر أقل من السوق، في محاولة لكبح ارتفاع الأسعار. وقال الخبير الاقتصادي المستقل وليد جاب الله ل"ميدل إيست آي" «ستؤدي هذه الإجراءات إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتقليل الضغط على المستهلكين وسوف يمنعون التجار في النهاية من رفع أسعار السلع بطريقة غير مبررة». وتزامن قرار رفع أسعار الفائدة مع إطلاق بعض البنوك المصرية مخططات ادخار تقدم أسعار فائدة غير مسبوقة، وأعلن بنكان عن شهادات ادخار تقدم أسعار فائدة 18 بالمئة. ونزل المصريون الممولون، بمن فيهم بعض أفراد الطبقة الوسطى، إلى البنوك بأعداد كبيرة، سعيا لشراء الشهادات الجديدة.
تشجيع الادخار يودع المصريون تريليونات الجنيهات في بنوك الأمة، والتي يستخدمونها للاستثمارات أو لتقديم قروض للجمهور والحكومة، يتم تمويل العديد من مشاريع البنية التحتية الحكومية الكبرى في مصر بهذه الطريقة. وقال خالد الشافعي، رئيس مركز الأبحاث كابيتال للدراسات الاقتصادية، ل "ميدل إيست آي" «ستساهم مخططات الادخار هذه في خفض التضخم من خلال امتصاص بعض السيولة في السوق». الأمل بين المخططين الاقتصاديين في مصر هو أن المخططات الجديدة ستشجع أفراد الجمهور على توفير أموالهم في البنوك، مما قد يساهم في ترويض التضخم. كما يأملون في أن تشجع المخططات نفسها أولئك الذين يخزنون الدولار الأمريكي على استبداله بالجنيه المصري ، وبالتالي خفض سعر الصرف مع الدولار. ومع ذلك، يبدو أن العكس يحدث بالضبط، حيث ارتفع الدولار مقابل الجنيه، حيث تم بيعه مقابل 18.53 جنيها في 22 مارس، مقارنة ب 15.56 جنيها قبل يومين، وكان سعر الصرف مستقرا لأشهر قبل 21 آذار/مارس. تسمح مصر لعملتها بالتعويم بحرية منذ نوفمبر 2016، عندما أنهت سياسة سعر الصرف الخاضعة للرقابة منذ عقود وحررت الجنيه، مما تسبب في خسارة الجنيه لأكثر من 50 في المائة من قيمته مقابل العملات الأجنبية. ويقول الاقتصاديون إن "هذا سيكون له تأثير كارثي على الأسعار في السوق، وخاصة على أسعار الغذاء". وقال محمود العسقلاني، ناشط مستقل في مجال حقوق المستهلك لميدل إيست آي إن "ارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه سيتسبب في ارتفاع كبير في أسعار السلع ، على الحكومة أن تتخذ إجراءات لحماية المستهلكين". كما أن خفض قيمة العملة الوطنية أمر كارثي لملايين المصريين الذين يودعون أموالهم في البنوك، والذين فقدوا الآن أكثر من 15 في المائة من مدخراتهم. يترنح المستهلكون العاديون تحت آثار الحرب في أوكرانيا على أسعار السلع الأساسية، إن الارتفاع الجديد في سعر صرف الدولار الأمريكي لن يؤدي إلا إلى زيادة مشاكل المستهلكين.
يكافح من أجل شراء الطعام مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بما في ذلك الأساسيات، يكافح الكثير من الناس لشراء الطعام . وقال ممدوح حسين، موظف حكومي متقاعد، لميدل إيست آي «أسعار جميع السلع ترتفع بطريقة مجنونة ، لقد كنت متمسكا بالأساسيات ذاتها، والتي أصبحت سلعا فاخرة لأشخاص مثلي». بالنظر داخل محلات السوبر ماركت في مصر، يبدو أن حسين ليس وحده في كفاحه من أجل شراء الطعام، هناك يمكنك العثور على وفرة غير مباعة من السلع باهظة الثمن مثل اللحوم والدجاج. في غضون ذلك، تنشغل القنوات التلفزيونية التي تسيطر عليها الحكومة ببث تقارير حول ارتفاع الأسعار والتضخم في دول أخرى، في محاولة لإقناع المشاهدين بأن مشاكل مصر عالمية. تأتي هذه التطورات في الوقت الذي لا تزال فيه البلاد تحاول احتواء آثار الحرب على قطاعها السياحي، حيث تعد روسياوأوكرانيا عادة من أكبر أسواق السياحة إلى مصر. يشيد بعض الاقتصاديين المحليين بقرار البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة، ومع ذلك، فإن البعض الآخر بالغ الأهمية، لا سيما فيما يتعلق بانخفاض قيمة العملة الوطنية. يقول النقاد إن "الحكومة تنفق التدفقات الضخمة للعملات الأجنبية في السنوات الماضية على مشاريع البنية التحتية التي ليس لها عائد فعلي للاقتصاد، مما يعكس فشلها في أولويات الإنفاق، وتشمل هذه رؤوس أموال جديدة بمليارات الدولارات في الصحراء، وصفها النقاد بأنها مشروع غرور لعبد الفتاح السيسي". وقالت علياء المهدي، العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ل ميدل إيست آي «الحكومة بحاجة ماسة إلى توسيع الحماية الاجتماعية للفقراء لتخفيف آثار هذه التطورات السلبية عليهم ، يجب أن يكون هناك أيضا وعي بين المستهلكين بأهمية ترشيد الاستهلاك».