وزير التعليم العالي يؤكد أهمية تنوع الأنشطة الطلابية لذوي الإعاقة بالجامعات    محافظة الدقهلية تواصل فعاليات دمج أطفال دور الرعاية بالمجتمع (صور)    أسعار البيض اليوم الجمعة بالأسواق (موقع رسمي)    قمة مصرية روسية اليوم بموسكو لتعزيز العلاقات في مختلف المجالات    لأول مرة.. بابا الفاتيكان أمريكيا| وترامب يعلق    خلافات عميقة وتهميش متبادل.. العلاقة بين ترامب ونتنياهو إلى أين؟    ريال مدريد يستعد لإعلان تنصيب ألونسو خلفًا ل أنشيلوتي    إحباط محاولة غسل 50 مليون جنيه من تهريب المخدرات وضبط عنصرين أجنبيين بمدينة نصر    5 حالات اختناق بمنزل وحادث اعتداء على سوداني بالجيزة    ضبط عناصر إجرامية بحوزتهم مخدرات بقيمة 3.5 مليون جنيه    عرض فيلم "Only the River Flows " بمكتبة مصر الجديدة العامة    بوتين: روسيا ستبقى قوة عالمية غير قابلة للهزيمة    وفد «محلية النواب» يتفقد الخدمات الصحية لمستشفى الناس بشبرا الخيمة (صور)    احتفالات روسيا بالذكرى ال 80 للنصر العظيم..حقائق وأرقام    مصلحة الضرائب: 1.5 مليار وثيقة إلكترونية على منظومة الفاتورة الإلكترونية حتى الآن    فاركو يواجه بتروجت لتحسين الوضع في الدوري    ماركا: تشابي ألونسو سيكون المدرب الجديد لريال مدريد    إنفانتينو يستعد لزيارة السعودية خلال جولة ترامب    وزير الري: سرعة اتخاذ قرارات طلبات تراخيص الشواطئ تيسيرا ودعما للمستثمرين    وزير الإسكان: بدء تنفيذ مشروع «ديارنا» السكني بمدينة القاهرة الجديدة    جدول امتحانات خامسة ابتدائي الترم الثاني 2025 بالقليوبية «المواد المضافة للمجموع»    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني للطلبة المصريين في الخارج غدا    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    وزير المالية: الاقتصاد المصري يتحرك بخطى جيدة ويوفر فرصًا استثمارية كبيرة    مروان موسى ل«أجمد 7» ألبومى الجديد 23 أغنية..ويعبر عن حياتي بعد فقدان والدتي    حفيدة الشيخ محمد رفعت: جدى كان شخص زاهد يميل للبسطاء ومحب للقرآن الكريم    الجيش الأوكراني: تصدينا خلال ال24 ساعة الماضية لهجمات روسية بمسيرات وصواريخ    اقتحام مستشفى حُميّات أسوان بسلاح أبيض يكشف انهيار المنظومة الصحية في زمن السيسي    الهيئة العامة للرعاية الصحية تُقرر فتح باب التقدم للقيد بسجل الموردين والمقاولين والاستشاريين    «دمياط للصحة النفسية» تطلق مرحلة تطوير استثنائية    افتتاح وحدة عناية مركزة متطورة بمستشفى دمياط العام    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    أحمد داش: الجيل الجديد بياخد فرص حقيقية.. وده تطور طبيعي في الفن    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    الأهلي يتفق مع جوميز مقابل 150 ألف دولار.. صحيفة سعودية تكشف    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    طلب مدرب ساوثهامبتون قبل نهاية الموسم الإنجليزي    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة رجال المخلوع للمشهد السياسي.."ثورة يناير للخلف در"

· ترويج رجال "الوطني المنحل" للوثيقة السوداء يشعل ثورة الشعب ضد الانقلابيين
· رموز النظام الفاسد يسعون إلى الحفاظ على نفوذهم ومصالحهم ومراكزهم في النظام الانقلابي
· رجال مبارك عادوا للدفاع عن وجودهم بتأييد وثقية الدم لأنها حذفت العزل السياسي
· الانقلابيون يعيدون ترزية القوانين لتحقيق مصالحهم وأهدافهم في ظل دولة اللاقانون
· عبد السلام نوير: عودة رجال المخلوع يكشف الوجه الحقيقي للانقلاب والثورة المضادة
· شيماء بها الدين: الانقلاب جاء على ثورة يناير وإرادة الشعب وكل ما أتت به
كتبه - الحرية والعدالة
عاد رجال ورموز نظام المخلوع مبارك والحزب الوطني المنحل لتصدر المشهد السياسي والإعلامي من جديد في إطار مشاركتهم وتدشينهم لحملات تأييد الوثيقة الانقلابية السوداء المسماه بالدستور، وظهروا بقوة في مؤتمرات وندوات وفعاليات حملات تجوب المحافظات وبالصعيد والدلتا وبلافتات تملأ الشوارع للحشد ب"نعم" على وثية الدم.
