«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاصيل خطة الحكومة لحفظ حقوق الفقراء فى السولار والبنزين
نشر في أكتوبر يوم 17 - 11 - 2013

بعد مناقشات طال أمدها يبدو أن المصريين توافقوا أخيرا حول قضية ألا وهى ضرورة التدخل الفورى لإصلاح منظومة دعم الطاقة، التى تستحوذ على نحو 31% من مخصصات الموازنة العامة، وتساهم فى زيادة عجز الموازنة بشكل يهدد الاستقرار الاقتصادي، ويجعل من تأجيل تنفيذ برنامج ترشيد دعم الطاقة أمر فى منتهى الخطورة، لما يترتب على هذا التأجيل من مخاطر جمة. لكن هذا التوافق المجتمعى على ضرورة إعادة النظر فى المنظومة لم يكن كافيا لخلق توافق مماثل بين المسئولين والمتخصصين حول البرنامج الحكومى المطروح لإصلاح العطب فى هذه المنظومة، التى تجعل 10% من أغنياء المصريين يستحوذون على 45% من مقررات هذا الدعم، و 25% من الطاقة المدعومة تذهب إلى قطاع الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، الذى يسيطر عليه شركات متعددية الجنسيات، التى تنتج محليا لتبيع منتجاتها بالأسعار العالمية.
«أكتوبر» تطرح برنامج الحكومة المصرية لترشيد دعم الطاقة، على الخبراء للوقوف على رؤيتهم الرامية إلى تحقيق منظومة الدعم طاقة فعالة تحقق المزيد من العدالة الاجتماعية.
«الحكومة ستتخذ خطوات مهمة لتقليص دعم الطاقة بصورة تدريجية»، هكذا وعد د.أحمد جلال، وزير المالية، مرجعا ذلك إلى أن هذا الدعم يكبد الخزانة العامة نحو 140 مليار جنيه سنويا، وأن هذه الخطة لن تطال برامج دعم المواد التموينية، التى لا تتجاوز نحو 30 مليار جنيه.
خلل رهيب
وتعمل الدولة على تفعيل الكروت الذكية للتأكد من أنه لا يوجد تسرب وسرقة للمواد البترولية، فضلا عن السعى الجاد لتقليص دعم الطاقة بدرجة كبيرة على عدد من السنوات، بحيث لا يحدث صدمة بالنسبة للمتعاملين مع الطاقة، وسيجرى الإعلان عنه عندما نتوصل لنتيجة، وأنه سيجرى إخضاع الدارسة لنقاش مجتمعى.
الجهود التى تمت فى هذا الملف، وفقا ل «د. جلال»، أن الحكومة تمضى بشكل جيد على طريق معالجة الخلل الرهيب فى دعم الطاقة، وأنها بالفعل نجحت فى انجاز الجزء الخاص بالتحكم فى الكميات فى مرحلتى المستودعات والمحطات، وأنه جارٍ الآن مد خط التحكم هذا للمستهلك فى القريب العاجل، وذلك بلا نقصان وتحديد للكميات التى تستهلكها المركبات، بل سوف يكون التركيز على السيطرة على أى هدر أو تهريب، ولكى يكون الدعم كله للمواطن وللأغراض المحلية.
وتدعم هذه الجهود، فى رأى د. أشرف العربى، وزير التخطيط، الرؤية العامة التى تتحرك منها الحكومة، والتى تتمثل فى أن منظومة الدعم الحالية تعانى خللا كبيرا، يجعلها تساهم فى تعميق الفقر لدى الفقراء، وأن الحكومة تسعى معتمدة على كل ما لديها من آليات وأدوات لتغيير هذه المنظومة لتكون لصالح المواطن.
وبالفعل هناك سياسات وخطط وبرامج تم التوافق عليها داخل الحكومة لإصلاح منظومة الدعم السلعى، وتستهدف هذه السياسات ترشيد الدعم الموجه للمنتجات البترولية والغاز الطبيعى من خلال استمرار سياسة رفع الدعم عن الغاز الطبيعى المستخدم فى الصناعات كثيفة الطاقة والمطبق منذ يناير 2012، حيث يوفر ذلك 3.5 مليار جنيه سنويا، علاوة على رفع الدعم عن بعض المنتجات البترولية مثل بنزين 95.
