في حلقة جديدة من مسلسل استيلاء سلطات الانقلاب على أموال الشعب المصري، أعلن طارق شوقي، وزير التعليم في حكومة الانقلاب، عن تخصيص مبلع 950 مليون جنيه من أجل تأمين وتعقيم لجان الثانوية العامة، والتي من المقرر انطلاق امتحاناتها الشهر المقبل. سبوبة التعقيم ويرى مراقبون أن سبوبة التعقيم ستذهب كالعادة إلى "جيش الانقلاب"، وسينضم مبلغ ال950 مليون جنيه المخصص لتعقيم لجان الثانوية العامة إلى مبلغ ال100 مليار جنيه الذي أعلن عنه قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي لمواجهة فيروس كورونا في مصر، والذي لم يشعر المواطن المصري بأي أثر له على أرض الواقع، ولم ينعكس إيجابا على الواقع السيئ للمستشفيات بمختلف المحافظات، والتي تعاني من نقص الأدوات والمستلزمات الطبية. ولم يتوقف الأمر عند الاستيلاء على مبلغ ال100 مليار المخصص لمواجهة كورونا، بل شمل أيضا الاستيلاء علي مبلغ 5 مليارات دولار من احتياطي النقد الأجنبي خلال شهر مارس الماضي، حيث أعلن البنك المركزي المصري عن استخدام 5.4 مليار دولار من الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد بشهر مارس الماضي، وأن المتبقي من الاحتياطي الأجنبي لديه هو 40 مليار دولار، الأمر الذي دفع البنك للتقدم الي صندوق النقد الدولي لطلب قرض جديد يضاف الي قرض ال 12 مليار دولار التي حصل عليها السيسي خلال السنوات الماضية. غياب أثر المليارات المخصصة لمواجهة كورونا، دفع البعض لتوجيه أصابع الاتهام للسيسي والعسكر، حيث كتب الصحفي الاقتصادي مصطفى عبد السلام، عبر صفحته بموقع فيسبوك، "أعلن السيسي عن تخصيص 100 مليار جنيه لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، ولم يعلن حتى اللحظة عن تفاصيل حزمة المساعدات، وهل هي مجرد وعد، أم سيتم إنفاقها بالفعل في شرايين الاقتصاد وجيوب ملايين الأسر المتضررة من الفيروس ولها مصادر تمويل من موازنة الدولة، كما لا يعرف المصريون ما إذا كانت العشرين مليارا التي تم الإعلان عن تخصيصها لدعم البورصة وكبار المضاربين بها من رجال الأعمال من بين أموال مساعدات مكافحة تداعيات كورونا أم لا". وأضاف عبد السلام: "في معظم دول العالم وعقب اعتماد الأموال والحزم التمويلية المخصصة لمواجهة تداعيات تفشي فيروس كورونا وتحفيز الاقتصاد وحماية الوظائف والعاطلين عن العمل، يخرج رئيس الدولة أو الحكومة ليعلن تفاصيل المساعدات وأوجه الإنفاق"، مشيرا إلى أنه "في الولاياتالمتحدة خرج دونالد ترامب ليعلن أن حزمة الإنقاذ البالغة قيمتها 2.2 تريليون دولار، ستوزع بواقع 500 مليار دولار لمساعدة القطاعات المتضررة بشدة من خلال قروض، و290 مليار دولار لمساعدة ملايين الأسر المتضررة من الوباء عبر منح 3 آلاف دولار لكل أسرة، و350 مليار دولار لمساعدة الشركات الصغيرة، و250 مليار دولار للتوسع في إعانة البطالة ودفع رواتب لمساعدة العاطلين، والذين ارتفع عددهم أمس الخميس إلى 6 ملايين، وتم تخصيص 100 مليار دولار لدعم المستشفيات والأنظمة الصحية، إلى جانب تخصيص أموال إضافية لتلبية احتياجات أخرى للرعاية الصحية. وسيحصل الموظفون على إجازة غير مدفوعة الأجر تصل إلى ثلاثة أشهر إذا خضعوا للحجر الصحي أو كانوا بحاجة إلى رعاية مرضى من أسرهم". عسكر حرامية وأشار عبد السلام إلى أن "حكومة ميركل في ألمانيا، أقرت حزمة مساعدات قيمتها 750 مليار يورو لإنقاذ فرص العمل والعاطلين والشركات المتضررة من أزمة كورونا، وتتضمن الحزمة حصول الشركات الصغيرة وأصحاب المهن الحرة، مثل الفنانين والأفراد العاملين في مجال الرعاية، على مساعدات لمدة ثلاثة أشهر، ودعم الشركات ماليا لمساعدتها في الاحتفاظ بالعمالة من خلال العمل بدوام جزئي بدلا من تسريحهم، وستحصل المستشفيات على دعم يزيد