منذ أن بدأت العلاقات «المصرية - الروسية» فى العودة إلى قوتها من جديد مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى شئون البلاد، وبدأت روسيا تمد مصر بالأسلحة، أُثيرت الأقاويل حول جدوى كل هذه الأسلحة التى تبيعها روسيا ليس لمصر فقط، بل لكثير من دول العالم، وتطرق البعض إلى احتمالية نشوب حرب عالمية ثالثة، وأن كل الدول تأخذ احتياطها لهذه الحرب، فأصبح المنطق السائد فى العالم منذ فترة هو «لغة السلاح»، وبدلاً من أن تتنافس الدول للحصول على العلم والتطور، دخلت جميع الدول الصغيرة قبل الكبيرة إلى «حلبة سباق التسلح». شهد عام 2014 والربع الأول من عام 2015، مجموعة من أبرز صفقات السلاح بين مختلف دول العالم، خاصة فى منطقة الشرق الأوسط، وتعد أهم هذه الصفقات هى التى وُقعت بين مصر وروسيا، حيث بدأت الحكومة الروسية الشهر الماضى تسليم منظومات صواريخ الدفاع الجوى «أنتاى 2500» لمصر، وهى صواريخ «أرض - جو» روسية طويلة المدى يمكنها الاشتباك مع الأهداف الباليستية بمدى يصل إلى 400 كم، وكانت «فنزويلا» هى أول دولة تمتلك هذه المنظومة بعد روسيا وتم عرضها أيضاً على إيران. ولم تكن روسيا هى الدولة الوحيدة التى تعاونت معها مصر خلال سباقها التسليحى، ففرنسا أيضاً كان لها نصيب كبير من توريد الأسلحة إلى مصر، ففى فبراير الماضى وقعت الحكومة المصرية صفقة أسلحة مع نظيرتها الفرنسية بقيمة 5٫2 مليار يورو، وتشمل الصفقة شراء فرقاطة بحرية متعددة المهام طراز «فريم»، وصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى طراز «إم. بى. دى. إيه» و24 طائرة مقاتلة «رافال»، ستحصل مصر على 3 طائرات منها فى شهر أغسطس المقبل، ثم تحصل على الباقى بعد ذلك. وفى أواخر عام 2014، وتحديداً فى شهر أغسطس وقعت وزارة الدفاع المصرية عقداً مع شركة «آفتاكراز» الأوكرانية للشاحنات الثقيلة، لتوريد مجموعة من الشاحنات الأوكرانية «كراز 6322» المدرعة، ولم يتم الكشف عن تكلفة العقد أو عدد الشاحنات التى ستحصل عليها مصر أو وقت التسليم، حسبما قالت المتحدثة باسم الشركة الأوكرانية، وعلى الرغم من أن الحكومة الأمريكية كانت تسعى لعدم إمداد مصر بالأسلحة عقب الإطاحة بحكم «الإخوان»، فإن مصر وقعت أيضاً مع وزارة الدفاع الأمريكية صفقة لصواريخ «هيلفاير» فى ديسمبر الماضى، وبلغت القيمة الإجمالية لهذه الصفقة -حسب موقع وزارة الدفاع الأمريكية- حوالى 150 مليون دولار مقابل بيع 2109 من صواريخ «هيلفاير» تتوزع على مصر والعراق والسعودية ودول أخرى، ويشمل العقد الموقع أيضاً أن تقوم الحكومة الأمريكية ممثلة فى وزارة الدفاع بتدريب مشترى الصواريخ على استخدام الصواريخ الموجهة «m36e7» و«TGM»، والتدريب الجوى على الصواريخ «atm-114Q-6». ومن المقرر أن تنتهى مدة تسليم هذه الصواريخ فى 30 نوفمبر 2016. لم تكن مصر وحدها هى التى بدأت سباق التسلح من بين الدول العربية، حيث أكد تقرير نُشر مؤخراً أن المملكة العربية السعودية تصدرت فى عام 2014، الترتيب الأول عالمياً فى استيراد التجهيزات العسكرية. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية «فرانس برس»، عن مكتب خبراء «آى. إتش. إس. جينس»، قوله «إنه فى عام 2014 ازدادت مبيعات الأسلحة للسعودية للعام السادس على التوالى فوصلت إلى 64٫4 مليار دولار مقابل 56 ملياراً فى عام 2013، أى بزيادة 13٫4%»، وأوضح التقرير أن السعودية أصبحت أكبر مستورد للأسلحة فى العالم مع استيراد معدات عسكرية بقيمة 6٫4 مليار دولار. وتقدمت السعودية -التى كانت ثانى بلد عام 2013- على الهند، وأصبحت «أهم سوق» للولايات المتحدة، وأضاف: «الاستيراد السعودى ازداد بمعدل 54% وسيزداد أيضاً بمعدل 52% فى عام 2015، ليصل إلى 9٫8 مليار دولار». وجدير بالذكر أن السعودية والإمارات -وحدهما- استوردا بقيمة 8٫6 مليار دولار من التجهيزات العسكرية فى عام 2014، أى أكثر من أوروبا الغربية بمجملها. من جانبه، نقل موقع «ديفينس ويب» المعنى بالشئون الدفاعية والعسكرية، عن بيتر وايزمان الباحث بمركز «ستوكهولم» لدراسات السلام، قوله إنه يتوقع أن تبرم دول الخليج ومصر والعراق وإسرائيل وتركيا المزيد من صفقات السلاح خلال السنوات القليلة المقبلة، وأشار «وايزمان» إلى أن واردات دول مجلس التعاون الخليجى تحديداً، التى تقدر بحوالى 54% من الأسلحة الواردة إلى منطقة الشرق الأوسط، تكون من دول أوروبا والولايات المتحدة وباكستان وأستراليا. وفى لبنان، وعلى الرغم من الخلافات والانقسامات الداخلية، فإن الحكومة اللبنانية لم تنس أن تدخل سباق التسلح هى الأخرى، وبمجرد أن أعلنت نيتها للتسلح سارع الكثير من الدول إلى مساعدتها فى ذلك، وأبرز هذه الدول هى المملكة العربية السعودية، حيث قدمت السعودية منحة للجيش اللبنانى بقيمة 3 مليارات دولار مقابل صفقة سلاح كبرى من فرنسا، حسب احتياجات الجيش اللبنانى، بالإضافة لمنحة أخرى عاجلة قيمتها مليار دولار قدمتها السعودية للبنان فى أغسطس الماضى. ورحبت فرنسا بتسليح الجيش اللبنانى بتمويل السعودية بعد موافقة أمريكا وإسرائيل، حيث إن الصفقة لن تشمل الطائرات الحربية التى تهدد الأمن الإسرائيلى، ولا تزال هذه الصفقة رهن طلب السعودية بتحديد موعد تسليمها، حيث إنها الطرف الذى سيدفع ثمن الصفقة. أما الداعم الثانى للبنان فهو إيران، لكن دعمها كان له طريق آخر غير الجيش حيث اتجه دعمها من مال وأسلحة إلى «حزب الله»، لكن بعد إعلان السعودية دعمها للجيش اللبنانى سارعت إيران لاتخاذ نفس الخطوة فقدمت هبة عسكرية غير مشروطة للجيش اللبنانى متى قرر ذلك، لكن هذه الهبة لم تصل إلى الجيش اللبنانى بعد، ويرجع ذلك إلى تحذير أمريكاللبنان من قبول الهبة الإيرانية، نظراً للحظر المفروض على إيران من ناحية ومشاركة إيران فى القوى الداعمة لبشار الأسد وتدخل «حزب الله» فى سوريا من ناحية أخرى، حيث هددت أمريكالبنان برفع الدعم عنها وعدم حمايتها فى حال قبول الهبة العسكرية الإيرانية، وأعادت «موسكو» تفعيل الهبة العسكرية التى كانت قد قررتها الحكومة الروسية لحكومة «الحريرى» عام 2010 بهدف تزويد الجيش بالسلاح، لكنها توقفت حينها بعد إسقاط حكومة «الحريرى»، بينما قررت الحكومة الأمريكية إرسال أسلحة خفيفة وذخائر للجيش، ضمن الصفقة التى أبرمها رئيس تيار المستقبل سعد الحريرى مع الإدارة الأمريكية حول تسليح الجيش اللبنانى بقيمة 200 مليون دولار ضمن هبة المليار دولار من السعودية، وتشمل الصفقة تزويد الجيش اللبنانى بطائرتى «سيسنا» جديدتين مع ذخائرهما من صواريخ «هيلفاير»، وطائرة أو أكثر من طراز «امبراير أى إم بى توكانو»، على أن تزود بصواريخ هجومية تقتصر على