ولن تكتفى بهذه الإجراءات،وفقا ل د.العربى، بل تواصل الحكومة جهودها الرامية إلى استخدام نظام الكوبونات والكروت الذكية فى البنزين والسولار والبوتاجاز، وذلك بالتزامن مع زيادة آليات الرقابة على سوق تداول المنتجات البترولية فى السوق المحلى، والعمل الجاد على اتخاذ الاجراءات القانونية الحاسمة لتغليظ العقوبات فى حالات الغش والتهريب.
ألية التدرج
البرنامج الذى قد سبق وأقرته الحكومة لرفع الدعم عن الطاقة فى مصر، كما قال المهندس أسامة كمال، وزير البترول والثروة المعدنية الأسبق، يتبع آلية التدرج بحيث يتم رفع 50% من هذا الدعم على مدى خمس سنوات بنسب ثابتة على أن تقوم الحكومة برفع الأجور بنفس النسبة للمواطن بما لا يضر المواطن البسيط.
ووفقا للأرقام الرسمية، تقوم الدولة حاليا بدعم أنبوبة البوتاجاز بنسبة تصل إلى 95% من تكلفتها، وتدعم المنتجات البترولية بنسبة تصل إلى 60 %، وأن الأزمة تكمن فى عدم وصول هذا الدعم إلى مستحقيه، نتيجة أعمال التهريب المستمرة، لأن مصر الدولة الوحيدة تقريبا فى المنطقة، التى تقوم بدعم الطاقة، وأن الدولة تضخ نحو 120% من حجم استهلاك السولار فى السوق يوميا، ومع ذلك يوجد عجز نتيجة أعمال التهريب.
والدعم، والكلام لوزير البترول الأسبق، من المفترض أن يتم فقط تطبيقه فى أوقات الأزمات والحروب، وأن الأنظمة السابقة تمسكت بتطبيق الدعم من منطلق كونه رشوة انتخابية للمواطن، حتى يستمر نظام حكمه، فضلًا عن أنه تحويل لمليارات الجنيهات من خزانة الدولة إلى كبار رجال الأعمال والمصانع متعددة الجنسيات كثيفة الطاقة التى تعمل بطاقة مدعمة وتبيع منتجها بالسعر العالمى.
والمضى قدما فى تنفيذ برنامج إصلاح دعم الطاقة، سوف ينتج عنه اختفاء دعم طاقة القطاع الصناعى بعد 3 سنوات من عمر البرنامج، وأن بداية إلغاء هذا الدعم تبدأ من طاقة الصناعات كثيفة الطاقة، خاصة أن أكبر 100 مصنع منها تستحوذ على 70% من الدعم المخصص لطاقة القطاع الصناعى، فيما يأتى 95% من ناتج الصناعة من صناعات قليلة الاستهلاك للطاقة.
فرص بديلة
و «دعم المنتجات البترولية»، بحسب المهندس محمد طاهر حافظ، نائب رئيس هيئة البترول سابقا، هو الفرق بين سعر تكلفة المنتج البترولى وسعر بيعه فى السوق المحلى، وهو ما نطلق عليه الدعم المباشر، لكن هناك فرصًا بديلة أخرى بحيث لو صدرت هذه المواد إلى الخارج، وهو الدعم غير المباشر، لأصبح الفارق كبيرا.
ويتحدد سعر التكلفة بما يتم استيراده من الخارج بالإضافة إلى ما يتم إنتاجه محليا، وهناك مفهوم خاطئ عند البعض بأن الدعم يقتصر على ما يتم استيراده فقط، بل ما يتم استيراده من الخارج، وما يتم إنتاجه محليا ثم نطرحهم من سعر البيع فى الداخل فى السوق المحلى، وهو ما نطلق عليه الدعم المباشر، وأن قانون 26 لسنة 1976 لهيئة البترول ينص على أن «الخزانة العامة للدولة تتحمل فروق الدعم»، ومن ثم فإن جزءا كبيرا من موارد الدولة تدعم المواد البترولية، وهذا يعتبر خصما من الاستثمارات الموجهة لهذا القطاع.
وبمراجعة أرقام وزارة المالية، بلغ فيها الدعم فى العام 2003 - 2004 نحو 22 مليار جنيه، ووصل إلى نحو 140 مليار جنيه العام الماضى، مستحوذا على نسبة تفوق ال 70% من إجمالى الدعم الكلى، وهو مما لا شك فيه له أثر سلبى على توفير الدعم للقطاعات الأخرى مثل الصحة والتعليم والسلع التموينية، ولا يمكن الاستمرار فى هذا الوضع لأكثر من هذا، ومن ثم لابد من العمل على تقليل الدعم.
