أثار تعيين رباعى الوساطة للسلام بالشرق الأوسط رئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير ممثلاً للرباعية الدولية بالشرق الأوسط وهوالشخصية المُثيرة للجدل الذى ساعد فى غزو العراقوذلك بعد ساعات من ترك منصبه كرئيس للوزراء جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض، وأشار الرباعى المؤلف من الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدةوروسيا والاتحاد الأوروبى أسباب إختيارهم لبلير بأنه سيحشد المساعدات الدولية للفلسطينيين، وسيسعى لمساعدتهم على بناء المؤسسات الحكومية ووضع خطط لتعزيز التنمية الاقتصادية الفلسطينية . وسيحل بلير البالغ من العُمر 54 عاماً محل مبعوث الرباعى رئيس البنك الدولى الأسبق " جيمس ولفنسون " الذى استقال فى أبريل العام الماضى بسبب شعوره بخيبة الأمل من جراء المصاعب التى واجهها لإحراز تقدم فى المشكلة التى استعصت على الدبلوماسية قرابة ستة عقود، وقد أشاد الرباعى بجهود رئيس الوزراء السابق بلير خلال أعوام حُكمه العشرة، مُشيراً فى بيان له أن بلير أظهر على مدى زمن طويل مثابرته فى هذه القضايا وأنه سيقضى وقتاً كبيراً فى العمل فى المنطقة ليساعد فى إنشاء مؤسسات حكومية دائمة وقابلة للحياة تمثل جميع الفلسطينيين وفى بناء اقتصاد قوى وجو من النظام وسيادة القانون لدى الشعب الفلسطينى .
وقد أشاد البيت الأبيض بتعيين بلير إلا أن بعض المحللين يشككون فى قدرة بلير على كسب دعم عربى وفلسطينى كبير بسبب استخدامه قوات بريطانية فى الغزو الذى قادته الولاياتالمتحدة للعراق وروابطه الوثيقة بالرئيس الأمريكى جورج بوش، غير أن وزير الخارجية الفرنسى " برنار كوشنيه " الذى عارضت بلاده حرب العراق رحب بتعيينه كما فعل بوش الذى وصفه بالرجل المُتمكن القادر على مواصلة عمله من أجل السلام فى الشرق الأوسط .
وكان رأى حركة حماس الفلسطينية التى جنبتها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الأوروبيون بعد فوزها فى الانتخابات منذ 18 شهراً إلى تصوير بلير على أنه حليف لإسرائيل، ورأى غازى حمد القيادى بحركة حماس فى غزة أن حماس لا تتوقع أن يكون دور بلير نزيهاً فى أى قضية لها صلة بالصراع الفلسطينى الإسرائيلى أو أى قضية عربية أخرى .
ومن جانبه أشار فوزى برهوم المتحدث باسم حماس إلى أن بلير شخصية غير مرغوب فيها كمبعوث للسلام لأنه أيد إرهاب الاحتلال ومذابحه ضد الشعب الفلسطينى .
وقد أيدا الرئيس الفلسطينى محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت تعيين تونى بلير مبعوثاً للرباعية الدولية، وأوضحت إسرائيل أن بلير مُطلع للغاية على الوضع وُمدرك لأبعاده، وأنه سيمثل إضافة إيجابية للغاية لعملية السلام فى الشرق الأوسط ..
وكانت القوى الغربية قد بذلت جهوداً مُضنية لإضفاء الدور الذى يمكن أن يقوم به بلير كمبعوث إلى الشرق الأوسط فى محاولة لإحياء فرص إحلال السلام بعد سيطرة حماس على قطاع غزة، وأظهر بلير رغبته فى المنصب قائلاً إنه مُستعد من حيث المبدأ للمُساعدة فى التوصل إلى نهاية للصراع الإسرائيلى الفلسطينى .
وأقر بلير بصعوبة القيام بدور كبير فى صُنع السلام ويتضمن ذلك توجيه الفلسطينيين نحو إقامة دولة لهم بعد استيلاء حركة حماس على قطاع غزة، مُشيراً إلى أن الأولوية المُطلقة هى محاولة تنفيذ الإجماع الحالى فى أنحاء المجتمع الدولى المتمثل فى أن السبيل الوحيد لإحلال الاستقرار والسلام فى الشرق الأوسط هو الحل الذى سيقوم على أساس دولتين .
وكانت روسيا ودول أوروبية قد تحفظت على تعيين بلير مبعوثاً للشرق الأوسط، حيث اتسمت العلاقات بين لندن وموسكو بالفتور فى الفترة الأخيرة بسبب تحقيق بريطانيا فى مقتل رجل مخابرات سوفيتى سابق فى لندن .
ويرى المراقبون أن بلير سيواجه مهمة صعبة بعد توقف المباحثات الإسرائيلية الفلسطينية مند فترة طويلة وصعود حماس وتيار من الفدائيين الفلسطينيين والانتقام الإسرائيلى القاسى فى الرد ، وتريد الولاياتالمتحدة إعادة إطلاق مباحثات إقامة الدولة الفلسطينية مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى الضفة الغربيةالمحتلة، إلا أن الإسرائيليين طالبوا الفلسطينيين بكبح المتشددين أولاً من المقاومة وقاوموا ضغوط الولاياتالمتحدة لبحث موضوعات مهمة مثل مصير القدس واللاجئين الفلسطينيين والحدود .
ويرى مؤيدو بلير أنه ينتهج منهجاً متأنياً ومنظماً مُشيرين فى هذا الشأن نجاحه فى إبرام صفقة بين الطرفين الكاثوليكى والبروتستانتى فى أيرلندا الشمالية، وأشار "رينالد دالى" من معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية فى واشنطن أن تونى بلير لا يتمتع بشعبية فى هذه المنطقة من العالم العربى التى تعادى الغرب بشكل خاص، لكن هذا لا يصدق على بعض حكومات عربية أخرى .
وفى الوقت نفسه توقع خبراء وسياسيون عرب أن يفشل بلير فى مهمته الجديدة لأنه لا يتمتع بشعبية فى المنطقة وبسبب قربه الشديد من إسرائيل والولاياتالمتحدة، وأشاروا إلى أن بلير ليس لديه مصداقية تُذكر فى الشرق الأوسط لأنه شارك فى غزو العراق وعارض وقف إطلاق النار فى لبنان العام الماضى وتقاعس عن الوفاء بالكثير من الوعود بالتدخل فى الصراع الإسرائيلى الفلسطينى . 30/6/2007