عودة رجال المخلوع مرة أخرى اعتبره خبراء سياسيون أمرًا متوقعا بعد انقلاب 30 يونيو، حيث إن هؤلاء عادوا للدفاع عن وجودهم ومصالحهم داخل النظام الانقلابي، وسعيهم إلى الحفاظ على نفوذهم ومراكزهم وتمكينهم من المؤسسات القادمة، خاصة بعد حذف مادة العزل السياسي وسجن جميع المنافسين الشرفاء من رافضي الانقلاب بما يؤسس لتواجدهم بشخوصهم.
وأوضحوا أن عودة رموز الحزب الوطني المنحل تكشف أن قادة الدولة العميقة انحنوا لفترة مؤقتة ثم عادوا لينتقموا بشراسة من ثورة يناير ورموزها وسجنهم وتشويهم ليحلوا محلهم بعملية إحلال ممنهجة عادت بنا لنقطة الصفر، لتبدأ الثورة من جديد طريقها نحو استعادة الحرية والكرامة والديمقراطية والشرعية المغتصبة من العسكر الانقلابيين بقوة السلاح.
حتى لا ننسى
جاء أول ظهور لفتحي سرور -رئيس مجلس الشعب الأسبق- ليمجد مزايا وثيقة الانقلاب المسماه بالدستور وتكريسها لدولة القانون ويكرر الخطاب نفسه مفيد شهاب وزير شئون المجالس النيابية في عهد المخلوع، وأحمد الفضالي منسق تيار الاستقلال المؤيد للانقلاب، واللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية السابق، ورجل الأعمال هاني سرور.
وبالرغم من أن فتحي سرور وأحمد الفضالي كانا متهمين بموقعة الجمل التي قتل وأصيب فيها العشرات من الثوار بميدان التحرير، إلا أنهما حصلا على البراءة وعادا ومعهما آخرون من قيادات الحزب الوطني المنحل للتسويق لدستور العسكر.
يذكر أنه في إبريل 2011 قرر المستشار محمود السبروت، قاضي التحقيق مع الدكتور أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، في تهمة التحريض على ضرب المتظاهرين يوم 2 فبراير الماضي في "موقعة الجمل" تجديد حبس سرور 15 يومًا على ذمة التحقيق، بتهم الاتفاق بالاشتراك والمساعدة مع آخرين من قيادات الحزب الوطني المنحل لدفع آلاف من البلطجية وضباط وأفراد في الشرطة للهجوم على المتظاهرين في ميدان التحرير لإخراجهم بالقوة، وهو ما أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة أدت إلى مقتل العشرات من المتظاهرين. وأفادت التحريات التي أعدتها لجنة تقصي الحقائق، وجهات رقابية ذلك، ثم لاحقا تم تبرئتهم!