وفى الوقت الذى يكلف فيه لتر السولار الدولة 4 جنيهات، ويعود لقطاع البترول من لتر السولار 75 قرشا، فيما يحصل مستودع البوتاجاز على أنبوبة البوتاجاز ب 6 جنيهات، وتكلفتها تقترب من 60 جنيها، والبنزين 80 يتم بيعه 90 قرشا، لكن تكلفته 3.10 جنيه، والبنزين 90 يباع فى السوق 175 قرشا وتكلفته 3.75 جنيه وعليه 45 قرشا ضريبة إضافية، وأن الأزمة تتفاقم نتيجة الاعتماد على الاستيراد ولسد الجزء الأكبر من الاستهلاك.
الضغوط المتزايدة
«منظومة ترشيد دعم الطاقة»، وفقا ل «أحمد كجوك» الاقتصادى الأول فى البنك الدولى، هى محاولة جادة من قبل الدولة للسيطرة على الضغوط المتزايدة، التى يرتبها هذا الدعم على الموازنة العامة، لكونه يستحوذ على نحو 30% من حجم استخدامات الموازنة، وأن الحكومة تخطط لإدراك هذا الترشيد من خلال عدة إجراءات.
وتنفيذ هذه المنظومة، فى رأى كجوك، أحد مهندسى المنظومة، يرتكن إلى 5 إجراءات الأول، توزيع السولار والبنزين وأسطوانات البوتاجاز عبر آلية الكروت الذكية، بحيث تجتهد الحكومة من خلال هذا المشروع للترشيد فى جانب الكميات الموزعة على المستهلكين من المواطنين العاديين، وأنه سيتم تخصيص كميات محددة لكل سيارة تكفى الاستهلاك الطبيعى بالأسعار المدعومة، فيما تتاح الكميات التى تزيد عن هذه المخصصات بأسعار تقترب من سعر التكلفة الحقيقية.
والإجراء الثانى، يتمثل فى رفع أسعار الغاز الطبيعى والمازوت للقطاع الصناعى والسياحى بشكل تدريجى نحو 25% سنويا، بما يترتب عليه الوصول بمقابل هذه السلع إلى أسعار التكلفة خلال مدة 4 سنوات، الإجراء الثالث، العمل على فك الاشتباك بين وزارتى البترول والكهرباء، وذلك من خلال دخول وزارة المالية كمسئول عن التمويل، ووفقا للنظام الجديد، تقوم وزارة البترول بتوفير الكميات المطلوبة من السولار والغاز الطبيعى، لتشغيل كل محطات توليد الطاقة، وذلك بسعر التكلفة، فيما تتولى وزارة المالية تحويل فروق أسعار الكهرباء «الدعم» إلى وزارة الكهرباء.
الإجراء الرابع التحول إلى الغاز، وتقوم الحكومة فى سبيل ترشيد دعم الطاقة بتشجيع كافة المبادرات الحكومية وغير الحكومية، التى تستهدف التحول إلى الاعتماد على الغاز الطبيعى، وذلك لانخفاض تكلفة الحصول على الغاز مقارنة بالسولار، وأنه فى سبيل ذلك ستوفر الحكومة دعما لتحويل أسطول هيئة النقل العام للعمل بالغاز الطبيعى، وكذلك توفر الحكومة 6 مليارات جنيه دعما للقطاع السياحى على 3 سنوات.
الإجراء الخامس، السماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعى، حيث يدعم التوجه الجديد للحكومة مساعى القطاع الخاص لاستيراد الغاز الطبيعى من الخارج، لتوفير حاجاتها من الوقود، لتشغيل المصانع وخلافه، وأن الحكومة ستقدم كل التسهيلات للشركات الراغبة فى ذلك، خاصة أن سماح الحكومة للقطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعى، تأخر كثيرا بسبب عقدة تكونت لدى المسئول الحكومى، الذى وجد صعوبة فى اتخاذ قرار استيراد الغاز من الخارج بنحو 8 دولارات للمليون وحدة حرارية، وذلك فى الوقت الذى تقوم فيه الدولة بتصديره إلى الخارج بنحو 4 دولارات فقط.
