أبلغت الشرطة عن قاتل والدها لحقن الدماء بين عائلتين: الدم بيجيب دم البحث عن دولة القانون فى إقليم ساد فيه الثأر، لم يكن بالأمر السهل على «انتصار الجزار» ابنة قرية القناوية بمحافظة قنا، قررت الفتاة العشرينية كسر الأعراف التى عفا عليها الزمن وإعلان انتصار «القانون» على «الثأر»، تلك العادة التى لم يستطع أهالى الصعيد التخلى عنها. تعود قصة «انتصار» إلى العام الماضى عندما اندلع خلاف بين أهل قريتها وقرية الشويخات، قُتل فيها أحد شباب القرية المجاورة، فقررت عائلته الثأر لفقيدها من والدها الذى يبلغ 63 عاماً، قتلوا والدها وسحلوه على الرمال وتركوه فى الجبل ليكون وجبة شهية للضباع، وفى الوقت الذى أخفت فيه أسرتها الواقعة على الشرطة حتى يأخذ أخواتها بالثأر لوالدهم، ذهبت هى لإبلاغ الشرطة لحقن الدماء بين العائلتين: «قالولى إحنا معندناش بنات تتدخل فى التار، والدم بالدم، وأنا قلتلهم مش هسمح لأولادكم يتيتموا والدم يبقى للركب». طول مدة التقاضى وغضب إخوتها الذكور مما فعلته، لم يدفعا «انتصار» إلى مرحلة الندم على ما فعلته: «كنت خايفة الحكم على المتهمين يخذلنى لكن عمرى ما ندمت على إبلاغ الشرطة رغم حزنى على أبويا ورغبتى فى الثأر ممن قتله لكن بالقانون»، سنوات التعليم التى قضتها حتى وصلت إلى كلية الهندسة جامعة أسوان، كانت بمثابة الدافع القوى لأن تقف فى وجه عائلتها وتقنع رجالها بأن القانون هو الحل: «خدنا عزا أبويا من 15 يوم، القانون قال كلمته واتحكم على 4 من اللى قتلوه بالإعدام والباقيين عليهم الدور». بقدر حزن «انتصار» على مقتل والدها، بقدر فرحتها بالحكم وبكونها أول صعيدية تقف فى وجه الثأر: «شعرت بالعار لما الجناة خطفوا أبويا المسن واتنين كمان وقتلوهم، لكن حكّمت عقلى وقدرت أقنع عيلتى إن الدم هيجيب دم، وطول ما فيَّا نفس مش هبطل أتكلم عن فكرة التار فى الصعيد اللى يتم أطفال ورمل ستات». محاولة الفتاة العشرينية لفرض سيادة القانون على قريتها وإقحام الشرطة مرة أخرى للتحقيق فى قضايا القتل بين العائلات، دفع العديد من العائلات المجاورة لتقليدها حتى يهدأ الدم على أرض الصعيد التى طالما ارتوت بدماء الثأر.