تستيقظ فجر كل يوم، لتجهز عدتها واللانش الخاص بها، حتى تنزل المياه، لتعاود ما كان يفعله والدها ومن قبله جدودها، بعد أن توفى زوجها، لتعول أولادها الأربعة، إنها «شلبية»، مراكبية ميناء الإسكندرية الشرقى، السيدة الوحيدة التى تعمل بالبحر منذ أكثر من 20 عاماً. «شلبية معبودة الجماهير».. تلك الجملة المكتوبة على ظهر اللانش الخاص بها، والتى أطلقها جميع الصيادين بالميناء عليها، نظراً لأنها المرأة الوحيدة التى تعمل بالمكان. المرأة الوحيدة بميناء الإسكندرية ورثت المركب عن جدودها منذ عشرين عاماً «شلبية» لها دور مختلف عن ذلك الذى يتبادر إلى ذهن من يراها للوهلة الأولى، إذ إنها تعمل على إدخال وإخراج الصيادين من وإلى مراكبهم، كما تساعد على إيصال ألواح السمك إلى حلقة السمك الشهيرة بمنطقة بحرى، شرق الإسكندرية. تقول شلبية حمو، صاحبة الخمسين خريفاً: «أنا الست الوحيدة اللى بشتغل فى بحر إسكندرية، عشان وارثة الشغل ده أباً عن جد، كنت بنزل مع جدى وأبويا الشغل، من وأنا عندى 7 سنين، ولما كبرت ولقيت الحمل زاد على والدى نزلت اشتغلت معاه، ومن بعده بقيت بساعد جوزى فى مصاريف البيت». وتابعت «شلبية»: «العيلة كلها بتشتغل فى البحر، اتولدت على صوت الموجة، وريحة الزفارة والسمك، حلقة السمك كانت لعبتى وأنا صغيرة، لحد ما كبرت وبقى البحر حياتى وأكل عيشى وولادى وأحفادى». وأضافت: «كل يوم الساعة 2 قبل الفجر يبدأ الشغل بتاعى، بقعد على القهوة لحد ما اللانش بتاعى يجهز، وبعدين بأطلع أشوف أكل عيشى، أوصل الصيادين لمراكبهم، وآخد ألواح السمك منهم، عشان أوصلها للحلقة». وأوضحت: «شغلانة المراكبية صعبة أوى، لأن البحر محتاج قوة فى التعامل مع المراكب، ووسط الموج، خصوصاً فى الشتاء، لما بيكون الموج عالى، بس ربنا بيدينى قوة 100 راجل فى بعض». وأردفت فى روايتها عن زوجها الذى توفى أثناء صيده بالقرب من المياه الإقليمية لدولة تونس: «جوزى كان أفضل صياد فى إسكندرية، وكنت دايماً سنده فى الحياة، ولما مات المركب بتاعته حزنت عليه ومبقتش تشتغل زى الأول». فيما تعد «شلبية» أشهر مراكبية بالميناء الشرقى، إذ يحاول جميع المراكبية مساعدتها لكونها السيدة الوحيدة التى تعمل فى وسط الصيادين. يراها الصيادون بنظرة مختلفة؛ يقول أحد الصيادين بميناء الإسكندرية الشرقى: «من يوم ما وعينا على البحر، كانت شلبية موجودة بتشتغل وسط الرجالة، متفرقش عنهم أى حاجة، بتنزل البحر بالمركب، عشان تساعد جوزها وعيالها، وتكمل مسيرة جدودها، اللى من أول ما اتولدوا كانوا فى البحر».