نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للكاتب البريطاني ديفيد هيرست سلط خلاله الضوء على قرار وزارة الداخلية البريطانية باعتبار حركة حماس منظمة إرهابية، مؤكدا أن القرار يعد ضربة لعملية السلام. وقال هيرست، في مقاله الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" إن "وزيرة الداخلية بريتي باتل بعثت برسالة إلى الفلسطينيين أنه يمكن أن تحصل على الديمقراطية، طالما أنك تصوت لحزب يقبل حق القوات الإسرائيلية في إرهاب عائلتك، مضيفا أن وزارة الداخلية غالبا عندما تقوم بحظر الحركات باعتبارها إرهابية، أو تسعى للحصول على أوامر استبعاد على الأفراد، تصدر الوزارة قراراتها بطريقة تجعلها مفتوحة على مصراعيها للطعن القانوني". وأضاف هيرست أنه من الغريب أن هذه وثيقة لوزارة الداخلية، وليست وثيقة لوزارة الخارجية ، ومع ذلك، فإن أسباب حظر حماس كحركة سياسية تحدث خارج المملكة المتحدة وفي فلسطين نفسها، ولا يوجد أي ذكر لمذهب معاداة السامية أو أي نشاط تقوم به حماس أو مؤيدوها في المملكة المتحدة لتبرير مثل هذا الحظر. وردا على الأسئلة التي طُرحت، أعلنت وزارة الداخلية أنه بعد تقييم جديد خلص وزير الداخلية إلى أن [حماس] ينبغي حظرها بالكامل، وسيدعم هذا الإجراء الجهود الرامية إلى حماية الجمهور البريطاني والمجتمع الدولي في الكفاح العالمي ضد الإرهاب، فحماس مدرجة بالكامل من قبل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي.
محتل غير شرعي وأوضح أن المذكرة التفسيرية للقرار تقر، وإن كانت بين قوسين، بالتغييرات التي أدخلت على ميثاق حماس لعام 1988، الذي تعترف به حماس بحكم الواقع بحدود دولة الاحتلال لعام 1967 ولم تعد تطالب بتدمير الكيان في عهدها، وهذا الاعتراف من شأنه أن يسمح للمحامين بأن يزعموا في المحاكم البريطانية أن حماس لديها حق مشروع في الدفاع عن النفس ضد المحتل غير القانوني للأراضي الفلسطينية التاريخية. وأشار هيرست إلى أنه من خلال تحيزها الواضح جدا في وصف الأحداث التي وقعت في مايو الماضي، وحذف إراقة الدماء المدنية التي سببتها قوات الاحتلال ، بما في ذلك الاقتحام المتكرر للمسجد الأقصى في القدس، والهجمات من قبل مجموعات مسلحة من المستوطنين على المدنيين الفلسطينيين في المدن الإسرائيلية المختلطة، والهجمات المستهدفة على عشرات المباني في غزة، التي دمرت أكثر من 460 وحدة سكنية وتجارية ، تدمر مذكرة وزارة الداخلية التفسيرية قضيتها الخاصة، كما كان من اللافت للنظر مدى ضآلة الدعم الذي حظيت به وزيرة الداخلية من وزارة الخارجية ذاتها. وقال بيتر ريكيتس، الدبلوماسي السابق ورئيس لجنة الاستخبارات المشتركة في عهد رئيس الوزراء السابق توني بلير، لعالم بي بي سي في الجلسة الأولى يوم الجمعة إن "هذا الحظر على الجناح السياسي لحركة حماس لن يغير السياسة الخارجية للمملكة المتحدة، وأن حماس يجب أن تكون جزءا من الحل السياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وما تركه دون قول هو أنه اعتبارا من الأربعاء سيكون البحث عن حل سياسي أكثر تعقيدا بسبب هذا الحظر". ولقد أعربت عن هذا بوضوح وعلى الملأ فصائل فلسطينية أخرى، وعلى رأسها فتح، التي تعترف بدولة الاحتلال، وقد أطلق النواب نفس التحذير في الأردن، وقد أدانت وزارة خارجية السلطة الفلسطينية اعتبار حماس منظمة إرهابية بوصفها هجوما غير مبرر على الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لأبشع أشكال الاحتلال، والظلم التاريخي الذي أقره إعلان بلفور، وأضافت السلطة الفلسطينية أن هذا التصنيف سيعرقل السلام والجهود الجارية لترسيخ الهدنة وإعادة بناء غزة.
