· سلطة الانقلاب تتخبط ولا تمتلك رؤية سياسية أو اقتصادية لإدارة الدولة · الدولة تعانى أزمة طاحنة وإلغاء الدعم يزيد الضغط على الفقراء ويهدد بكوارث مجتمعية خبراء: الانقلابيون أهدروا خطط النهوض بالاقتصاد التى بدأها الرئيس مرسى وحكومته تواصل حكومة الانقلاب العسكرى الدموى فشلها على كافة المستويات سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وتثبت للجميع أنها تفتقد أى رؤية لإدارة الدولة والخروج من الوضع الاقتصادى السيء الذى يزداد تأزمًا كل يوم، حيث استمرت فى تخبطها وارتعاشها من خلال الإعلان عن قراراتها العشوائية وغير مدروسة التى ما تلبث أن تنفيها بعد أن تثير بلبلة فى الشارع. كما أن القرارات التى تعلن عنها حكومة الانقلاب تحمل فى طياتها غياب العدالة الاجتماعية التى قامت لأجلها ثورة 25 يناير فلن يستطيع المواطن البسيط فى ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة أن يجد قوت يومه، خاصة مع الارتفاع الجنونى للأسعار. ولعل أهم هذه القرارات هو رفع الدعم عن السلع الأساسية وهو ما يزيد المشاكل تفاقما لأنه سيضرر مباشرة المواطن الفقير "المطحون"؛ نظرا لانخفاض الأجور والارتفاع الجنونى للأسعار، وحقيقة الأمر أن الواقع المصرى لا يمكن معه تطبيق تلك الأفكار أو مناقشتها فى الوقت الحالى، لأن المجتمع لا يزال واقعا تحت خطوط الفقر حيث إن نسبة الفقر تتعدى 50%. صحيح أن العديد من الدول على مستوى العالم قامت بخفض الدعم عن بعض السلع لكنها اتخذت بعض الإجراءات الموازية لها كتحديد الأسعار والحد من التضخم وزيادة رواتب العاملين وتحسين مستوى الخدمات للمواطنين بما يضمن لهم عدم تأثرهم بقرارات خفض الدعم. وطالت قرارات الانقلابيين رفع الدعم على الكهرباء، حيث أعلن المهندس أحمد إمام -وزير الكهرباء والطاقة بحكومة الانقلاب- عن دراسة رفع دعم الكهرباء عن القادرين وإبقاء الدعم للمستحقين، خاصة أن قطاع الكهرباء أصبح غير قادر على سداد مستحقات قطاع البترول حيث توقف منذ 3 شهور عن السداد تماما، محذرا من انهيار قطاع الكهرباء نظرًا لتراكم ديون الوزارة وعدم تسديد مستحقات الغاز الطبيعى لشركات البترول منذ ثلاثة أشهر، ووجود عجز فى تحصيل الفواتير قدره ب 4 مليارات جنيه خلال الثلاثة أشهر الماضية. وفى الإطار نفسه صرح محمود دياب -المتحدث باسم وزارة التموين بحكومة الانقلاب- أنه سيتم سحب بطاقات التموين ممن يزيد مرتباتهم عن 1500 جنيه، و1200 جنيه لأصحاب المعاشات، لافتا إلى أن عدد البطاقات وصل إلى 18 مليونا و200 ألف بطاقة، كما أن 168 ألف مواطن طالبوا بإلغاء بطاقاتهم لأنهم ليسوا فى حاجة إليها. ولم تمر أيام قليلة حتى نفت وزارة تموين الانقلاب هذه التصريحات وقالت مثل هذا الكلام هو شائعات مغرضة؛ تستهدف إحداث بلبلة فى البلاد قبل موعد الاستفتاء على دستور الانقلاب اللقيط من أجل جعل المواطنين غير راضيين عن أداء الحكومة. كما لم تأمن المواد البترولية من رفع الدعم، حيث تم الإعلان عن إلغاء الدعم عن المواد البترولية بداية يناير الجارى، لكن أسامة كمال -وزير البترول والثروة المعدنية فى حكومة الانقلاب- نفى إلغاء الدعم عن المواد البترولية سواء جزئيا أو كليًا خلال هذه الفترة. قرارات غير مدروسة وتعليقا على هذه القرارات يوضح الدكتور عادل حميد -أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر- أنه من الصعب تطبيق رفع الدعم عن الكهرباء للقادرين وكذا رفع الدعم عن المواد البترولية والمقررات التموينية لأنه يزيد من المشكلات التى تواجه المجتمع المصرى، موضحا أن نسبة الفقر فى مصر تتعدى 50% وفى بعض المحافظات تتراوح ما بين 65- 70% وفى القرى قد تصل إلى 80-85%. ويضيف حميد أن قرارات حكومة الانقلاب العسكرى الدموى هذه بإلغاء الدعم غير مدروسة، ومن شأنها أن تتسبب فى حدوث مشاكل اجتماعية كثيرة إذا تم تطبيقها بالفعل حيث لا يتحملها المجتمع، خاصة فى ظل انخفاض الأجور. وتابع أن التوقيت الذى تم