على مدى شهور، ضرب فيروس كورونا كل دول العالم، مخلفاً إصابات بشرية بالملايين، وقتلى بمئات الآلاف، وتصدعاً فى اقتصاديات دول كبرى. ووسط هذه الخسائر العالمية، كانت مصر على رأس الدول التى نجحت فى الحفاظ على توازنها أمام ضربات الفيروس القاتل، فلم تختل سفينة الاقتصاد المصرى، وصمد القطاع الطبى أمام عواصف كورونا العاتية. ولم يكن هذا الثبات وليد الصدفة، ولكنه كان نتيجة طبيعية لمبادرات صحية، وبرنامج اقتصادى ناجح سبقت به مصر ظهور الوباء العالمى «كوفيد-19». وتسبب الفيروس فى خسائر عالمية تجاوزت 9 تريليونات دولار، وفق تقديرات صندوق النقد الدولى وتراجع النمو فى أغلب دول العالم باستثناء 18 دولة من بينها مصر، وأكدت تقارير دولية أن مصر الدولة الوحيدة بالمنطقة التى ستحقق نمواً رغم أزمة الفيروس القاتل وأنها تفوقت فى تلك الأزمة بحسب منظمة الصحة العالمية بسبب مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى من قبل الأزمة بتعزيز الصحة العامة فى مصر، رغم كل ما أثير من شائعات حول برنامج الإصلاح الاقتصادى والمبادرات الصحية. 100 مليون صحة.. حائط صد ضد انتشار الفيروس منذ توليه مهام منصبه، يولى الرئيس عبدالفتاح السيسى صحة المصريين اهتماماً غير مسبوق ودائماً ما كان يردد أن صحة المصريين ب«عافية» وأن الاستثمار الحقيقى فى بناء الإنسان المصرى صحياً وتعليمياً، فكانت الانطلاقة الأولى والمستمرة حتى الآن وهى حملة 100 مليون صحة للكشف عن فيروس «C» والأمراض غير السارية. وبعد الكشف والعلاج بالمجان لملايين المصريين والقضاء على قوائم الانتظار، جاء فيروس كورونا، ولكنه وجد مبادرة 100 مليون صحة بمثابة حائط الصد للمصريين أمام هذا الفيروس المستجد، ويؤكد الخبراء أن هذه المبادرة كانت وراء انخفاض نسب الإصابة وارتفاع نسبة الشفاء بين المصابين بكورونا. من أهم نتائج حملة 100 مليون صحة التى يراها البعض صاحبة الفضل فى مقاومة المصريين للفيروس المستجد، أنها ساعدت أيضاً على استعداد قطاع الصحة لأزمة الفيروس، خاصة بعد زيادة مخصصات الصحة فى الموازنة العامة للدولة ونص الدستور على نسبة الثلاثة فى المائة للقطاع الصحى، ما مكنّا فى مواجهة هذا الوحش الخبيث صاحب المليون وجه المتجدد فى طفراته وجيناته. فقد شملت المبادرة 27 محافظة، فكان الاستعداد والمواجهة واحدة وتجلى ذلك فى أن اصابات كورونا تتوزع بين جميع محافظات مصر على حد سواء ودون أى ارتكازات أو بؤر وبنسبة وتناسب وفقاً لعدد السكان فى كل محافظة واختلافها من محافظة لأخرى. فحصت الحملة أكثر من 60 مليون مواطن أعمارهم أكبر من 18 سنة فى مختلف المحافظات إلى جانب الكشف عن فيروس سى بين 3.2 مليون طالب فى المرحلة الثانوية وفحص 10.7 مليون طالب آخرين فى مرحلة التعليم الأساسى للكشف عن أمراض سوء التغذية والتقزم والسمنة وتخصيص 309 نقاط مسح موزعة جغرافياً على جميع أنحاء الجمهورية للاستمرار فى استقبال المواطنين وتقديم الخدمات لغير المصريين ومن ثم فحص 24 ألف شخص أجنبى ترددوا على نقاط المسح وحصلوا على جميع الخدمات الصحية، إلى جانب توفير 41 نقطة مسح بالمنافذ الجوية والبحرية والبرية لتقديم خدمات المسح للمصريين العائدين من الخارج، ومن ثم اكتشاف أكثر من 2 مليون مواطن فى مصر مصاب بالأجسام المضادة لفيروس