وكان فتحي سرور، قد حبس، 15 يومًا على ذمة التحقيق في اتهامه بتضخم ثروته بطريقة غير مشروعة، وبطريقة لا تتناسب مع دخله كرئيس لمجلس الشعب المنحل الذي حل لأنه جاء بعد تزوير الانتخابات في 2010.
وعاد فتحي سرور ليروج لوثيقة الانقلاب في أول ظهور علني له بعد 30 يونيو وذلك بمؤتمر في بداية يناير 2013.. ليقول: "إننا مقبلون على حدث مهم في تاريخ مصر وهو الاستفتاء على الدستور.. ونحن أمام وثيقة دستورية تسجل أن الشعب مصدر السلطات وتقوم على الحريات والحقوق وقضاء مستقل ومحايد يحمي كل ما تقدم". و"أنه سعيد بدستور يعلي سيادة القانون".. على حد قوله.
أما رجل أعمال من رجال المخلوع مبارك هو "هاني سرور" فيعود للحياة السياسية بحملة لدعم الدستور باللافتات وكان "سرور" نائب بمجلس الشعب عن الحزب الوطني المنحل عن دائرة الأزبكية سابقًا، ويمتلك شركة "هايدلينا ميديكال" للمستلزمات الطبية، وسبق أن تعرض هاني للتحقيق والمحاكمة بسبب قضية أكياس الدم الملوثة سنة 2007، حيث حكم عليه بالسجن 3 سنوات.
بدوره امتدح د. مفيد شهاب -القيادي بالحزب الوطني المنحل والوزير السابق بحكومة مبارك- وثيقة الانقلاب في مؤتمر له وبندوة أخرى لمناقشة الدستور الانقلابي، وقال إنه يؤكد اهتمام الدولة بحقوق الإنسان، على حد قوله.
كما شارك اللواء أحمد جمال الدين -وزير الداخلية السابق- بحملات للترويج لوثيقة الانقلاب منها ما عقده حزب "المؤتمر" و"جبهة مصر بلدي" في عدة أماكن منها الأقصر وقنا ومعه الصحفي مصطفى بكري، ومفتي الجمهورية السابق علي جمعة.
وفي 13 ديسمبر 2013 دشن المستشار أحمد الفضالي –أحد المتهمين في موقعة الجمل ورجل نظام مبارك والمنسق العام لتيار الاستقلال- إطلاق حملة لتأييد الدستور الانقلابي تحت شعار "نعم للدستور" تساوي نعم لثورتي 25 يناير و30 يونيو، على حد زعمه، وتتضمن عقد نحو 360 مؤتمرا للتوعية بالدستور في عدد من مدن ومحافظات الجمهورية، كما أعلن عن تشكيل ما وصفه بأكبر جبهة وطنية والتي أعلن عنها لاحقا باسم "جبهة مصر بلدي".
وضمن الفعاليات عقد الفضالي مؤتمرا بالسويس في يناير الجاري، قال فيه إنه ينحاز للنظام الفردي وطالب بإجراء الانتخابات الرئاسية أولًا قبل البرلمانية، وقال إن الرئيس المدنى لمصر لا يتعارض مع أن يكون المرشح عسكريًا، على حد زعمه.
تشكيك في الثورة
وحول حملات الفلول ورجال المخلوع حسني مبارك لتأييد وثيقة الانقلاب ومخاطر ذلك، أكد الدكتور عبد السلام نوير -أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط- أن فتحي سرور وأحمد الفضالي كانا متهمين في قضية "موقعة الجمل" ولكن القضاء برأهما، ومما لا شك فيه أنهما من رموز النظام السابق الذي قامت عليه ثورة يناير، والذين عادوا عن طريق تدشين حملات للترويج لدستور الانقلاب بطرق متعددة بمؤتمرات وحملات وندوات، وهذا متوقع منهم لأنهم يدافعون عن استمرار نفوذهم ووضعهم الحالي والمستقبلي.
