أكد خبراء أن الدكتور محمد مرسى -الرئيس الشرعى للبلاد- هو الذى حاكم الانقلاب العسكرى الدموى وقادته؛ حيث بدا الرئيس منذ اللحظة الأولى رجل دولة ورئيسا منتخبا يمثل إرادة الشعب ويتحدث بثقة بالغة وهامة مرفوعة لأن خلفه قاعدة جماهيرية واسعة عبرت عن نفسها بداية فى صناديق الاقتراع ثم فى الميادين والشوارع رافضة الانقلاب على الشرعية. وشدد الخبراء على أن موقف الرئيس محمد مرسى فى أثناء حديثه مع هيئة المحكمة الانقلابية وخطابه الثابت وإشاراته ولغته الواثقة قطعت بأنه رمز الثورة وزعيمها وقائدها، وأنه المكتسب الوحيد والمتحقق لثورة 25 يناير التى أفرزت مؤسسات منتخبة، مما جعلت الرئيس مستهدفا من الثورة المضادة طيلة فترة حكمه وحتى الآن، وأصبح الرئيس هو الرقم الأصعب فى المعادلة السياسية كونه ممثلا للشرعية بمختلف صورها سواء الشرعية الثورية والشعبية والدستورية. واعتبروا أن عودة الشرعية لن تتحقق إلا بعودة الرئيس المختطف، موضحين أن صموده زاد من ثبات مؤيديه، ومنحهم صلابته ودفعة ثورية جديدة، وأصبح هو الضمانة لعودة المسار الديمقراطى الذى بدأه بإقرار دستور للبلاد. وأوضحوا أنه لم يكن هناك وجه للمقارنة بين رئيس وراؤه شعبه يحمل موقفا سياسيا وقضية عادلة بلغة حاسمة وجادة فاجأت حتى رئيس المحكمة الهزلى، وبين المخلوع مبارك الذى اعترف أنه متهم بعدما أفسد كل شىء فى مصر ونهب قوت الشعب. زعيم الثورة فى إطار تحليلهم لموقف الرئيس بالمحاكمة الهزلية ونتائجها التى حملت برأيهم معانى إيجابية ترى الدكتورة درية شفيق -أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان- أن ظهور الرئيس محمد مرسى بهذه الحال لم يكن مفاجأة، ويقطع بأن الرئيس مرسى ظهر فى صورة قائد الدولة وقائد الثورة الثابت الواثق بنفسه المعتد بنفسه باعتباره رئيسا شعبيا ورجل دولة يتمتع بتأييد قاعدة جماهيرية كبيرة. وأضافت درية أن الرئيس استطاع أن يكسب الجولة من أول لحظة من إشاراته وإيماءاته وبمجرد طريقة نزوله من العربة برأسه المرفوعة، وحتى وهو داخل القفص أثبت فى ردوده وخطابه بأنه فعلا الزعيم والرئيس الشرعى للدولة، وتميز بثقة عالية فى النفس خاصة طريقة مخاطبته لأعضاء المحكمة التى أفحمت المحكمة لدرجة عجزها عن اعتراضه من قوة وجرأة عباراته. اتساع قاعدة مؤيديه وقالت درية إن المحاكمة الهزلية للرئيس الشرعى جاءت بنتائج عكسية بالنسبة للانقلاب الذى أراد منها إحباط مؤيدى الشرعية ورافضى الانقلاب، ولكن ما حدث فعليا بسبب صمود الرئيس جعلها محطة أو خطوة إيجابية زادت من رصيد مرسى من حيث القاعدة الجماهيرية المؤيدة له، ورفعت من معنويات الثوار، وأصبح كلاهما يدعم الآخر أى الرئيس وجماهيره، ومثل موقف الرئيس دفعة ثورية للثوار بثباته وشموخه وثقته وتمسكه بأنه لا يزال الرئيس الشرعى للبلاد وما زال يشغل هذا المنصب، وبالفعل الرئيس يقف خلفه أغلبية الشعب ونراه كل يوم فى شرائح متنوعة وبالشوارع والجامعات والمدارس يرفضون الانقلاب الدموى ويطالبون بعودة الشرعية. واعتبرت أستاذ العلوم السياسية، ظهور الرئيس بهذه الطلة الواثقة والمتمكنة والمهمة المرفوعة وحديثه الجاد والحاسم للمحكمة كرئيس بالفعل يمنح المتظاهرين روح ثورية جديدة، خاصة بعد علم الجميع أن الرئيس كان يعمل طوال سنة من حكمه بمفرده دون شرطة ولا جيش ولا إعلام. رمز للشرعية وقالت "أستاذة العلوم السياسية" إن الرئيس يدافع عن مكتسبات الثورة، وأصبح رمزا للثورة بمطالبها الشرعية، ورمز للزخم الجماهيرى، ورمز للشرعية الثورية والدستورية بالطبع، مشيرة إلى وجود تقارب بين الرئيس مرسى والزعيم نيلسون مانديلا فى المواقف السياسية