كما لو كان إدمان المخدرات عن طريق الشم أو البلع لا يكفى لتدمير شبابنا حتى تُستحدث أنواع جديدة من المخدرات لم تكن لتخطر على بال أحد كالمخدرات الرقمية أو الإلكترونية أو «iDoser» وتسمى كذلك بالإنجليزية «Digital Drugs»، وقد ظهرت المخدرات الرقمية مؤخراً فى مجتمعاتنا العربية وكثرت الأقاويل حولها، فهى عبارة عن مقاطع لنغمات يتم سماعها عبر سماعات كبيرة بكلتا الأذنين عن طريق بث ترددات معينة فى الأذن اليمنى على سبيل المثال وترددات أقل إلى الأذن اليسرى تقوم بدورها بإرسال ذبذبات كهرومغناطيسية معينة تتسبب فى إفراز مواد منشطة للحالة المزاجية تؤدى فيما بعد إلى ما يشبه الإدمان لمن يعتاد على سماعها، حيث يستخدمها أيضاً بعض الأطباء لعلاج بعض الأمراض النفسيّة، ولكن بحذر شديد ومقدار محسوب، وأما الأكثر خطورة فى هذا الأمر فهو عدم وجود رقابة رسمية للمواقع التى تبث مثل هذه النغمات أو المخدرات الرقمية والإلكترونية حتى الآن، كما أنه يتم الترويج لها كثيراً عبر مواقع الإنترنت وعلى الملأ دونما تحفظ، وأحياناً ما يكون الحصول عليها فى مقابل القليل من الدولارات، إلى جانب إمكانية إيجادها أيضاً عبر موقع «يوتيوب» وبشكل مجانى!! وقد تطرح هذه الظاهرة العديد من التساؤلات المهمة حول حقيقة تأثير هذه المخدرات الرقمية على مدمنيها وإذا ما كانت هناك بالفعل أسانيد علمية تدلل على أنها ضارة بالصحة وتُحدث تلك التأثيرات الخطيرة أم ماذا؟ وإذا ما كانت كذلك، فهناك تساؤلات أخرى تفرض نفسها تتعلق بالرقابة على مثل هذه المواقع سواء كانت الرقابة المؤسسية أو الحكومية، بالإضافة طبعاً للرقابة الأسرية التى أصبحت -بكل أسف- شبه منعدمة، خاصة فيما يتعلق بحرية تداول المعلومات على الإنترنت بعدما أصبحت الهواتف المحمولة -أو الموبايل- فى متناول يد معظم الأطفال والمراهقين الذين غالباً ما يسيئون استخدامها باختياراتهم السيئة للمواقع التى يرتادونها، خاصة تلك التى تزودهم بهذه الجرعات من الموسيقى الصاخبة التى تُحدث تأثيراً سيئاً على مستوى كهرباء المخ مما لا يشعر المتعاطى بالنشوة والابتهاج فحسب وإنما أيضاً يشعره بشرود ذهنى مما يعتبر من أخطر ما يكون لتوليده ما يشبه إدمان المخدرات، خاصة مع هذا القدر من الاستمتاع الزائف، حيث يصابون بحالة من عدم التركيز التام والانفصال عن الواقع، كما أن الأعراض قد تصل فى بَعْض الأحيان إلى التشنج نتيجة لحدوث خلل فى كهرباء وذبذبات المخ جراء الاستماع المتكرر لمثل هذه الموسيقى العنيفة الصاخبة، وكل هذا وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام نقلاً عن بعض الأطباء أو الشباب، إن إشارتى لمثل هذا الموضوع اليوم ليست فقط لدق ناقوس الخطر تجاه هذه الظاهرة، وإنما أيضاً لرغبتى الشديدة حقاً فى معرفة حقيقة المخدرات الرقمية وإذا ما كانت بالفعل حقيقة أم هاجساً، خاصة أن بَعْض الشباب، وأيضاً الأطباء، قد أكدوا بدورهم أنها وهم لا وجود له إلا فى أذهان البعض، ولذلك أفيدونا يرحمكم الله، ألا من مجيب؟! إلى اللقاء السبت المقبل.