وأضاف "نوير" أن المشكلة الأكبر هي قيام رجال المخلوع بالتشكيك في الثورة نفسها ووصفها بأنها مؤامرة وبتمويل أمريكي وأنها من حروب الجيل الرابع للطعن في ثورة يناير، مما يوجد تناقضا جديدا فهؤلاء الفلول كتبوا لافتات بأن التصويت بنعم يعني نعم لثورة 25 يناير و30 يونيو وبعد فترة بدأت حملة ممنهجة لتشويه ثورة يناير ورموزها والثوار الذين شاركوا فيها.
واعتبر أن عودة رموز نظام المخلوع مبارك من الصف الأول لتأييد دستور الانقلاب والترويج له حدث طبيعي لأن "30 يونيو" وما تلاها هو عودة لدولة مبارك ورجاله ونظام ما قبل الثورة مجددا، بل لما هو أسوأ، وفي ركاب ذلك نجد كل الإجراءات تسير في ركابها، فقد خرجوا براءة غير مدانيين قضائيا وأصبح المدان الذي يتم ملاحقته وحبسه بالسجون ومعاقبته قضائيا هم من ثاروا على نظام المخلوع مبارك.
وتابع: "بالتالي يعد تأييد رجال مبارك لوثيقة الانقلاب وكل إجراءاته استمرار لاستراتيجية (للخلف در) التي أدار بها المجلس العسكري والدولة العميقة البلاد حتى الانقلاب على الرئيس الشرعي، والسبب الرئيسي لتأييدهم لها لأنها نقلتهم من حالة الخوف وانتظار عقوبة إلى أن أصبحوا أحرار طلقاء وتمكنوا ثانية من مفاصل الدولة.
ووصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط، عودة هؤلاء بهذا الشكل للصدارة لا يمثل فقط خطورة بل هو أسوأ ما تعيشه مصر الآن، وقد اتضح وضوح الشمس أن هناك معسكرين وعملية فرز واضحة للثورة والثورة المضادة، واتضح تماما أنه حتى بعض ممن توافقوا فيما سمي "30 يونيو" بدأت عناصر منهم يتم التنكيل بهم وزجهم في السجون من نشطاء وشباب ثورة يناير، والفرز الواضح أن قيادات الدولة العميقة عادت لتنتقم وتقوم بعملية انتقامية من شباب الثورة ورجالها ومن دستور البلاد وتزج بهم في السجون والمعتقلات.
وحذر من أن استمرارية الانتقام من ثورة يناير وثوارها وسوء الأوضاع يجعل قطاع من الشعب يكفر بالعملية الديمقراطية ذاتها، متوقعا عزوفا واسعا عن أي استفتاءات أو انتخابات تجريها سلطة الانقلاب الدموي، لأن الناس وثقوا بالديمقراطية الوليدة وتنامت الثقافة السياسية لديهم، ولكن الانقلاب أحدث لديهم انتكاسة، متوقعا أن الاستفتاء لن يخرج فيه إلا من له مصالح مباشرة أو غير مباشرة مع شبكات مصالح الدولة العميقة، متوقعا عودة طريقة رجال الأعمال في الحشد واستغلال العصبيات.
ويرى "نوير" أن المسرح الآن يُعد لتمكين رجال المخلوع من مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية وأن المشهد يعد لمرحلة ما بعد الاستفتاء عن طريق إقرار النظام الفردي لثلثين على الأقل، ونزول رجال المخلوع مبارك مستقلين بحيث لا يتشكل في البرلمان كتلة واحدة تلزم رئيس الدولة برئيس وزراء بعينه وهذا مقصود.
ولفت إلى أنه على التوازي مع عودة رموز نظام المخلوع للصدارة وللمشهد السياسي والإعلامي يتوارى رموز أخرى ممن أيدوا تظاهرات 30 يونيو وأصبحوا خارج الكعكة وينظر لهم بريبة لأن الثورة المضادة عادت لتنتقم بشراسة من الجميع حتى من أيدوا الانقلاب، كذلك انكشف حقيقة عمرو موسى وحمدين صباحي ولن يثق بخطابهم أحدا بعد اليوم هم وبعض أدعياء المدنية.