تصرف محمود
وبالفعل، حرص الحكومة على تنفيذ برنامج لإصلاح منظومة دعم الطاقة، بحسب د. منال متولى، وكيل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، يعد تصرفا محمودًا لا يمكن أن يرفضه عاقل، لأن هذا الدعم يشوبه خلل يهدد استقرار الاقتصاد، لكن من الضرورى أن تقوم الحكومة بدراسة أثر تطبيق هذا البرنامج قبل الشروع فى التنفيذ.
لكن الأمر يشوبه إلى الآن بعض الغموض، الذى يستوجب أن تسارع الحكومة إلى إزالته، فلا أحد يعرف ما هى قاعدة البيانات، التى ستعتمد عليها الدولة فى تنفيذ برنامج كوبونات البوتجاز وتوزيع السولار والبنزين بالكروت الذكية، وكيف تتعامل الحكومة أيضا مع احتياجات الفلاحين من السولار، وماذا عن أصحاب المركبات التى سمحت الدولة بدخولها وتعمل الآن بدون ترخيص مثل التوك توك؟
وإنه بمجرد الانتهاء من دراسة آثار وسبل تنفيذ هذا البرنامج، لابد أن يتم تحديد الآليات الرقابية، التى سيتم اتباعها للتأكد من جدوى تنفيذ هذا البرنامج، حتى لا يترتب على تنفيذ البرنامج ظهور أنواع أخرى من التهريب أو خلافه، فالأمر يحتاج إلى منظومة محكمة تضمن عدم الإضرار بالفئات الفقيرة وتحقق الأهداف المرجوة.
وتفاقم أزمة دعم الطاقة، يرجع فى رأى د. متولى، إلى تناقص كميات البترول والغاز، التى يتم استخراجها فى مصر أو ثباتها على أحسن الفروض بالتزامن مع زيادة الاستهلاك بنسب نمو متسارعة، ومن ثم اتساع الفجوة بشكل متزايد بين الانتاج والاستهلاك، وبالتالى تتدخل الحكومة لسدها من خلال الشراء من الخارج «الاستيراد»، وبالتالى كلما زاد الطلب المحلى زاد الشراء من الخارج، مما يترتب عليه زيادات كبيرة فى التكلفة.
و من الجيد أن يستهدف برنامج الحكومة التحكم فى الكميات، التى يتم تدبيرها للمستهلكين، لما يترتب على ذلك من ضبط للأسواق ووقف كل صور التهريب، مثل تهريب السولار إلى البلدان المجاورة أو بيعها فى عرض البحر للسفن التجارية، أو المتاجرة فى هذه السلعة المدعومة فى السوق السوداء، خاصة أن تكلفة لتر السولار تقارب 6 جنيهات، وتباع فى محطات التموين ب 1.1 جنيه.
والأفضل، فى رأى وكيلة الاقتصاد والعلوم السياسية، للحكومة أن تركز على سلعة واحدة، لتكون بداية التجربة، والسلعة المثالية هنا هى أسطوانات البوتاجاز، لأن ظروفها مختلفة بعض الشىء عن السولار أو البنزين، وأن توزيعها عن طريق الكوبونات سيكون أيسر من توزيع السولار والبنزين بالبطاقات الذكية، وأنه من الضرورى تأجيل تنفيذ تجربة توزيع البنزين والسولار عبر آلية الكروت الذكية إلى أن يتم التعرف على المستحقين بدقة.
جهود فاعلة
«من الضرورى أن تكون هناك جهود فاعلة لترشيد دعم الطاقة»، هذا ما توصلت إليه د. ماجدة قنديل، المستشار السابق فى صندوق النقد الدولى، بعد أن تأكد لها من خلال الدراسة أن 80% من مخصصات دعم الطاقة تذهب إلى من لا يستحق، وأن مخصصات هذا الدعم زادت من 1 مليار جنيه فى 1995 إلى نحو 140 مليارا فى 2013، ورغم ذلك لم يساعد بشكل ملحوظ فى جذب المزيد من الاستثمارات، ولم يترتب عليه تحسن ملحوظ فى أداء الميزان التجارى.