والبطولية بينهما رغم أن مانديلا سجن 22 سنة ومرسى اختطف أربعة أشهر وإن كنا نتمنى خروجه بشكل عاجل. ولفتت إلى أن التقارب بينهما من حيث الزعامة والقدرة على القيادة واكتساب تأييد جماهيرى عريض، وصلابة فى الحق، والصبر على ويلات السجن والقهر والظلم، فهما زعيمان إفريقيان بينهما قواسم مشتركة عديدة وإن كان مانديلا أمضى شبابه داخل جدران السجن. وشددت "درية" على أنه لا يوجد وجه للمقارنة بين مشهد محاكمة القرن ومهزلة القرن، فمحاكمة المخلوع مبارك جاءت لرئيس ديكتاتور نهب مصر وسرقها وجرفها واستهدف تحويل مصر من نظام جمهورى إلى نظام ملكى، وجعلها ساحة لأبنائه، ولم يراع الصالح العام للدولة، فثارت عليه الجماهير. أما الرئيس مرسى فجاء ممثلا لمعسكر الثورة ووراءه جحافل من المؤيدين تثور كل يوم من أجل استعادة الشرعية وإعادة الرئيس المنتخب لمنصبه، لأن د. مرسى عف اللسان وظاهر اليدين ومتيقظ الضمير ووطنى محب لمصر، دخل المحكمة فحاكمها هو ولم تحاكمه هى بسبب جرأته وقوة حجته المنظمة الرصينة، دخل رأسه لأعلى، أما مبارك دخل محاكمته على سرير تمارض عليه، ومرسى داخل واقفا ثابتا على قديمه بثقة واقتدار. "أيقونة الثورة" من جانبه، قال الدكتور عبد السلام نوير -أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط- إن الرئيس مرسى يظل رمز الثورة و"أيقونة الثورة" حاليا بالنسبة للجميع حتى بالنسبة لمن اختلفوا معه وعارضوه، فمن نجدهم منتفضين بالشارع الآن ليسوا فقط بالضرورة مؤيديه بل منهم من اختلفوا معه لكنهم يرون أنه لا نجاح للثورة وحماية مكتسباتها إلا بعودة الشرعية، ولا معادلة للشرعية إلا وبالقلب منها عودة الرئيس المنتخب، لأنه المنجز الوحيد الباقى لثورة يناير، والجميع يدرك اختلف أو اتفق مع الرئيس من قاعدة رافضى الانقلاب وحكم العسكر أن مرسى يظل هو الرمز للثورة فى هذه المرحلة ونجاح الثورة واستكمالها مرتبط بعودة الرئيس وإقراره لوضع يحفظ للشعب كلمته وإرادته. الضمانة للحرية والديمقراطية وأضاف نوير أن مرسى رمزا للثورة الآن والنضال الثورى، هذه الثورة التى مرت بمراحل وتم تسليم السلطة ثم اكتشفنا أن التسليم كان ساذجا، ونحن نمر بمرحلة وصفها ب"غلبة الثورة المضادة" فلدينا موجات ثورية، ومرسى كان أحد الرموز المهمة التى شاركت بالثورة وشرارتها ثم أصبح أيقونتها بعد ذلك، ومرسى ظهر كرقم مهم بالمعادلة الثورية، خاصة أن الثورة المضادة استهدفت مرسى مباشرة، لأنه خلال الثورة لم يكن تحقق منها أى مكتسبات أخرى إلا وجود رئيس مدنى منتخب، نجح فى إدارة عملية سياسية ديمقراطية بعد أن جاء بانتخابات حرة نزيهة حققت أول تداول سلمى حقيقى للسلطة، وبينما تم حل مجلس الشعب المنتخب، ولم نحقق تقدما بملف العدالة الاجتماعية، بقى آخر مكتسب للثورة وجود رئيس مدنى كضمانة لاستمرار الدستور والانتخابات القادمة فى عهده، فمرسى هو المكسب الوحيد المتحقق لثورة يناير، وكان الأمل الباقى، ولذلك تم الانقلاب عليه وعزله، وأصبحت الشرعية والثورة تعنى عودة مرسى. وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن مرسى كان أحد من شاركوا بالثورة ولعب دورا مهما فيها خاصة بالمرحلة الثانية منها بعد أن أصبح رئيسا، مما جعله الرقم الأهم بالمعادلة فاستهدفته الثورة المضادة لأنه كرئيس منتخب سعى لإقرار دستور وانتخابات برلمانية حقيقة فى إطار منظومة كاملة، والانقلاب عليه هو انتصار للثورة المضادة. وشدد على أن مرسى هو قائد الثورة الحالية ورمز للثورة يدافع عنه الناس، ولم تنجز الثورة إلا انتخابه، وبالفعل لم يكن يتحقق لثورة يناير فى المدى القصير والمتوسط إلا رئيس مدنى ودستور