كشف البنك المركزي المصري عن فضيحة من العيار الثقيل، حيث تم نهب 5.4 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي خلال شهر مارس الماضي تحت ذريعة مواجهة انتشار فيروس كورونا، ما يهدد بانهيار الأوضاع الاقتصادية وإفلاس مصر، خاصة مع تزايد الديون الخارجية إلى أكثر من 109 مليارات دولار، وتراجع عائدات السياحة وقناة السويس والعمالة المصرية في الخارج بجانب تراجع الصادرات بصورة غير مسبوقة. كان البنك المركزي قد زعم، في بيان صحفي له، أن الاحتياطات وجهت لتغطية احتياجات السوق المصرية من النقد الأجنبي وتغطية تراجع استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية، وضمان استيراد سلع استراتيجية، وسداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية للدولة. وادعى “المركزي” أنه بهذا تأكد أن التزايد القياسي الذي تحقق للاحتياطي النقدي الأجنبي عبر السنوات الثلاث الماضية ووصوله إلى ما يزيد على 45 مليار دولار كان أحد أسس ثبات واستقرار الاقتصاد المصري، وقدرته على تحمل أكبر الصدمات التي تعانى منها أكبر الاقتصاديات العالمية، زاعمًا أنه رغم التغيير الذي حدث في شهر مارس، إلّا أن الاحتياطي قادر على تغطية واردات لمدة 8 أشهر. مرحلة الخطر يشار إلى أن الأدبيات الاقتصادية تعارفت على أن يتوفر للدول في الوضع الطبيعي رصيد من الاحتياطيات الأجنبية يغطي احتياجات 6 أشهر، وأنه إذا وصل إلى ما دون احتياجات 3 أشهر، فهذا يعني الوصول لمرحلة الخطر. كما أن استمرار الزيادة في قيمة فاتورة الواردات دون أن تقابلها زيادة في قيمة الصادرات، ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، وتعرض الشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة للسقوط في الشرائح العليا من الطبقة الفقيرة. ويتطلب هذا مزيدا من الرقابة الحكومية على الأسعار، إذ إن الأمر يستتبعه زيادة في الأسعار، ولكن هناك من يستغلون هذه الظروف ويغالون في قيمة المنتجات، ولا يراعون فترة الدورة الاقتصادية لحركة واردات جديدة طبقًا للأسعار الجديدة، والتي بدورها تستغرق نحو ثلاثة أشهر. ومن شأن الضغوط التي سيخلقها تراجع الاحتياطي على سعر الصرف، أن تزيد تكلفة مدخلات الصناعة المحلية، التي تعتمد على مستلزمات إنتاج مستوردة، مما يضعف الموقف التنافسي لهذه الصناعات محليًا ودوليًا، والمرشح بقوة بالنسبة لهذه الشركات، أن تتحول من مجال الصناعة إلى التجارة. 5 مؤشرات ويؤكد خبراء الاقتصاد أن سيناريو تراجع احتياطي النقد الأجنبي مقروء منذ فترة، ولكن تبقى طرق معالجته، خاصة في ضوء تراجع تدفقات النقد الأجنبي، وبالتالي ليس أمام مصر اللجوء للاقتراض الخارجي. وقالوا إن هذا تبقى مشكلته في أمرين، الأول ارتفاع تكلفة الاقتراض، أو الإقدام على مزيد من إصدار السندات الدولية، وهذا في ضوء تراجع احتياطي النقد، ومؤشرات اقتصادية أخرى، قد يرفع من تكلفة التمويل على السندات لنحو 7.5%، وهو ما يعني أن الدين الخارجي لمصر مرشح لزيادات كبيرة، قد تؤدى إلى انهيار الاقتصاد المصري. وكشف تقرير اقتصادي عن 5 مؤشرات على دخول الاقتصاد المصري مرحلة الخطر، وحدد التقرير هذه المؤشرات فى ارتفاع الديون الخارجية وتراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي والتوجه المستمر نحو الاقتراض من البنك الدولي، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية في دول الخليج التى كان قائد الانقلاب الدموى عبد