تعزيز الوضع وتابع هيرست "ليس لدى السلطة الفلسطينية أي حب لحماس، وهي فصيل فلسطيني منافس يتمتع في الضفة الغربيةالمحتلة بشرعية وشعبية أكبر بكثير من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بل إنها ملزمة بالإدلاء بتصريحات من هذا القبيل، لأنها تدرك تمام الإدراك مدى شعبية حماس، وهذا أيضا هو تقييم جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، شين بيت، وفي الفترة التي سبقت الانتخابات المزمعة هذا العام ، والتي انتهى بها المطاف إلى التأجيل، أو في الحقيقة تم إلغاؤها، من قبل عباس ، وقد هددت السلطة النشطاء السياسيين في "حماس" بالاعتقال لسنوات طويلة إذا خاضوا الانتخابات، لم تكن هذه تهديدات فارغة، وفي فبراير الماضي قُبض على عشرات من كوادر وقادة حماس، إلى جانب أعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني وطلبة ونشطاء نقابيين". وكان عباس قد ألغى الانتخابات بحجة عدم سماح الاحتلال للفلسطينيين بالإدلاء بأصواتهم في القدس، ولكن لو مضت استطلاعات الرأي قدما، لكانت قائمة عباس قد تعرضت للدمار، حيث كانت حركة فتح ستنقسم إلى فصيلين أو ثلاثة متنافسين، وعلى رأسهم مروان البرغوثي المسجون ومحمد دحلان المنفي. وأردف "لم تكن حماس نفسها تتوقع أن تفعل ذلك بشكل جيد في عام 2021 كما فعلت في عام 2006، عندما ظهرت كفصيل الأغلبية في الضفة الغربيةوغزة ، وفي الواقع كان هناك نقاش حاد داخل الحركة حول الحكمة من الترشح في الانتخابات، والتي كانت احتمالاتها مكدسة ضد حماس، لقد حسبت القيادة بحق أن عباس سيرمش أولا، وفي هذا الحساب، ثبت أنهم على حق، وفي كل الأحوال، تعزز وضعهم بين الفلسطينيين إلى حد لا يمكن قياسه بقرار من الجناح العسكري بإطلاق وابل من الصواريخ على القدس، وهو التصرف الذي أشعل شرارة حرب مايو، ومع جمود فتح في مواجهة التوغلات اليومية من جانب شرطة الاحتلال في مجمع الأقصى، فقد شوهدت حماس في نظر المقدسيين والفلسطينيين في إسرائيل والضفة الغربية وهي تفعل شيئا لمقاومة الاحتلال، وهذا أمر لا يبدو أن إسرائيل أو اللوبي المؤيد لإسرائيل في المملكة المتحدة يفهمونه".