عن 3 مليارات يورو، إلى جانب عدم السماح للمؤجرين بفسخ عقود المستأجرين إذا تعثروا في السداد عبر تقديم مساعدات لأصحاب العقارات، وتعليق إجراءات مراجعة الثروة وقيمة الإيجار في حال التقدم بطلبات للحصول على إعانات بطالة، وحصول الآباء على إعانات دعم الأطفال، إضافة إلى برنامج إقراض خاص غير محدود المدى من بنك التنمية الألماني لدعم الشركات المأزومة". كما تطرق عبد السلام إلى إعلان حكومة ماكرون في فرنسا عن مساعدات بقيمة 45 مليار يورو (50 مليار دولار) لدعم الشركات والموظفين. وخصصت 300 مليار يورو لحماية الشركات من الإفلاس، كما تم الإعلان عن إعفاء الشركات من الضرائب، وإعفاء الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من دفع فواتير المياه والكهرباء والغاز والإيجارات، وتقديم النرويج مساعدات لكل العاطلين عن العمل، و100 مليار كرونة (9 مليارات يورو) للشركات المتضررة لمساعدتها على التغلب على الأزمة التي تمر بها بسبب وباء كورونا، كما تم إنشاء صندوق ضمان بقيمة 50 مليار كرونة لصالح الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وصندوق آخر للشركات الأكبر بسقف يصل إلى 50 مليارا. وتطرق عبد السلام أيضا إلى إقرار الحكومة الإيطالية مساعدات ب25 مليار يورو، لدعم الاقتصاد وحماية العائلات والعمال والمستثمرين. منها 3.5 مليارات يورو للاحتياجات العاجلة في قطاع الصحة، و10 ملايين يورو لدعم الأسر والشركات الصغيرة والمتوسطة، والباقي لدعم قطاع الصحة والشركات الطبية والمستشفيات الخاصة في المناطق الأكثر تضررا من كورونا، وتخصيص إيرلندا 3 مليارات يورو لحماية اقتصادها، بينها 2.4 مليار يورو كرواتب ثابتة للذين يقومون بالعزلة الذاتية أو الذين تم تشخيصهم بالإصابة بفيروس كورونا، و435 مليونا للصحة، وتوسيع نطاق الاختبار المنزلي والإدارة عن بعد للمرضى". ديون مستمرة من جانبه انتقد الخبير الاقتصادي، عبد الحافظ الصاوي، إثقال العسكر كاهل مصر بالديون، وكتب في مقال له، "كما ارتفعت المديونية العامة لمصر، ليصل دينها المحلي إلى قرابة 4.1 تريليونات جنيه مصري في سبتمبر/أيلول 2019، وكذلك تصاعد دينها العام الخارجي في التاريخ نفسه إلى 109 مليارات دولار، واتسعت أيضا شريحة الفقراء، جراء الإجراءات والسياسات الاقتصادية المتبعة في ظل أجندة صندوق النقد الدولي، ليكون نحو 60% من السكان في مصر، إما فقراء، أو معرضون للوقوع في الفقر". وأضاف الصاوي "دوامة الديون التي دخلتها مصر، بسبب استمرار سياساتها الاقتصادية بالتركيز على العوائد الريعية، وعدم الدخول في بناء قاعدة إنتاجية، جعلاها مضطرة بشكل رئيس للاعتماد على الديون، لتمويل احتياجاتها الأساسية، ولذلك فإن مدفوعات الفوائد على الديون، هي المخصص الأكبر بين بنود الإنفاق بالموازنة العامة للدولة، وتتصاعد بشكل مستمر، لتصل في عام 2019/2020، لنحو 569 مليار جنيه مصري (36.2 مليار دولار)، مما يشل يد صانع السياسة المالية، تجاه التوسع في تمويل متطلبات التعليم والصحة والبنية الأساسية". وتابع الصاوي قائلا: "من المؤسف أن القروض التي ستحصل عليها مصر بموجب اتفاقها المنتظر مع صندوق النقد الدولي، تحت لافتة مواجهة التداعيات السلبية لكورونا، سوف يدفع بها لسداد عجز الموازنة، وكذلك سداد بعض التزامات القروض الخارجية التي سيحل أجلها خلال عام 2020"، مشيرا إلى أنه "لا بد أن تخرج مصر من دوامة الديون، ولن يكون ذلك إلا بترشيد الإنفاق العام، والتوقف عن تمويل مشروعات التشييد غير الضرورية، وكذلك الطرق والكباري، التي لا تحتاجها مصر الآن، وحتى الأجل المتوسط، وتوجيه كافة صور التمويل لمتطلبات الإنتاج، والدخول في مشروعات إنتاجية، يمكن من خلالها دفع تكلفة التمويل، وسداد ما يتم الحصول عليه من قروض".