سى تم صرف العلاج لحوالى 900 ألف مصرى منهم. ويتفق الخبراء على أن حملة 100 مليون صحة إحدى أهم المبادرات الرئاسية التى حققت نجاحات كبيرة فى الكشف عن فيروس سى والأمراض غير السارية مثل الضغط والسكر والقلب والسمنة، وهى الأمراض التى يعانى منها ملايين المصريين وتبعها العديد من المبادرات المتلاحقة منها لمواجهة ضعف وفقدان السمع للأطفال وحديثى الولادة، وكذلك دعم صحة المرأة المصرية وطرق الكشف المبكر عن سرطان الثدى والرحم وغيرها من الأورام الشائعة التى تصيب المرأة وبناء قاعدة معلومات هامة عن الصحة الإنجابية والمرأة العاملة ومتسربى التعليم ووسائل تنظيم الأسرة، والعمل على خفض معدل الوفيات الناتجة عن سرطان الثدى عن طريق الاكتشاف المبكر للمرض. ومن المقرر أن تتسع المبادرة أكبر وأكبر خلال الفترة المقبلة لتشهد المزيد من المبادرات الجديدة ومنها الاكتشاف المبكر والعلاج للاعتلال الكلوى للكشف المبكر عن القصور الكلوى وتحديد نسب الفشل الكلوى لعمل خريطة للقصور الكلوى بالمحافظات. ويجرى حالياً إنشاء نظام مميكن لإدارة منظومة الرعاية على مستوى الجمهورية وإنشاء قاعدة بيانات لجميع أقسام الرعايات والحضانات والقوى البشرية وكذلك متابعة جودة تقديم الخدمة الصحية والسعى لإشراك المجتمع المدنى بها. وحسب تصريحات الدكتور هالة زايد وزيرة الصحة والسكان، يتم حالياً تجميع بيانات القوى البشرية الفعلية للمستشفيات وحصر أسرة الرعايات والحضانات على مستوى الجمهورية بتصنيفها إلى جانب إنشاء وتجهيز غرفة عمليات مركزية لإدارة المشروع وإعداد بروتوكول التعاقد والتشغيل مع المستشفيات الخاصة. بادر الرئيسى السيسى ومن قبل أزمة كورونا لتعزيز الصحة العامة فى مصر، والتى بدأت بحملة 100 مليون صحة صاحبة الفضل الأول فى تفوق مصر فى أزمة كورونا.. هكذا أكدت منظمة الصحة العالمية على لسان ممثلها فى مصر جون جبور، وكذلك باعتمادها منهجية تدريجية فى الكشف عن الحالات وعزلها وعلاجها وتتبع المخالطين والبدء مبكراً فى إجراءات الحد من انتشار الفيروس، حيث أشار إلى أهمية رعاية الدولة للصحة العامة للمصريين، ولحملات 100 مليون صحة المتنوعة والمتتالية والتى من أهمها الكشف عن الأمراض غير السارية إذا علمنا أن 85% من المصابين بكورونا يتعافون دون علاج وأن 13% من الإصابات هم من العاملين بالمجال الصحى، وأن 100% من المتوفين بكورونا لديهم أمراض مزمنة، وأن معدل الوفيات الناتج عن كوفيد 19 بمصر لا يزال 7.6% وأنه ووفقاً لبيانات وزارة الصحة المصرية أن 30% ممن توفوا حدث لهم ذلك قبل الوصول لمستشفيات العزل والعلاج وحتى قبل تأكيد نتائج التحاليل على حدوث الاصابة من عدمها. ولذلك وبحسب جون جبور، فإن جهود الدولة والحكومة المصرية تستحق التحية فى أزمة كورونا وما قبلها. الأمراض غير السارية التى تشمل أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والسكرى وأمراض الجهاز التنفسى المزمنة، تعتبر السبب فى 83% من حالات الوفاة، و67% من حالات الوفاة المبكرة بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، ولذلك تأتى أهمية 100 مليون صحة للكشف عن فيروس سى والأمراض غير السارية، والتى كشفت مثلاً عن إصابة أكثر من 8 ملايين مريض سكرى بمصر، ولذلك وبحسب كلام الدكتور نبيل عبدالصمد الدبركى