ونبه "نوير" إلى أن هؤلاء جزء من الدولة العميقة التي فأجأتها الثورة وكل ما فعلته قيادات الدولة العميقة انحناء مؤقت لما اعتبروه عاصفة، ثم تم التضحية بفرع واحد فقط متمثل في مبارك والحفاظ على الجذور وباقي الفروع للنظام نفسه، ومن الواضح أن القوات المسلحة نظرت لثورة يناير بتعاطف ما فقط لحين إنهاء موضوع التوريث وليس أكثر وما تجاوز ذلك اعتبرته تهديدًا لها وللدولة ولكبار رجالاتها وهم جزء منها.
وحذر أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط، من أن الأخطر من خطاب الترويج للاستفتاء بلسان رجال المخلوع هو خطابهم المشكك في ثورة يناير بعملية ممنهجة لملاحقة قياداتها ورموزها تجري على قدم وساق ولذلك نجد رموز نظام المخلوع يعودون وبقوة في المقابل، ولم تتم إدانتهم قضائيا، ويتم الترويج الآن كأن ثورة لم تقم في إطار تزييف وقلب الحقائق وكأن الثورة قامت ضد الإخوان وليس ضد فتحي سرور وجمال وعلاء مبارك، ورجال الوطني المنحل، مما يعد تشويه متعمدا فما أرادته المؤسسة العسكرية تنحي مبارك وما عدا ذلك غير مسموح به ووضعت نقطة ومن أول السطر، وأدارت الأمور بطريقة المشي في المكان ثم طريقة للخلف در ورجعنا لنقطة ما تحت الصفر.
انقلاب على الثورة
من جانبها ترى شيماء بهاء الدين -الباحثة المتخصصة في العلوم السياسية- أن ظهور أبرز وجوه نظام المخلوع مبارك وعلى رأسهم فتحي سرور ومفيد شهاب دليل جديد على حقيقة الثورة المضادة التي بدأ الترتيب لها قبل 30 يونيو 2013، وإن لم تظهر هذه الوجوه حينها كجزء من خداع الرأي العام، فالانقلاب كان انقلابًا على ثورة 25 يناير، وإرادة الشعب المصري بكل ما أتت به.
وأضافت "بهاء الدين" أن السماح بظهور هؤلاء الآن يتكامل مع عدد من المشاهد أبرزها ترديد بعض وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب أن ما حدث في 25 يناير ما كان إلا مؤامرة على مصر، فضلا عما توازى مع ذلك من بث مكالمات قيل أنها تخص بعض النشطاء السياسيين بغرض تشويههم برغم دعم عدد منهم للانقلاب، وأن هذا يدل على رغبة سلطات الانقلاب في القضاء على أي أثر يمُت للثورة من قريب أو من بعيد، فقد استخدمت سلطات الانقلاب هؤلاء النشطاء لفترة كقناع ولكنها الآن تكشف عن وجهها الحقيقي بملامحه القمعية الفلولية.
وتابعت أنه من الملاحظ أن ظهور مثل هذه الرموز من النظام الفاسد هو تمهيد لعودة ترزية القوانين بما يتسق مع السياسات الراهنة التي تضرب عرض الحائط بأبسط قواعد دولة القانون، حيث تصادر أموال الجمعيات الخيرية وتوزع الاتهامات دون أحكام قضائية، وبالتالي فلعل الهدف تلميع مثل تلك الشخصيات مقابل المشاركة في التلاعب بالقوانين والإجراءات.
