في ظل الأوضاع الاستثنائية التى يمر بها العالم كله جراء تفشي فيروس كورونا، الذي ألقى بظلاله السلبية على الاقتصاد العالمي، تحاول الدولة المصرية بكل الطرق الحفاظ على استمرار عمل القطاعات الاقتصادية وتنشيطها بالتوازي مع الإجراءات الاحترازية لمجابهة الوباء. وفي إطار احتواء الوباء وتخفيف أثره الاقتصادي، وافق صندوق النقد الدولى على منح مصر قرضا طارئاً بقيمة 2.77 مليار دولار لمساعدة البلاد على التعامل مع تداعيات فيروس كورونا، مؤكداً أن مصر شهدت تحولاً ملحوظاً قبل أزمة كورونا في إطار برنامج إصلاح اقتصادي مدعوم من الصندوق. وأنهت مصر برنامجًا للإصلاح الاقتصادي نفذته مع الصندوق في نوفمبر الماضي، واستمر لمدة 3 سنوات، حصلت بموجبه على قرض بقيمة 12 مليار دولار، وتأتي عودة مصر لصندوق النقد مرة أخرى في ظل ظروف عالمية استثنائية جراء تفشي فيروس كورونا. ويقول الدكتور مصطفي أبوزيد مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن قرض صندوق النقد مهم لمصر في ظل الأوضاع الحالية التي يعاني منها العالم كله جراء انتشار فيروس كورونا، مؤكداً أنه سيساعد على استكمال خطتها في مكافحة الفيروس وتداعياته السلبية. ويضيف أبوزيد ل"الوطن"، أن قرض الصندوق يساهم بقوة في استقرار الاقتصاد وصموده في مواجهة الأزمات، مشيراً إلى أن مصر تعاملت باحترافية في إدارة أزمة كورونا حيث حققت معادلة صعبة في الحفاظ على معدلات الإنتاج بالتزامن مع إجراءات مواجهة الوباء. ويشير إلى أن قرض صندوق النقد يحافظ على الاحتياطي النقدي الذي يعد حائط الصد الأول في هذه الأزمة بعد توقف حركة الطيران وقطاع السياحة وتراجع تحويلات المصريين بالخارج. وبحسب الأرقام الرسمية، تضررت احتياطات مصر من النقد الأجنبي مع هبوطها بنحو 10% إلى نحو 40 مليار دولار في نهاية مارس الماضي. وفي السياق ذاته، تقول الدكتورة بسنت فهمى عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، إن قرض صندوق النقد سيساند الدولة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها العالم جراء تفشي فيروس كورونا، ويساهم في استكمال مسيرة الإصلاح وتنفيذ خطط الوقاية من الوباء ومعالجة تداعياته على الاقتصاد. وتضيف فهمي ل"الوطن"، إن مصر لجأت لهذا القرض من أجل تغطية الاحتياجات التمويلية المتزايدة حاليًا، بخاصة في ظل نقص موارد النقد الأجنبي بعد توقف تحويلات المصريين في الخارج وحركة السياحة وقطاع الطيران ونقص عوائد قناة السويس وعوائد الغاز والبترول وحصيلة الصادرات وغيرها. وترى أن طلب مصر قرض الصندوق كان ضرورياً في ظل الظروف الحالية حيث انخفض النموالاقتصادى لنحو 5.4%، ومع استمرار تداعيات الأزمة من المتوقع أن يصل إلى 4.5%، كما أن الاحتياطى من النقد الأجنبى خسر 5.4 مليار دولار. وتشير فهمي إلى أنه في ظل الإغلاق الذي يعيشه العالم بسبب أزمة كورونا، فإن مصر مثلها مثل باقى الدول ستتأثر، وجاء قرض الصندوق ليساعد في الحفاظ على الاقتصاد والتغلب على الأزمة ولن يكون له أي تأثيرات سلبية على المواطن. وبدوره، يقول الدكتور فاروق سوسة الخبير الاقتصادي، أن البنك المركزي أبقى على ثبات الجنيه خلال الأسابيع الأخيرة باستخدام بعض احتياطياته من النقد الأجنبي في ظل أزمة فيروس كورونا التي ضربت الاقتصاد العالمي. ويضيف سوسة ل"الوطن"، إن مصر ستركز في الوقت الحالي على الإبقاء على ثبات الجنيه، ولا توجد مخاوف من أن يزيد الضغط على الجنيه باتفاق تمويل صندوق النقد الدولي. ويشير إلى أن هناك مخاوف من أن برنامج صندوق النقد الجديد ربما يتطلب مرونة أكثر للجنيه في الأجل المتوسط، لكن الأدلة تشير إلى أن استقرار الجنيه وبرنامج من الصندوق لا يتعارضان مع بعضهما البعض. ومن جانبها، تقول الدكتورة عالية المهدى، العميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن قرض صندوق النقد الدولي يدعم الاحتياطي النقدي بعد أن تلاشت مصادر مصر من النقد الأجنبي بعد توقف قطاع السياحة وتحويلات المصريين من الخارج وانخفاض حجم الاستثمارات الخاصة. وتضيف المهدي ل"الوطن"، أن الوضع الراهن صعب للغاية وهذا القرض سيكون مهما لمصر لاستكمال خطتها في مواجهة فيروس كورونا، وفي نفس الوقت استمرار الإنتاج والحفاظ على الاقتصاد في ظل الأزمة التي تواجه الاقتصاد العالمي جراء استمرار انتشار الوباء. وترى المهدي أن الاقتصاد العالمي يمر بظرف طارئ والجميع يبحث عن حلول ومساعدات للخروج من الأزمة، ومن الطبيعي أن تطلب مصر هذا القرض من صندوق النقد على الرغم من أنه سيؤدي لأعباء إضافية على الموزنة العامة، مطالبة بتنشيط الاقتصاد عن طريق الحفاظ على قوة العمل وزيادة الإنتاج فى الزراعة والصناعة لتقليل الواردات وزيادة التصدير للخارج.