استشارى الأمراض الصدرية وعميد المعهد القومى لبحوث الصدر والحساسية السابق بإمبابة، تمكن المصريون من صد فيروس كورونا حتى الآن، وكانت وراء رفع وعى المواطنين بشأن الأمراض غير السارية بينهم ومن ثم الرعاية والعلاج والمتابعة بل والتعايش السلمى مع بعض تلك الأمراض، ومن ثم التوازن النسبى لجهاز مناعة مرضى الأمراض المزمنة، والتى يؤكد الواقع تصدى الكثيرين منه لفيروس كورونا رغم ارتفاع النسب لمعدلات الوفاة فيما بين مصابى الأمراض المزمنة وكبار السن على وجه الخصوص، إلا أنها لا تزال ووفقاً للمعايير الدولية فى معدلها الطبيعى والتى تتوافق مع المعدلات العالمية، فمبادرة 100 مليون صحة كانت ولاتزال رائدة عالمياً ومحط أنظار العالم والمهتمين بالشأن الصحي. ويؤكد «الدبركى» امتلاك مصر لمنظومة صحية وبنية تحتية جيدة هى بالفعل قادرة على مواجهة المخاطر الصحية المستقبلية بجانب امتلاكها خبرات من الاطقم الطبية والممرضين، ولذلك وخلال السنوات الأخيرة، نجحت فى التعامل مع العديد من الأوبئة والأمراض المتوطنة مثل تجربتها فى القضاء على فيروس الكبد الوبائى من خلال حملة 100 مليون صحة، وكذلك فى القضاء على الملاريا من قبل. ويؤكد الدكتور مجدى بدران استشارى المناعة والحساسية على أن مصر من أفضل دول العالم فى نسب الشفاء من فيروس كورونا، لما اتخذته من إجراءات احترازية مبكرة لمواجهة هذا الفيروس. ويرى أنه لولا حملة 100 مليون صحة لكانت الاصابات فى مصر أعلى من الولاياتالمتحدةالأمريكية، فقد ساهمت الحملة وما تابعها من حملات فى تنبيه المصريين بالأمراض المزمنة ومن ثم تلقى العلاج وهو ما ساعد الكثيرين على مقاومة فيروس كورونا رغم اصابتهم ببعض الأمراض المزمنة مثل السكر والضغط وكل ما يندرج تحت قائمة الأمراض غير السارية والتى تبنتها أيضاً حملة 100 مليون صحة جنبنا إلى جنب مع محاربة فيروس سى، ولذلك رغم ما سيحدث من تغييرات جذرية على المستوى العالمى بعد ازمة كورونا نتيجة ارتفاع الإصابات والوفيات فى الكثير من الدول سيكون أيضاً فى مصر تغييرات لكن اقل حدة، فحملة 100 مليون صحة ساهمت فى التصدى والمقاومة لفيروس كورونا. من جانبها، أكدت الدكتورة منى قدرى، مستشار وزيرة الصحة، للتحول الرقمى وعميد كلية الدراسات العليا بالأكاديمية البحرية بالقاهرة على أن إنشاء قاعدة بيانات صحية للدولة المصرية والتى من اهمها قواعد البيانات التى تم انشائها لمبادرة حملة 100 مليون صحة ساعدت كثيراً فى مواجهة فيروس كورونا، بل والسيطرة عليه حتى الآن والحد من انتشاره. فقاعدة البيانات كانت قوية وتمت على مدار السنوات الثلاث الماضية وأوجه الاستفادة منها كانت متعددة وكان هناك استفادة كاملة للتحول الرقمى تمكنا من خلاله من متابعة الاصابات عالمياً وتحديد نسب الوفيات والشفاء وبروتوكولات العلاج وتحديد اين نحن «مصر» من كل هذا. وأضافت: التحول الرقمى وإسراع الدولة لتطبيقه تجلت فوائدها فى مواجهة كوفيد 19، مثل استكمال دور القطاع الطبى بمصر فى تقديم الخدمات الكبيرة للحد من انتشار فيروس كورونا وفى نفس الوقت مواكبة التعليم والتقدم الطبى العالمى، وفيما يخص كيفية تقديم الخدمات الطبية والتى تجلى توافقها ومطابقتها للمواصفات العلمية والقياسية فى مستشفيات العزل الطبى والحجر الصحى وأماكن تلقى