وإن الفرصة سانحة الآن للتدخل، لأن الإرادة السياسية متوفرة أكثر من أى وقت مضى، لكن لابد أن يأتى هذا التدخل متدرجا للوصول إلى النقطة المثالية، فالمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة تنتج للتصدير، وبالتالى لا يصح أبدا أن يتم دعم طاقتها، ولا مانع من أن تقوم الدولة بدورها فى اقرار خطة بديلة لدعم هذه الصناعات، وربط الدعم بأجندة للتوظيف وزيادة الانتاج والصادرات، وزيادة تنافسية المنتج المصري.
و«نجاح هذه الخطة» مرهون فى رأى د. قنديل، بقدرة الحكومة على الجلوس مع أصحاب المصانع كثيفة الاستخدام للطاقة للوصول إلى أنسب قرار، لأن شعور هؤلاء المستثمرين بأنهم شاركوا فى صناعة قرار اصلاح الدعم، الذى يستهدف تقليل عجز الموازنة سيكتب النجاح لهذا الأمر، فالغريب فى الأمر أن دعم الطاقة كلما زادت القدرة المالية للشخص كانت فرصته فى الحصول على الدعم أكبر، فالأغنياء هم من يمتلكون السيارات (دعم بنزين)، وهم أيضا من يمتلكون أجهزة التكييف وخلافه (دعم الكهرباء)، كذلك هم الأكثر استهلاكا للبوتجاز (دعم البوتاجاز).
وإنه، وفقا لمستشارة صندوق النقد الدولى السابقة، بمراجعة هيكل دعم الطاقة يتبين عدم كفاءة هذه المنظومة، حيث تستفيد الشريحة الحضرية الأكثر ثراء بنسبة 33% من الدعم، بينما الشريحة الحضرية الأشد فقرا تستفيد بنسبة 3.8% فقط، ويؤثر رفع سعر الغاز الطبيعى والمازوت على شرائح الإنفاق الدنيا أكثر من غيرها، ويستحوذ الغاز الطبيعى والمازوت معا أكثر من 24% من إجمالى دعم المواد البترولية، وهذا كله لا يتفق مع مقتضيات العدالة الاجتماعية.
وتذهب نسب استهلاك القطاعات المختلفة للمنتجات البترولية إلى عدم جدوى التمادى فى هذا الدعم، حيث يستهلك القطاع العائلى 6.5% من المنتجات النفطية، وتستهلك الفنادق نحو 2.5%، والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة تستهلك 33%، فيما تستهلك وسائل النقل والمواصلات 22%، أما قطاع الكهرباء فيستهلك نحو 27.5%.
لكن زيادة استهلاك هذه القطاعات للطاقة المدعمة، كما أكدت د. قنديل، يزيد من أهمية التدرج فى تنفيذ استراتيجية الاصلاح، فإنه فى حال زيادة أسعار المنتجات البترولية 10% تزيد أسعار منتجات المصانع كثيفة الاستخدام للطاقة بنحو 19.6%، و27.1% فى النقل والمواصلات، و65.6% فى الكهرباء، ومن ثم الأنسب هو إجراء تعديل فورى للدعم، الذى يستفيد منه الأغنياء، ومزيد من التعديلات للمنتجات الأخرى للسماح للصناعة بالتكيف معها، وتأخير الزيادة فى الوقود المهم بالنسبة للفقراء.
واصلاح دعم الطاقة، يمكن أن يتم عبر 4 سناريوهات، الأول، يتمثل فى تعديل أسعار المنتجات البترولية تدريجيا دون تعويضات، والثانى، تعديل أسعار المنتجات البترولية مع زيادة التحويلات النقدية الحكومية لأفقر 40%، الثالث، تعديل أسعار المنتجات البترولية، وتحويل 50% مما يتم توفيره من ذلك لكافة الأسر، والرابع، تعديل أسعار المنتجات البترولية وتحويل 50% مما يتم توفيره جراء ذلك للشريحتين الأشد فقرا.
السمة الغالبة
«العشوائية»، فى رأى د. حسام عرفات، رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية، هى السمة الغالبة على إدارة ملف الطاقة منذ سنوات طويلة، فالأمر فيه متروك، للأسف، لميول وأهواء المسئولين، لذلك كلما تغير المسئول تغيرت مرتكزات هذه الفلسفة.
وبالتالى، فإن الإنجاز لن يكون حليف هذه الجهود، فالأمر يحتاج إلى منظومة متكاملة قادرة على وضع تصورات عملية يتم من خلالها الوصول إلى الهدف الرئيسي، الذى أصبح معلنا للجميع، وهو رفع الدعم عن الطاقة وعرضه فى الأسواق بأسعاره الحقيقية.