فيه الإعلان عن تلك القرار غير ملائم فالاقتصاد متدهور والاحتياطى النقدى فى انخفاض وهناك مشاكل فى الإنتاج.. وهذا ما يؤدى إلى تفاقم المشكلة، مشيرا إلى أن أى دولة فى العالم لا يمكنها رفع الدعم إلا بعد تحسن مستوى اقتصادها. وأشار إلى أنه لا يمكن رفع الدعم؛ إذ إن الأسعار ترتفع بشكل عشوائى والحكومة لا يمكنها السيطرة عليها، لافتا إلى أن هناك ارتفاعا غير مبرر للأسعار حيث زادت أسعار السلع بنسبة 200- 500%. فشل ذريع ومن جانبه يقول الدكتور عبد الناصر عبد العال –الخبير الاقتصادى-: إن صندوق النقد الدولى طلب من مصر إلغاء الدعم الذى تقدمه الدولة للفقراء، لكن الرئيس الشرعى للبلاد د. محمد مرسى رفض الاقتراب منه لأنه يعرف مدى خطورته على المواطن البسيط والكوارث التى قد تحدث فى حال رفع الدعم عن الفقراء، موضحًا أن حكومة الانقلاب اتخذت هذه القرارات لأنها تمر بأزمة مالية طاحنة وتحتاج لقرض الصندوق الدولى. وأضاف عبد العال أن تحديد 1500 جنيه شهريًا كخط لتحديد مستحقى دعم المواد التموينية هى طريقة عشوائية لا تراعى ظروف الأسر المصرية وسوف تضر بالكثيرين من أصحاب المرض والأسر الكبيرة ومن يدفع إيجارات للسكن وغيرها من المعايير الأخرى. وتابع أن هناك من يدفع أكثر من 300 جنيه شهريًا مواصلات لمقر عمله ولا سيما من يأتى من الأقاليم للعمل فى القاهرة، وأيضا هناك من ينفق ثلثى دخله على إيجار السكن، إلى جانب الملايين ممن يعانون من الأمراض المزمنة التى تلتهم نسبة كبيرة من دخولهم، منوها إلى أنه على وزارة التموين بحكومة الانقلاب تنقية قواعد البيانات من أصحاب الدخول العالية والموتى أولًا قبل تطبيق هذه القرار. وفيما يتعلق بتصريحات وزير الكهرباء فى حكومة الانقلاب برفع دعم الكهرباء عن القادرين يقول عبد العال: "هناك آليات كثيرة يمكن اتخاذها بدلا من رفع الدعم؛ أولها محاربة الفساد فى الوزارة وفرض رسوم تصاعدية تساعد على ترشيد الإستهلاك، إلى جانب الاستغناء عن مستشارى الوزارة وعمن تخطوا سن الستين وتطبيق الحد الأعلى للأجور على الكوادر العليا فى الوزارة". وتابع: ينبغى على حكومة الانقلاب الاعتذار للسودان فورًا وفتح الطريق البرى معها والعودة إلى مشروع الرئيس الشرعى محمد مرسى للربط الكهربائى مع السودان لأن الربط الكهربائى معها لا تتجاوز تكلفته 50مليون دولار، فيما الربط الكهربائى الذى تصر حكومة الانقلاب على تنفيذه مع السعودية يتكلف 1.6 مليار دولار وسوف يستغرق عامين. وشدد على ضرورة الرجوع لخطة الرئيس محمد مرسى لغلق المحلات الساعة العاشرة مساءً حتى لا نحمّل على الكهرباء ونهدر طاقة الشمس المتجددة بالنهار. أما بالنسبة لإلغاء دعم المواد البترولية يقول الخبير الاقتصادى: إن مسألة دعم المواد البترولية مسألة صعبة ومعقدة ولا يمكن حلها بقرار ينفذ فى يوم وليلة، حيث يجب البدء بالمشروعات الصناعية كثيفة الطاقة أولًا، وينبغى الرجوع إلى برنامج الدكتور باسم عودة –وزير التموين الشرعى- الهادف إلى وصول الدعم لمستحقيه عن طريق البطاقات الذكية والكوبونات، لافتا إلى أن التحول من نظام توزيع أنابيب البوتاجاز، مثلًا، إلى نظام الكوبونات يوفر 4 مليارات جنيه سنويًا. ويضيف عبد العال: لقد فشلت وزارتا التموين والبترول على مدى سنوات طويلة فى استبدال المواد البترولية المستوردة بالغاز الطبيعى المنتج محليًا وتوصيله إلى المخابز والبيوت والمطاعم وقامت بتصدير الغاز لإسرائيل والأردن وإسبانيا، مطالبا بضرورة إعادة النظر فى الاتفاق مع شركات البترول وإلغاء عقود تصدير الغاز كما فعل د. محمد مرسى فى عقد تصدير الغاز لإسرائيل، فالغاز المصرى ما زال يصدر لدول مثل الأردن وإسبانيا.. وبأسعار بخسة. واستنكر انشغال الانقلابيين بتهريب البترول العراقى إلى سوريا من موانئ مصرية وعلى سفن مصرية لدعم نظام بشار الأسد.. فيما كان يسعى الرئيس محمد مرسى إلى مد أنبوب لتوصيل البترول العراقى لمصر لتكريره فى المعامل المصرية وإعادة تصديره.