الفتاح السيسي يحصل منها على “أشولة الرز” وقالت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، إن تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي المصري يؤثر سلبا على التصنيف الائتماني لمصر . وأشارت “موديز”، في تقرير لها، إلى أن تراجع الاحتياطي النقدي يرجع إلى أن ميزان المدفوعات المصري ما زال يعتمد على مساعدات الجهات المانحة، وهو ما من شأنه التأثير سلبا على التصنيف الائتماني لوضع السيولة النقدية الأجنبية في مصر. وكشفت عن أن الدعم الذي قدمته كل من الكويت والسعودية والإمارات للعسكر فى السنوات الأولى للانقلاب أسهم في رفع الاحتياطي النقدي المصري. وتوقعت “موديز” استمرار العجز في الميزان التجاري المصري، نتيجة تراجع الصادرات المصرية، خاصة الصادرات النفطية بسبب تراجع أسعار البترول عالميا. صناديق الاستثمار من جانبه زعم مصدر مسئول بوزارة المالية بحكومة الانقلاب، أن تآكل الاحتياطي النقدى يأتي بسبب سداد مستحقات نسبة من صناديق الاستثمار التى تخارجت من أدوات الدين المحلية بواقع 4 مليارات دولار وقت الأزمة، لافتا إلى أن رصيد تلك الاستثمارات حاليا يتراوح بين 19و20 مليار دولار. وقال المصدر، إن هذا التخارج المحدود جاء بسبب تحقيق تلك الصناديق خسائر ضخمة فى أسواق المال العالمية فتخارجت من السوق المحلية التى حققت بها ربحية عالية، الأمر الذى يدعم محافظها ويخفض من خسائرها. وقال الدكتور هشام إبراهيم، باحث اقتصادي، إن انخفاض احتياطي النقد الأجنبي قد يقلص وارادات الخامات الصناعية الوسيطة اللازمة لتشغيل المصانع المحلية في حالة عجز المستثمرين عن توفير النقد الأجنبي اللازم للاستيراد. وتوقع إبراهيم، في تصريحات صحفية، ارتفاع أسعار السلع المستوردة في الأسواق خلال الأيام القليلة المقبلة، ما يرفع من معدلات التضخم. وطالب بضرورة السيطرة على الواردات وحظر استيراد السلع والمحاصيل غير الضرورية، والاهتمام بالتصدير لإنعاش احتياطي النقد الأجنبي. وقال إن تراجع احتياطي النقد الأجنبي يرجع لعدة عوامل، من أهمها انهيار القطاع السياحي بسبب وباء كورونا، وتوقف الإنتاج فى عدد من القطاعات . وقال حسن حسين، رئيس لجنة البنوك والبورصة بجمعية رجال الأعمال، إن أزمة تفشي فيروس كورونا أثرت سلبا على اقتصاديات معظم دول العالم، بسبب الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدول لمواجهة هذه الجائحة. وطالب حسين، في تصريحات صحفية، نظام العسكر بأن يتحرك فى عدة اتجاهات لمنع تآكل الاحتياطي النقدى وضبط إيقاع الاقتصاد، أهمها الاستفادة من الحزم التمويلية التى أعلنتها المؤسسات المالية العالمية للأسواق الناشئة. وأشار إلى أن صندوق النقد الدولي وضع برنامجا للدعم المالي السريع، لدعم الدول في مواجهة الفيروس القاتل ومساعدتها في اتخاذ القرارات دون تردد، وقد وضع الصندوق برنامج الدعم المالي بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، لارتباط الأزمة بصحة الإنسان. وأوضح أن مبلغ الدعم الذي يقدمه البرنامج للدول، يتراوح بين 50 إلى 100 مليار دولار، مؤكدا أن 85 دولة سارعت لتقديم طلب للصندوق للاستفادة منه، وتتم الموافقة عليه بسرعة كبيرة. وأشار حسين إلى ضرورة أن تستفيد دولة العسكر من هذا البرنامج العاجل الذي وضعه صندوق النقد الدولي بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لإنقاذ الاقتصاد العالمي، وحماية صحة الإنسان للقضاء على هذا الوباء .