دعم سياسي واسع ولفت هيرست إلى أن العديد من الفلسطينيين الذين لا يفضلون بالضرورة المقاومة المسلحة أو الصواريخ أو القنابل الانتحارية، يدعمون حماس ويدعمها العديد من الأسر الفلسطينية المسيحية في بيت لحم، لماذا؟ لأن حماس لا يُنظر إليها باعتبارها فاسدة كما أصبحت فتح والسلطة الفلسطينية؛ فهي لم تعترف بدولة الاحتلال؛ فهو لا يفتح أبواب الضفة الغربية كل ليلة أمام قوات الاحتلال؛ وهي تقاوم الاحتلال، هذه هي وجهة نظر العديد من الفلسطينيين العلمانيين، أو إذا كانوا متدينين، فلا يعتبرون إسلاميين، وهي أيضا وجهة نظر العديد من الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية والذين يعيشون في إسرائيل عام 1948. واستطرد "بالطبع كثيرون لايفعلون، وهناك حزب إسلامي يدعم الحكومة الإسرائيلية، ولكن الحقيقة هي أن تأثير حماس السياسي يمتد إلى ما هو أبعد من غزة نفسها، وسواء أعجبت باتل ووزارة الداخلية أم لا، فهذا هو الواقع في الضفة الغربيةالمحتلة، وهذا الدعم الأوسع يقلق المخابرات العسكرية الإسرائيلية، وتعتقد إسرائيل أنها تستطيع التعامل مع حماس في حد ذاتها كمنظمة متشددة ؛ ومن ثم، فإن المقاومة السلمية أو غير العنيفة مدعاة للقلق، هذا هو السبب في بذل جهود كبيرة من قبل فرقة استخبارات إشارات النخبة الإسرائيلية، الوحدة 8200، والشين بيت لاعتراض المحادثات في محاولة للعثور على أدوات يمكنهم استخدامها للحصول على المخبرين – تفاصيل الخيانة الزوجية والديون والمثلية الجنسية – أي شيء يمكن استخدامه لتمزيق المجتمع الفلسطيني". وواصل، باتيل والمملكة المتحدة توجهان رسالة لهؤلاء الفلسطينيين مفادها "الديمقراطية ممكنة، ما دمتم تصوتون لصالح الحزب اليميني، وما دام الحزب الذي تصوتون له موافقا على حق القوات الإسرائيلية في الإغارة على منازلكم وأسرهم وترويعهم كل ليلة، والرسالة أيضا هي أن أي خيار آخر لمقاومة الاحتلال غير مطروح، اختر اللاعنف، مثل المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات، وسيتم وصفك بمعاداة السامية، ومهما فعلت إسرائيل فلا يمكن فرض عقوبات عليها، ومهما فعلت إسرائيل، فلا يمكن محاكمتها أمام المحكمة الجنائية الدولية على جرائم الحرب، التي أدانت الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة تحقيقها الحالي".
تعميق الصراع وتساءل هيرست: إذا ما الذي يمكنك فعله بالضبط، إذا كنت فلسطينيا تعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، أو القدسالشرقية أو غزة؟ وبالنسبة للشتات الفلسطيني، وخاصة في المملكة المتحدة، فإن هذه الخطوة تبعث برسالة أكثر ضررا، وكما كان متوقعا تماما عندما جرى توسيع نطاق معاداة السامية من خلال "تعريف عملي" يتضمن أمثلة مثل اعتبار اليهود مسؤولين جماعيا عن أعمال الكيان الصهيوني، فإن قدرة أي شخص في بريطانيا على دعم القضية الفلسطينية تتضاءل. وقال هيرست "حاول إقامة معرض، وستكون أكثر صعوبة في العثور على مكان، نظم اجتماعا في الجامعة، وستتم مراقبتك بواسطة هيئة الرقابة، يمكن استهدافك على وسائل التواصل الاجتماعي كمُعادٍ للسامية وتفقد وظيفتك، الآن يمكن أيضا وصفك بأنك مؤيد لمنظمة محظورة وسجنك لمدة 14 عاما، أو فقدان جنسيتك دون أي لجوء إلى المحكمة". وأكد هيرست أنه لن يحل أي من هذا الصراع، ولن يؤدي هذا إلا إلى تعميقها، مضيفا أن باتيل فعلت شيئا ما كان بلير ليعجز عن القيام به، وذلك بسبب كراهيته للإسلام السياسي. وأشار إلى أن بلير، الذي شارك في سبع جولات من المفاوضات مع خالد مشعل، الذي كان حينها المدير السياسي لحركة حماس في الدوحة، في 2015، قال بعد عامين من ذلك، إنه يأسف لأن المملكة المتحدة ودول غربية أخرى استبعدت حماس من طاولة المفاوضات ودعمت حصار الاحتلال على غزة ، واعترف بأن المملكة المتحدة حافظت على حوار غير رسمي مع الجماعة.