العلاج. قرض صندوق النقد.. دواء لا بد منه مؤخرًا، وافق صندوق النقد الدولى على منح مصر قرض بقيمة 2.7 مليار دولار، وكانت مصو قد تقدمت بطلب للصندوق للحصول على حزمة دعم مالى وفنى جديدة، فى صورة تمويل عاجل لمدة عام وفق برنامج أداة التمويل السريع وأيضا حزمة تمويلية أخرى وفق أداة «اتفاق الاستعداد الائتمانى»، التى ستوجه لمساعدة الدولة فى مواجهة تداعيات فيروس كورونا، وفق ما صرح به رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولى. وقال رئيس الوزراء إن قطاعى السياحة والطيران تحملا الوطأة الأكبر لتداعيات الوباء، مشيراً إلى أن جزءاً من التمويل الذى تسعى الحكومة للحصول عليه من صندوق النقد سيخصص لدعم مثل هذه القطاعات حتى تنحسر تلك الأزمة. وأضاف أنه سيتم توفير التمويل أيضا للقطاعات الأخرى الواقعة تحت الضغط جراء الأزمة، لافتاً إلى أن تحرك الحكومة يأتى كإجراء احترازى يستند إلى إدراكها لطبيعة المرحلة الاستثنائية التى يمر بها العالم، والتى تفرض آثارها السلبية على الاقتصاد العالمى، ورغبة منها فى الحفاظ على مكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادى. وأكد رئيس الوزراء أن هذا التمويل ليس له أى تأثيرات سلبية على حياة المواطنين، سواء من حيث ارتفاع أسعار السلع، أو الخدمات وغيرها، لكنه يتعلق بالإصلاحات الهيكلية فقط. وشهدت عدة قطاعات اقتصادية مشكلات كبيرة منذ أزمة كورونا نتيجة الإغلاق الجزئى، مثل قطاع السياحة والذى تشير التوقعات إلى خسارة تتجاوز ال3 مليارات دولار، وهو ما دفع الحكومة للتدخل لإنقاذ هذا القطاع، بإتاحة تمويلات عاجلة له بالمليارات، وكذلك تأجيل سداد المستحقات عليه، من أجل الوقوف بجانب هذا القطاع الحيوى الذى يوفر ملايين من فرص العمل، ولمنع حدوث أزمة كبيرة تدفع فى اتجاه تسريح العمالة، وهو ما تطلب توفير وسيلة تمويل لمثل هذه الإجراءات. وشهد الاحتياطى النقدى تراجعاً بقيمة 8 مليارات دولار، ليهبط من 45 إلى 37 مليار دولار نهاية أبريل، وكذلك تراجع حاد فى إيرادات القطاع السياحى، ووقف حركة الطيران، لذلك لجأت الدولة لتعزيز احتياطى النقد لديها عبر هذا التمويل. وكانت الحكومة أصدرت حزمة قرارات لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، امتدت إلى كافة القطاعات، تتكلف 100 مليار جنيه، ثم قررت خفض أسعار الفائدة، وتأجيل ضريبة البورصة وخفض أسعار الغاز للمصانع وخفض أسعار الكهرباء، كإجراءات محفزة للنشاط الاقتصادى. من جانبها، قالت كريستالينا جورجييفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولى، إن التمويل الطارئ من خلال «أداة التمويل السريع» سيسمح للحكومة المصرية بمعالجة احتياجات ميزان المدفوعات العاجلة، فضلاً عن دعم القطاعات الأشد تضرراً وفئات المجتمع الأكثر هشاشة، وفق بيان صدر عن الصندوق. وأضافت أن خبراء الصندوق يعملون مع الحكومة المصرية لدعم سياساتها الاقتصادية الكلية القوية من خلال «اتفاق الاستعداد الائتمانى»، إلى جانب دعم جهودها لحماية المكاسب الكبيرة التى تحققت فى ظل اتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذى استمر ثلاث سنوات وتم استكماله بنجاح فى العام الماضى. وأشادت جورجييفا بتحركات مصر لمواجهة فيروس كورونا، لافتة إلى استجابة إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسى وحكومته بتحرك عاجل وحاسم لمواجهتها، باتخاذ تدابير للحد من انتشارها وتقديم الدعم للمتضررين من الأفراد ومؤسسات الأعمال، فضلاً عن تنفيذ البنك المركزى المصرى تدابير فى الوقت المناسب لدعم الاقتصاد المحلى. وأداة التمويل السريع، هى أداة لتقديم مساعدات مالية عاجلة لكل البلدان الأعضاء فى الصندوق التى تواجه موازين مدفوعاتها احتياجات ماسة، وقد أنشئت هذه الأداة فى سياق عملية إصلاح أوسع نطاقا تهدف إلى زيادة مرونة الدعم المالى الذى يقدمه الصندوق لتلبية الاحتياجات المتنوعة للبلدان الأعضاء، وتحل «أداة التمويل السريع» محل سياسة المساعدة الطارئة التى كان الصندوق يطبقها فى مجموعة واسعة من الظروف. وقال رامى أبوالنجا، نائب محافظ البنك المركزى، إن مصر تسعى للاتفاق مع الصندوق على السداد خلال 5 سنوات بفائدة ميسرة وبسيطة للغاية. وأشار أبوالنجا إلى أن الاتفاق سينقسم إلى حزمتين ماليتين، الأولى تحت اسم «أداة التمويل السريع»، والتى ستمكن مصر من الحصول على تمويل عاجل وسريع من صندوق النقد الدولى، وستتحدد قيمته فى ضوء المؤشرات الاقتصادية والإنجازات التى حققتها مصر على صعيد برنامج الإصلاح الاقتصادى، على أن تحصل مصر على التمويل العاجل على دفعة واحدة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ويتم سداد قيمة التمويل خلال أجل متوسط قد يصل إلى 5 سنوات. وأوضح أبوالنجا أن الحزمة التمويلية الثانية تتمثل فى برنامج اتفاق الاستعداد الائتمانى، وستكون مدة الحزمة سنة واحدة فقط، وستحصل مصر عليها على ثلاث دفعات على الأرجح، منها دفعة تصرف فور الاتفاق مباشرة ودفعتين آجلتين. قال الدكتور محمد بدرة، الخبير الاقتصادى، إن صندوق النقد لديه حالياً برنامجان متاحان لكل الدول التى يتضرر لديها الاقتصاد نتيجة فيروس كورونا. وأضاف بدرة أنه باعتبار مصر دولة مساهمة فى الصندوق فمن حقنا الحصول على شريحة من هذا الدعم الذى يصل قيمته 100 مليار دولار، وهذان البرنامجان قيمتهما 12 مليار دولار من هذا الدعم، وقد طلبنا شريحة منهم. وأوضح الخبير الاقتصادى أن هذا البرنامج ليس له شروط مسبقة إلا أنه يحاول تعويض الاختلالات الهيكلية فى ميزانيات الدول نتيجة تداعيات أزمة كورونا، ويختلف تماماً عن البرنامج الذى طبقته مصر خلال السنوات الثلاث الماضية، مشيرا إلى أن الصندوق وافق على القرض نتيجة نجاح مصر فى تنفيذ البرنامج السابق وتثبيت المؤسسات الدولية للتصنيف الائتمانى لمصر رغم الأزمة. وتابع: «القرض لن يؤثر على الأسعار لأن البرنامج مخصص لكل دول العالم التى تأثرت اقتصادياتها بتداعيات أزمة الفيروس، كما أنه سيعوض عدداً من القطاعات الصناعية والخدمية المختلفة فى الاقتصاد والتى تأثر دخلها نتيجة كورونا». وحول تأثير القرض على الدين المصرى، أشار بدرة إلى أن مستوى الدين العام بالنسبة للناتج المحلى فى مصر مؤخراً فى الحدود الآمنة، ونحن فى تقدم فى هذا الصدد نتيجة التزامنا فى سداد ديوننا فى مواعيدها ما يعطى اطمئناناً للدائنين وبالتالى لا خوف على الدين العام وما يقال عن عدم قدرة تسديد مصر لهذه الديون. وقال الدكتور على الإدريسى، أستاذ الاقتصاد بجامعة 6 أكتوبر، إن طلب الحكومة لهذا القرض من الصندوق جاء من أجل دعم الاقتصاد