ويعد اصرار الحكومة على تنفيذ هذه المنظومة، وفقا ل «د. عرفات»، بداية صحيحة للتعامل مع هذا الملف الملغوم، وأنه كان من أوائل المطالبين بهذا الأمر عندما تقدم فى 2009 بمذكرة للدكتور على مصيلحي، وزير التموين آنذاك، يطالب فيها الحكومة بضرورة المضى قدما فى تنفيذ برنامج لترشيد دعم الطاقة، وكانت الظروف وقتها ملائمة للغاية، لأن سوق المواد البترولية والغاز كان مستقرا، ولم يكن هناك أية أزمات فى الأسواق.
ف «الترشيد» مطلب ملح للغاية فى ظل الوضع الحالى، الذى تعانى فيه الموازنة العامة من عجز شديد فى الموازنة يقلل من فرص نمو الاقتصاد، وتشوهات غير مقبولة فى بنية هذا الدعم تجعله لا يؤدى الدور المنوط به، لكن لابد أن يتم ذلك من خلال رؤية متكاملة تتم من خلال اقدام الحكومة على إنشاء جهاز قومى لتنظيم وتداول المواد البترولية والغاز يمثل فيه كل الجهات المعنية بقضية الطاقة وهى وزارات المالية والبترول والتموين والتنمية المحلية والداخلية والشعبة العامة للمواد البترول.
ولابد، فى رأى «د. عرفات»، المضى قدما لاتاحة الفرصة كاملة لهذا الجهاز لدراسة السوق بتمهل شديد والخلوص إلى خطة متكاملة لترشيد دعم الطاقة بما لا يترتب عليه زيادة الأعباء على الطبقات الفقيرة، على أن يتم إعادة توجيه ما يتم تدبيره من موارد من خلال ترشيد دعم الطاقة إلى مشروعات البنية الاساسية وتحديدا مشروعات رصف الطرق وتطوير مشروعات نقل الركاب.
ف «الجهاز القومى المقترح» سيكون مطالبًا بمجرد الانتهاء من تشكيله بتوزيع الأدوار، بحيث تتولى وزارة البترول مسئولية تدبير الكميات الكافية للاسواق بناء على دراسات جادة للسوق، فيما يكون دور وزارة المالية توفير التمويل الكافى، وتتولى الشعبة العامة للمواد البترولية من خلال شبكة محطات التموين ومستودعات توزيع اسطوانات الغاز مسئولية تداول وتوزيع المواد البترولية والغاز، وذلك تحت رقابة جادة من وزارتى التموين والداخلية، وتوجيه مدروس من قبل المحليات.
لكن «الوقت الحالى»، وفقا ل «د. عرفات»، غير مناسب للحديث عن رفع أسعار المواد البترولية، لأن السوق يعانى أزمات لا تنتهى فيما يتعلق تحديدا بالمنتجات البترولية، وأن حديث الحكومة عن كوبونات البوتجاز وكروت البنزين والسولار مجرد ملهاة لشغل الرأى العام عن أحدث أخرى تحدث، وأنه بعد 3 سنوات من الحديث حول الكوبونات أدركت الحكومة أن توزيع اسطوانات البوتجاز عبر آلية الكوبونات أمر يعتريه العديد من عوامل الفشل، وبالتالى قررت تعديل الفكرة ليكون التوزيع عبر آلية «الكروت الذكية».
وتتمثل الآلية المثالية لاصلاح دعم الطاقة فى قيام الحكومة بوضع خطة لترشيد دعم الطاقة من خلال رفع أسعار المواد البترولية تدريجياً، وتوصيل الدعم للأفراد فى شكل نقدى، لأن دعم المواد البترولية يستفيد منه مالكو السيارات، وليس كل الشعب، وفى ذات الوقت على الحكومة القيام بتوفير وسائل مواصلات تقدم خدمة نقل جيدة للأفراد قبل الاقدام على تنفيذ تجربة كوبونات الطاقة، وأن يتم إعادة توجيه جزء من الوفورات المحققة إلى تنفيذ مشروعات البنية التحتية وتحديدا إنشاء وتجديد وصيانة شبكة الطرق والكبارى، لأن ذلك سيرتب خفضًا فى استهلاك المواد البترولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.