عصا من المعدن أو ملعقة كبيرة توضع على الفحم المشتعل لتسخينها حتى تصبح بلون الجمر، ويجتمع مجموعة من أهالي المنطقة وعلى رأسهم "المبشّع"، ثم يحضر المتهم بأي جريمة ليُضع على أقدم جهاز لكشف الكذب أمام الجميع وهي "البِشعة". مشهد من مسلسل "حارة اليهود" ظهرت "البِشعة" لكشف حقيقة اختفاء ابنة الفتوة فتحي العسار، الذي يجسده الفنان سيد رجب حيث اتهم العسار فتوة آخر كان في الأصل صبي له، يسمى "نطاط" ويجسده الفنان وليد فواز، بخطف ابنته، وعندما وضعت البشعة على لسان نطاط، لم تؤذيه وبذلك أعُلنت براءته من خطف الفتاة. وتُعرف خرافة "البِشعة" أنها أقدم وسيلة اخترعها المصريون تحديدًا بدو سيناء لكشف الكذب، فمن المتعارف عليه أن البدوى يأنف الكذب ويأبى أن يتهمه أحد به لذلك ابتكرها البدو، لتكون أداة فاصلة بين الحق والباطل، ويعقد مجلس عرب في بيت أحد كبار القبائل، يحضره الخصوم ثم يقوم المبشّع – القائم بالعملية - بإحماء قطعة من المعدن أشبه بمقلاه البيض الصغيرة أو الملعقة في نار حتى تصبح بلون الجمر. ويفركها المبشّع 3 مرات بذراعه لكى يتأكد أن النار لن تضر الأبرياء، ويمد قطعة المعدن أمام المشكوك بهم قائلاً "أبشع"، يمد المتهم لسانه حتى يتأكد الحاضرين أن لسانه سليم ليس به أى علامات ثم يلحس المتهم قطعة المعدن 3 مرات وحال كان صادقًا فلن يضره شيئًا ويطلق عليه "موغوف" أما إذا كان كاذبًا فيجف لسانه من الاضطراب لتلتصق به البِشعة. "90% من الحالات التي تتعرض للبِشعة يتم اعترافها بالجرم قبل تعرضها لتلك العملية"، هذا ما أكده المؤرخ السيناوي عبدالعزيز غالي، أن ظاهرة البِشعة كانت موجودة بصورة شائعة حتى فترة السيتينات والسبعينات في المجتمع السيناوي إلا أنها اندثرت ولم يتبقى منها إلا جزء في الشرقية، وبشعة العيادي هي النوع المصري الوحيد بين باقي الأنواع وترجع إلى عائلة أبو عويمر من المحاسنة من السلاطنة من قبيلة العيادية بسيناء ومقرها الآن في الإسماعيلية. وتابع:" كانت تستخدم البِشعة كوسيلة نفسية لإرهاب المذنب حيث إن كاريزما المبشِع لها حضور قوي وتأثير سريع على نفس الجاني، محاولاً استدراكه وتخويفه من الله عز وجل قبل دخوله على هذه المحنة". وأوضح غالي، أن البِشعة تنافي وتخالف الشريعة لأنها تعتبر تعذيب بالنار، لذلك استبدلوها البدو في الوقت الحالي بأن يأمر المتهم بالوضوء والتطهير ثم يقوم الملقن بتلقينه بالحلفان وتعريفه بأن إذا كان في الحلف كذب سيلحق به مصائب خلال 40 يوم.