المصرى، والحفاظ على مكتسباته التى حققها على مدار الأعوام الماضية، والتقليل من تداعيات فيروس كورونا، خاصة فى ظل عدم وجود مدى زمنى محدد لنهاية أزمة كورونا فى العالم أجمع، وتأثر العديد من اقتصاديات العالم بهذا الوباء. وأوضح الخبير الاقتصادى أن الدولة دعمت الشركات والقطاعات الأكثر تضرراً من تداعيات فيروس كورونا من خلال تخصيص أكثر من 2٪ من الناتج المحلى الإجمالى لدعم الاقتصاد، مشيرا إلى أنها تحاول الاستفادة من مساعدات صندوق النقد الدولى والحصول على مساعدات مالية وفنية لدعم قوة الاقتصاد فى مواجهة تداعيات كورونا، فضلاً عن جهودها لتقليل نزيف الخسائر المستمرة فى بعض القطاعات كالسياحة والطيران والحفاظ على استقرار الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية. ولفت الإدريسى إلى أن موافقة صندوق النقد الدولى على طلب مصر تعكس ثقة المؤسسات الدولية فى قوة الاقتصاد المصرى، وقدرته على الإيفاء بالتزاماته الدولية، خاصة فى ظل النجاحات التى حققها برنامج الاصلاح الاقتصادى. وقال الدكتور فخرى الفقى، الخبير الاقتصادى ومستشار صندوق النقد الدولى السابق، إن مصر تسعى من خلال هذا القرض إلى الحفاظ على ما تم إنجازه فى برنامج الإصلاح الاقتصادى. وأضاف الفقى أنه منذ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى حققنا استقراراً مالياً واقتصادياً والآن نحصد ثمار الإصلاح ولا يمكن أن تأتى أزمة فيروس كورونا وتضيع هذه الثمار، مشيراً إلى أنه لو لم تتخذ مصر احتياطاتها حالياً ستضيع هذه الثمار هباء منثوراً. وأوضح الخبير الاقتصادى أن من أهم هذه الثمار انخفاض عجز الموازنة ووجود فائض أولى بها وزيادة احتياطى النقد الأجنبى واستقرار سعر صرف العملات الأجنبية، مشيراً إلى أن فيروس كورونا أضر بالقطاعات المدرة للنقد الأجنبى فى مصر، وأثر على معدلات النمو بالانخفاض ومن الممكن أن يهدد الاستقرار المالى لمصر بعد 3 سنوات من تطبيق برنامج إصلاح اقتصادى قوى. ولفت إلى أن من ضمن القطاعات التى تعرضت للضرر قطاع السياحة الذى يساهم بحوالى 13% من الناتج المحلى الإجمالى، كما أن تحويلات العاملين فى الخارج والاستثمار الأجنبى المباشر وغير المباشر، سيتأثرون وكلها المحركات الرئيسية التى تدر الدخل الأجنبى لمصر. وتابع الفقى، هناك 102 دولة من إجمالى 189 دولة عضو فى صندوق النقد قدمت طلبات للحصول على قروض من الصندوق، الذى وافق حتى الآن على منح القروض ل60 دولة، هى 25 دولة فقيرة و35 متوسطة الدخل. الإصلاح الاقتصادى يعزز قدرات المواجهة الشاملة نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى لمصر كان وراء تعزيز قدرات الدولة على مواجهة كوفيد 19.. هذا النجاح كان له كبير الأثر فى التعامل مع صدمة الفيروس المستجد بل وتجاوزها ووراء تثبيت التصنيف الائتمائى لمصر عند مستوى B، من قبل وكالتى «موديز وستاندرد آند بورز»، وهو ما يعنى قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها فى موعد استحقاقها وعلى مدى 6 سنوات متتالية حققت مصر معدلات نمو كانت وراء تحمل الصدمات.. بعدما نجح البرنامج فى تحقيق اعتبار الجنيه أقوى العملات أداء أمام الدولار فى الأسواق الناشئة عام 2019 وفقاً لمؤسسة «مورجان ستانلى»، ووصلت مصر لمستويات عليا فى المؤشرات