ومؤسسات منتخبة مستقرة وباقى المطالب الاجتماعية والاقتصادية كانت تحتاج وقتا لإنجازها. ويشير إلى أنه سيستمر مرسى رمزا للثورة طالما هناك انقلاب مثلما كان الحال بدولة تشيلى فى ظل الزعيم "سلفادور أليندى" أيقونة الثورة والحرية والديمقراطية ورفض الاستبداد حتى دحر الانقلاب. التمسك بالشرعية الدستورية ورصد نوير أن أداء الرئيس كان إيجابيا إلى حد كبير، وبدأ بنزوله من السيارة منتصب المهمة، وكان دليل شموخ وصمود كشف أن هذه الغيبة والعزلة المطبقة المفروضة عليه لم تكسر له قناة، مما انعكس بالإيجاب على كل أولئك الذين يعولون على موقف مرسى وتحالف دعم الشرعية فى إطار التطورات الراهنة، مضيفا أن الرئيس أشارة بعلامة رابعة والأهم تأكيده أنه الرئيس الشرعى، وأنه لا يحق لهيئة المحكمة أن تحاكمه لأنها غير مخولة بذلك، فالانقلاب غير شرعى وأتى بنائب عام غير شرعى وما بنى على باطل فهو باطل، ولأن دستور البلاد لا يسقط بالانقلاب فهو باق، فيجب محاكمته إن جازت طبقا لمواد الدستور، ولا يوجد أى أعراف دستورية تقول بمحاكمة رئيس بهذه الطريقة. ولفت "نوير" إلى أن هناك فوارق كبيرة بين مشهد الرئيس المنتخب المختطف وبين المخلوع مبارك دخل القاعة وهو يدرك أنه متهم ولم يعلن عن موقف سياسى بل يمارس ألاعيب المحامين، وحينما يكون مسجونا يلتف على إدارة السجن ويتمارض ليكسب عطف الجماهير فدخل نائما على سريره، أما الرئيس المنتخب فكان يدافع عن موقف سياسى ودخل واثقا وأعلن أن ما حدث انقلاب عسكرى على الشرعية، وأنه يرفض الانقلاب والمحاكمة المعقودة من سلطة انقلاب، أما مبارك فدخل محنيا راكدا بينما مرسى مرفوع الهامة عزيزا لأنه على الحق. صمود مؤيديه بدورها أوضحت الدكتورة نيرمين عبد السلام -كلية الإعلام بجامعة القاهرة- أن مردود وتأثير مشهد المحاكمة الهزلية والموقف من الرئيس الشرعى الدكتور محمد مرسى يتوقف على طبيعة شخصية المتلقى نفسه فالشريحة المعارضة للانقلاب من البداية سواء من المنتمين للإخوان أو غيرهم سيجد أن المشهد يحمل دلالات إيجابية تدفعهم للمزيد من الصمود وستلهب حماسهم أكثر وتزيد من إصرارهم وتمسكهم بموقفهم مهما كانت التحديات. وتضيف: هذا القطاع الرافض للانقلاب من داخل وخارج الإخوان يرى أن مرسى هو أيقونة الثورة المصرية وصموده سيسجله التاريخ، ويزيد من ثباتهم وقوتهم الرافضة للانقلاب. وتشير عبد السلام إلى أن هناك شريحة أخرى قليلة كانت مؤيدة للانقلاب ونزلت فى 30 يونيو وبدأت تستفيق تدريجيا وتتحول ضد الانقلاب بسبب وحشيته والاعتقالات والممارسات القمعية، هذه الفئة إلى حد ما كان تأثير الموقف إيجابى عليها، وبدأت تعمل عقلها وتحاول التغلب على عمليات غسيل المخ التى كانت خاضعة لها. وقالت عبد السلام إن هناك قطاعا يخضع لعملية غسيل مخ ممنهجة من الإعلام الرسمى والخاص وتتبنى نفس التوجهات والصورة الذهنية السلبية التى تبثها فيهم عن الرئيس الشرعى وجماعة الإخوان وتتبنى ضدهم خطابا تحريضيا للكراهية، فقلبت كل دلالة إيجابية وحولتها هى نفسها لدلالة سلبية. ولفتت إلى أن هذه الفئة الثالثة التى لديها هيستيريا تأييد الانقلاب مهما حدث لن تغير موقفها إلا إذا تعرضت لأذى مباشر، ولكن ما دامت بمنأى عن الاعتقالات ولا مساس بمصالحها المادية والاجتماعية ستظل على موقفها المغيب والهيستيرى، ومهما رأوا من إثباتات تدين الانقلاب حتى ما ينشر على الانترنت فلن يؤثر على هذا الموقف المتأصل فى ذهنيتهم. بينما هناك آخرون لديهم قيم ومعارضة وتحكم عقلها ومبادئها وأخلاقها فيما يحدث أى أن طبيعة التأثير للمشهد يتوقف على ثقافة وانتماء وتوجه وموقف الشخص من الانقلاب مسبقا.