وكأننا على موعد مع موسم استهداف البابا المصرى تواضروس الثانى، الذى يقف والكنيسة على مشارف اجتماع مجمع الأساقفة الدورى الذى درج على اعتماد ما انتهت إليه لجانه المجمعية من قرارات، أو ما يستجد من قضايا تُطرح للمناقشة وصولاً إلى اتفاق يدعم الكنيسة فى مسيرتها الرعوية والروحية. وكنت قد أصدرت بياناً قبيل اجتماعه السابق، فى نوفمبر 2014، يتضمن الرفض الكامل والواضح لكل محاولات تجميد أو إعاقة خطوات البابا تواضروس الثانى، أو محاصرته، ومناشدة الآباء المستنيرين بالمجمع المقدس التصدى للمؤامرة التى يقودها البعض داخل مجمعهم وتحالفاتهم خارجه، لإسقاط البابا أو وقف مسار الإصلاح واسترداد الكنيسة لموقعها المتقدم فى خريطة الخدمة وفى الوطن. وقبيل أيام اقتحمتنا عبر مواقع إلكترونية بعينها موجات من الأخبار المغلوطة والملتوية عن انفصال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بجنوب الولاياتالمتحدةالأمريكية بقيادة أسقفها الأنبا يوسف عن الكنيسة الأم، وكان لا بد من تتبع هذه الأخبار للوقوف على صحتها ومصدرها، لينتهى بنا البحث إلى أن مصدرها الشخوص أنفسهم الذين قادوا الحملة الأولى متحصنين بمواقعهم القريبة بالكاتدرائية، وبالتواصل مع قدامى المهاجرين بالولاياتالمتحدة (ستينات القرن العشرين)، وبعضهم من المؤسسين للتيار العلمانى القبطى، تتكشف أبعاد ما حدث والذى تم تشويهه عمداً. إن موجات المهاجرين الأقباط الأولى فى عصر عبدالناصر وما بعده، كانوا يجيدون العربية والإنجليزية، وبحسب تعبيره لم يأخذوا معهم سوى كنيستهم بكل ما تعنى وبكل زخمها وتراثها، التى تابعتهم من خلال خدمة مؤسس كنائس المهجر الحقيقى الأنبا صموئيل أسقف الخدمات وقتها، ليولد هناك جيل ثان من المصريين يجيد الإنجليزية ويتكلم العربية دون أن يتقن كتابتها، ثم يأتى الجيل الثالث من الأمريكيين من أصل مصرى، أحفاد الجيل الأول، يتقنون الإنجليزية ولا يعرفون شيئاً من العربية إطلاقاً، وكادت الكنيسة تفقد التواصل معهم، نشأةً وتعليماً، فكان القرار الذى اتخذ مبكراً تحسباً لهذا الأمر، قبل عشرين سنة، الصلاة باللغتين العربية والإنجليزية. وتشهد الولاياتالمتحدة عقب التطورات المتلاحقة بمصر بعد يناير 2011 موجات من الهجرة المصرية القبطية، محملة بكل ما فى المجتمع المصرى من أنساق حياة وقد تم تجريف منظومة قيمه وتشويهها، لتعانى الكنيسة هناك من ارتباكات صدام الأنساق الحياتية بين المهاجرين القدامى وأجيالهم وبين المهاجرين الجدد، فكان قرار الكنيسة بقاء الكنائس القائمة وإقامة كنائس جديدة تعتمد الإنجليزية لغة صلاة وتعليم لسد احتياج الجيل الثالث والوصول برسالة الكنيسة له. وعرض الموقف على قداسة البابا بشكل مباشر وعلى المجمع عبر اللجان المجمعية، لإقراره، بانتظار أن يصدر قرار اعتماده عن المجمع فى دورة انعقاده العادية 28 مايو الحالى. ويجدها المتربصون المضارون، ومعهم علمانيون انتهازيون ممن اهتزت مصالحهم، فرصة لشن حملة جديدة تعوق مسيرة البابا التنويرية، وسعيه للانتقال بالكنيسة من الفرد للمؤسسة، فسربوا الواقعة على غير حقيقتها، وأشاعوا أن كنائس أمريكا المصرية انقلبت على «القبطية» التراث والتاريخ، وانفصلت عن الكنيسة الأم واستقلت، لنكتشف من جديد حاجتنا إلى إعادة النظر فى عدة أمور، على رأسها تحريك المواقع الخدمية بحيث لا يمكث المسئول عنها فى موقعه أكثر من أربع سنوات اتساقاً مع قواعد الإدارة الحديثة، ومن أمثلتها؛ المركز الثقافى القبطى والمركز الإعلامى وسكرتارية البابا، ودراسة إضافة رتبة البطريرك الإقليمى فى البلاد التى تشهد كثافة قبطية، كنموذج الكنيسة الكاثوليكية، وتخضع تدبيرياً وروحياً لبابا الإسكندرية، ويكون له مجمعه المحلى ويملك صلاحيات إدارة بطركيته فى إطار السياسة الكنسية العامة، ويبقى تطوير وسائل الاتصال والإعلام الكنسى لكشف ما يدور حول الكنيسة وداخلها.