التنافسية ومعدلات النمو ومواجهة البطالة، وهو ما جعل مصر الدولة الوحيدة فى الشرق الاوسط التى حققت نمواً سيظل موجباً، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولى رغم تداعيات أزمة كورونا. برنامج الإصلاح الاقتصادى ورغم تحمله لفاتورة كبيرة جداً مستمرة للآن، لمظلة الحماية الاجتماعية فقد حقق نجاحات عدة، وخلال عام 2019 على وجه الخصوص كان له الفضل الأكبر فى تحمل أزمة كورونا، فقد تحقق ارتفاع لمعدل نمو الاقتصاد إلى 5.6% خلال 2018-2019، مقارنة ب5.3% خلال 2017-2018، وكذلك حدث نمو للقطاعات الرئيسية للاقتصاد أبرزها كان للاتصالات بنسبة 16.7% والتشييد والبناء بنسبة 8.8% ولخدمات التعليم والصحة بنسبة 3.8% والزراعة 3.3% والصناعة 2.8%، كما حدث زيادة للاستثمارات العالمية والخاصة بنسبة 27.9% بإجمالى 922.5 مليار جنيه عام 2018-2019، كما حدث انخفاض لمعدل البطالة ليصل إلى 7.8% خلال الربع الثالث لعام 2019 مقابل 10% خلال الفترة نفسها فى 2018، وانخفاض معدل التضخم للحضر إلى 9.2% عام 2019 مقارنة ب14.4% خلال 2018 كما حدث زيادة لإيرادات السياحة بنسبة 26.6% لتصل إلى 12.6 مليار دولار موسم 2018-2019، مقارنة ب9.8 مليار دولار عام 2017-2018، كما حقق صافى الاحتياطات الدولية مستويات قياسية ليسجل أعلى قيمة على الاطلاق لتصل 45.42 مليار دولار نهاية ديسمبر 2019، كما تحقق فائض أولى بنسبة 2% من الناتج المحلى الاجمالى عام 2018 -2019، مقارنة ب0.1% خلال 2017-2018 بالإضافة إلى انخفاض العجز الكلى إلى 8.4% خلال 2018-2019 وانخفاض لإجمالى دين أجهزة الموازنة العامة للدولة كنسبة من الناتج المحلى الاجمالى إلى 90.5 % عام 2018-2019 مقارنة ب97.3% خلال 2017 -2018. وكان برنامج الإصلاح الاقتصادى أيضاً وراء تحقيق مصر لمراكز متقدمة فى المؤشرات الدولية، فقد تقدمت 47 مركزاً فى مؤشر شفافية الموازنة، محتلة المرتبة 63 بتقرير التنافسية العالمى خلال 2019، بعدما كانت تحتل المرتبة 110 من قبل. كما تقدمت 18 مركزاً فى مؤشر معيار التدقيق والمحاسبة، كما احتل نمو الاقتصاد المصرى المركز الثالث على مستوى العالم وفقاً لقائمة «إيكونوميست» فى الربع الثالث لعام 2019، كذلك تحسن تصنيف الائتمانى لمصر من B إلى B+، مع نظرة مستقبلية مستقرة، إلى غير ذلك من النجاحات المتعددة التى كانت وراء التصدى لأزمة كورونا. فنجاحات الاقتصاد المصرى والتى أشاد بها العالم بحسب كلام الدكتور مصطفى مدبولى والذى أكد أن الحكومة تعمل بالتوازى فى الحفاظ على الاقتصاد المصرى مع إجراءات فيروس كورونا. وتغلب الاقتصاد المصرى على آثار كورونا شهدت به مؤسسات دولية عدة، بسبب معدلات النمو المتدفقة المدعومة بتنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية منذ 2016، فضلاً عن تحسن الإطار النقدى والمصرفى، وذلك بحسب الدكتور صلاح الدين الدسوقى رئيس المركز العربى للدراسات الادارية والتنمية، والذى أكد أن تلك الإصلاحات ومن وجهة نظر المؤسسات الدولية ستبقى على السيولة الخارجية وبشكل كاف لتحمل الصدمات على الرغم من التأثير السلبى لأزمة كورونا على النشاط الاقتصادى واحتياطات النقد الأجنبى وكذلك توقعات وكالة «استاندرد آند بورز» بأن تصل نسبة الاستثمار إلى 17% من الناتج الإجمالى عام 2021 