وأشارت -الباحثة المتخصصة في العلوم السياسية- إلى أنه من أغرب الأمور أنه يسمح لهؤلاء بعقد الندوات والمؤتمرات فقط لمجرد أنهم يدعون للتصويت ب"نعم" لوثيقة لجنة الخمسين الانقلابية الباطلة، في الوقت الذي تمنع فيه المراكز البحثية بالجامعات من عقد الندوات العلمية وينبه على الأساتذة بعدم المشاركة في مؤتمرات حول موضوعات معينة، ولا شك أن أفراد نظام مبارك هم أكثر المؤهلين للدفاع عن وثيقة الانقلاب، وهي التي حذفت مادة العزل السياسي لهم جراء ما اقترفوا من إجرام في حق الوطن.
وأوضحت أننا أمام بروز ثلاثي الأبعاد لنظام مبارك: قانوني، إعلامي، اقتصادي. ورغم ما يثيره هذا الظهور من قلق، إلا أنه يدل على أن سلطات الانقلاب قد ضاقت بها السبل ولم تجد سوى الكشف عن وجهها القبيح، والعودة إلى مخاطبة القواعد التقليدية للحزب الوطني بعد الفشل في كسب تأييد غالبية الشعب المصري.
ولفتت "بهاء الدين" إلى إنه بالنظر إلى مضمون ما يروج له هؤلاء الفلول وتوضيحه للرأي العام هو أمر في غاية الأهمية، لما يحتويه خطابهم من تدليس وتلبيس على الناس، سواء فيما يتصل بالشئون الداخلية أو الخارجية، وأن كشف زيف ما يقولون سيكون وبالًا عليهم.
ومن الأمثلة على ذلك بحسب "بهاء الدين": الترويج لنظام الانتخاب الفردي، والمعروف أن ذلك يصب في صالحهم حيث ما اعتادوا عليه من قبل، وما يتيحه هذا الأسلوب من سهولة استخدام الرشاوى الانتخابية لاسيما في ظل تغييب المنافسين من الإسلاميين، هذا بجانب أنهم يروجون عن وثيقة دستور الانقلاب أمور ليست بها، خاصة ما يتصل بحقوق العمال والفلاحين وغيرهم ممن خُصم من حقوقهم لصالح من يعودون من رجال أعمال المخلوع، وهم يمهدون بالتزوير المنتظر عبر تصريح أحد هؤلاء بأن النتيجة المتوقعة لاستفتائهم ستكون مائة بالمائة، فأي عقلية يخاطبون؟؟
وأضافت أنهم في هذا السبيل لا يفوتهم العمل على هدم ثوابت ثورة 25 يناير الباحثة عن دولة مدنية، إذ يروجون دون أي منطق أن مجيء رئيس من العسكر لا يعني حكم عسكري.. فماذا يعني إذن؟ كما أنهم يسيئون إلى ثوار سوريا وليبيا، ويلصقون بهم الإرهاب، فقط خوفًا من أن تنتج هذه الثورات صعودًا إسلاميًا جديدًا.
وقالت "بهاء الدين" ولا يجب أن يفوتنا أن هؤلاء الفلول يتحركون في الخارج أيضًا لجلب الاعتراف بالانقلاب وترويجه، ولكن تلك التحركات هي أيضًا في إطار العمل الإسعافي للانقلاب، إذ يتحدثون عن الاتجاه إلى جنوب إفريقيا على سبيل المثال، ومن المعروف موقفها شديد الرفض للانقلاب.
وتابعت: "من المتوقع أن يتجه هؤلاء إلى مزيد من التكتل على نمط "تيار الاستقلال" و"جبهة مصر بلدي" أما نتيجة هذا التواجد الفلولي، وهل سيمكن النظام السابق أم لا؟، فإن الشعب هو من يحدد مهما كانت قوة هؤلاء الفلول ومن يساندهم، وها هو الشعب يحدد باستمرار فعالياته الرافضة للانقلاب وتضحياته كل يوم بل كل ساعة. مشيرة إلى أنه ربما يكون هذا الظهور الفج صفعة تفيق البعض من مؤيدي الانقلاب ليعودوا إلى صفوف الثوار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.