الأهداف الأرضية. ولجأت عُمان أيضاً إلى عقد صفقات عسكرية للتزود بالأسلحة، وتعد صفقتها مع الولايات المتحدةالأمريكية للحصول على طائرات «C-130» هى الأهم على الإطلاق، وبموجب هذه الصفقة طلبت عُمان من أمريكا تزويدها ب3 طائرات وقامت بتسلمها جميعها على مدار أعوام 2012، و2013، و2014. الأردن أيضاً اقتحم سباق التسلح فى الشرق الأوسط، بصفقة لشراء 72 راجمة صواريخ أمريكية «gmlrs m31» بقيمة 192 مليون دولار، ويُعد نظام الصواريخ المتعددة الذى اشتراه الأردن مؤخراً من الولايات المتحدةالأمريكية من أكثر الأسلحة تقدماً، حيث إنه قادر على حمل 6 صواريخ فى كل جراب، ليصل مجموع الصواريخ التى تحملها الراجمة الواحدة حوالى 432 صاروخاً. وتم توقيع هذه الصفقة مع أمريكا بعد موافقة الإدارة الأمريكية، وجاءت تلك الموافقة بعد زيارة ملك الأردن الملك عبدالله الثانى الأخيرة إلى واشنطن الشهر الماضى لطلب زيادة مبيعات الأسلحة لدولته للتمكن من مواجهة تنظيم «داعش». وحصلت أفريقيا على المركز الثالث من حيث واردات الأسلحة فى العالم، حيث ارتفعت نسبة الأسلحة الواردة إلى القارة السمراء بنسبة 45% على مدار السنوات العشر الماضية، واحتلت الجزائر المركز الحادى عشر عالمياً والأول أفريقيا، فى قائمة أكثر الدول المستوردة للسلاح خلال السنوات الخمس الماضية، حيث آلت نسبة 3% من مبيعات السلاح فى السوق الدولية للجزائر، واستحوذت على 30% من واردات أفريقيا من السلاح. وبحسب التصنيفات العالمية، فإن واردات الجزائر من الأسلحة خلال الفترة بين 2009 و2014 ارتفعت بنسبة 30% تليها المغرب بنسبة 26% ثم السودان بنسبة 6%، وكشفت الإحصاءات أيضاً عن أن طلبيات الجزائر من السلاح خلال عام 2014، تمثلت فى طلبها ل3 فرقاطات من الصين، و926 مركبة لنقل الجنود و42 مروحية هجومية وغواصتين. ولم تكن هذه الصفقة الأخيرة التى عقدتها الجزائر، حيث إن الحكومة الجزائرية وقبل صدور تقرير مركز السلام الدولى بيومين، عقدت صفقة مع جارتها الحكومة التونسية لكن هذه المرة كمساعدة وليس للشراء، حيث سلمت الجزائر الحكومة التونسية صواريخ «جو- أرض» فى 15 مارس الحالى، وكشف مصدر أمنى جزائرى أن الصواريخ الممنوحة لتونس روسية الصنع، وتستخدم فى قصف أهداف أرضية كمساعدات لدعم تونس فى مواجهة الجماعات الإرهابية، وقال المصدر لوكالة «الأناضول»، إن «الجيش التونسى تسلم دفعة من الصواريخ «جو - أرض» تستعمل فى عمليات مكافحة الإرهاب مثل قصف مخابئ الجماعات الإرهابية، من الجيش الجزائرى»، من دون أن يحدد أعداد تلك الصواريخ، وأوضح أن «المساعدات تم نقلها عبر ممر برى فى محافظة تبسة الجزائرية الحدودية مع تونس»، مشيراً إلى أن هذه الصواريخ من مخزون الأسلحة لدى الجزائر. من جانبه، ذكر موقع «ديفينس ويب» إن واردات أفريقيا من الأسلحة قد زادت بنسبة 45% خلال السنوات العشر الماضية، وأشار الموقع، فى تقرير له عن ارتفاع نسبة صادرات السلاح العالمية إلى القارة الأفريقية، إن واردات الأسلحة فى أفريقيا زادت بنسبة 45% بين الفترتين ما بين عامى 2005 - 2009 إلى 2010 - 2014، وكانت الجزائر أكبر مستورد، وتابع التقرير أنه بين عامى 2005 - 2009 وعامى 2010 - 2014، زادت نسبة واردات الجزائر من السلاح بنسبة 3%، بينما زادت واردات المغرب من السلاح بمقدار أحد عشر ضعفاً.