نتيجة اتخاذ الحكومة لعدد من الإجراءات بغرض زيادة الاستهلاك والاستثمار العام والخاص، ومنها قانون تنظيم التعاقدات العامة وكذلك آلية تخصيص الأراضى الصناعية فضلاً عن إجراءات دعم الصادرات، وهو ما جعل نفس الوكالة تتوقع أن يصل معدل نمو الاقتصاد المصرى إلى 3.8% خلال العام الجارى بالرغم من أزمة كورونا بعدما سجل 5.6% عام 2019 بالإضافة لتوقعات تراجع العجز التجارى إلى 11.1% كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى عام 2020 بعدما وصل إلى 12.5% كنسبة من الناتج المحلى الاجمالى فى 2019. ويؤكد الدكتور صلاح الدسوقى أنه دعماً لنجاحات الإصلاح الاقتصادى فى مواجهة أزمة كورونا، سارعت الحكومة بتبنى حزمة من الإجراءات الاقتصادية لدعم الاقتصاد لمكافحة الفيروس فى نفس التوقيت، منها ال100 مليار جنيه للمواجهة وتقديم الدعم للفئات المتضررة وعدم توقف عجلة الإنتاج مع باقى الإجراءات الاحترازية والوقائية والتى منها تأتى خطوة اللجوء من جديد إلى صندوق النقد الدولى وطلب قرض جديد والذى أرجعته الحكومة المصرية إلى الحفاظ على استقرار مؤشرات الاقتصاد المصرى وتجنباً للتأثيرات السلبية المحتملة والتى قد تعوق قدرة الاقتصاد على التعافى وعودته للنمو إلى جانب دعم ثقة السوق والحفاظ على مكتسبات ونجاحات برنامج الاصلاح الاقتصادى وهو ما تستند عليه فى طلبها للقرض الجديد من الصندوق، خاصة أنه اداة للتمويل السريع لدعم الموازنة العامة وميزان المدفوعات لتمويل السلع الاساسية وتلافى الآثار السلبية للانخفاض المتوقع من الموارد الدولارية وخاصة بعد خروج الخمسة مليارات دولار من الأجانب مؤخراً. وكانت الدكتور هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أرجعت قوة الاقتصاد المصرى فى مواجهة كورونا إلى الاقتصاد المتنوع الذى تتمتع به مصر، ورغم توقف بعض القطاعات تماماً عن العمل، إلا أن هناك قطاعات أخرى تتمتع بالمرونة استطاعت التعامل بشكل جيد مثل الصناعات الدوائية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة لتوفير مدخلات الانتاج وتعويض توقف حركة التجارة العالمية. وأشارت الدكتور هالة السعيد إلى سيناريوهات ثلاثة وضعتها الحكومة منذ بداية الأزمة فى فبراير الماضى، السيناريو الأول يشير إلى انتهاء الأزمة فى شهر يونيو المقبل بنهاية العام المالى الحالى وباحتمالية بلغت 20%، فيما أشار السيناريو الثانى إلى احتواء الأزمة بحلول سبتمبر القادم باحتمالية 50%، أما السيناريو الثالث فأشار إلى نهاية الأزمة فى ديسمبر القادم باحتمالية 30%. وأضافت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن خطة التنمية المستدامة 2021 غيرت كل مستهدفات فى إطار مواجهة كورونا مثل زيادة الخدمات الصحية بنسبة 70%، ومن ثم نجد بالموازنة العامة للدولة ومشروع خطة التنمية للعام المالى الجديد، جاءت قطاعات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية متصدرة المصروفات ب 93.4 مليار جنيه للقطاع الصحى فى أعلى معدل عن العام الجارى، ومخصصات الشئون الاقتصادية ب111.8 مليار جنيه وكذلك زيادة بنسبة 25% لقطاع الإسكان، كما جاءت الموازنة ورغم أزمة كورونا مستهدفة إيرادات ضريبية ب964 ملياراً و77 مليون جنيه، بزيادة قدرها 108 مليارات و161 مليون جنيه عن 2019-2020.