30 يوليو 2025.. البورصة تهبط دون مستوى 34 الف نقطة    رئيس الوزراء: استراتيجية وطنية لإحياء الحرف اليدوية وتعميق التصنيع المحلي    السلطات الروسية تلغي التحذير من خطر حدوث تسونامي في شبه جزيرة كامتشاتكا    مصنعو الشوكولاتة الأمريكيون في "ورطة" بسبب رسوم ترامب الجمركية    روسيا: الحوار بين إيران والصين وروسيا يظهر إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني    إعلام لبناني: الجيش الإسرائيلي يستهدف بالمدفعية أطراف بلدة "عيترون" جنوبي لبنان    كيسيه يضغط للرحيل عن الأهلي السعودي    الممنتخب المصري للمصارعة يحصد 6 ميداليات في دورة الألعاب المدرسية بالجزائر    وادى دجلة يضم الحارس حسن الحطاب قادما من بلدية المحلة    2 نوفمبر.. النقض تحدد جلسة نظر طعن شريكة سفاح التجمع    35 ألف طالب تقدموا بتظلمات على نتيجة الثانوية العامة حتى الآن    إصابة شخصين إثر انقلاب موتوسيكل فى المعادى    غدًا جنازة لطفي لبيب من كنيسة مارمرقس كليوباترا بمصر الجديدة    أحمد زايد: الفوز بجائزة النيل في فرع العلوم الاجتماعية ليست نهاية المطاف بل البداية    روسيا تلغى تحذير تسونامى فى كامتشاتكا بعد الزلزال العنيف    ثواني بين يدي فيروز    تكنولوجيا المعلومات ينظم معسكرا صيفيا لتزويد الطلاب بمهارات سوق العمل    اعتذارات بالجملة في قطاع الناشئين بالزمالك    بعد عامين.. عودة ترافورد إلى مانشستر سيتي مجددا    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    مي طاهر تتحدى الإعاقة واليُتم وتتفوق في الثانوية العامة.. ومحافظ الفيوم يكرمها    رئيس جامعة بنها يترأس اجتماع لجنة المنشآت    73 ألف ترخيص لمزاولة المهن الطبية خلال السبعة أشهر الأولى من 2025    رئيس النيابة الإدارية يلتقي رئيس قضايا الدولة لتهنئته بالمنصب    ضبط عاطل و بحوزته 1000 طلقة نارية داخل قطار بمحطة قنا    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل ب 300 دينارًا بالأردن    رئيس جامعة القاهرة يفتتح فعاليات المنتدى الثاني للابتكار الأكاديمي وتحديات سوق العمل    جامعة سوهاج تعلن النتيجة النهائية لكلية الطب للفرقه الاولي    7 مؤتمرات انتخابية حاشدة لدعم مرشحي مستقبل وطن بالشرقية    "التضامن" تستجيب لاستغاثات إنسانية وتؤمّن الرعاية لعدد من السيدات والأطفال بلا مأوى    مشروع رعاية صحية ذكية في الإسكندرية بمشاركة الغرف التجارية وتحالف استثماري    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    215 مدرسة بالفيوم تستعد لاستقبال انتخابات مجلس الشيوخ 2025    خسارة شباب الطائرة أمام بورتريكو في تحديد مراكز بطولة العالم    معلومات الوزراء: مصر في المركز 44 عالميًا والثالث عربيا بمؤشر حقوق الطفل    مبيعات فيلم أحمد وأحمد تصل ل402 ألف تذكرة في 4 أسابيع    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    مصير رمضان صبحى بقضية التحريض على انتحال الصفة والتزوير بعد تسديد الكفالة    الهلال الأحمر المصري يرسل قوافل "زاد العزة" محمّلة بالخبز الطازج إلى غزة    السفير الأمريكي بإسرائيل: لا خلاف بين ترامب ونتنياهو.. والوضع في غزة ليس بالسوء الذي يصوره الإعلام    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    حميد أحداد ينتقل إلى الدوري الهندي    لم نؤلف اللائحة.. ثروت سويلم يرد على انتقاد عضو الزمالك    انخفاض أرباح مرسيدس-بنز لأكثر من النصف في النصف الأول من 2025    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    عبداللطيف حجازي يكتب: الرهان المزدوج.. اتجاهات أردوغان لهندسة المشهد التركي عبر الأكراد والمعارضة    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطاب الدينى ودور الإعلام فى التجديد
نشر في الوطن يوم 26 - 11 - 2014

مع تتابع الأحداث وتوالى الكبوات التى تحيط بنا وتهز مجتمعنا، تتعالى الأصوات وترتفع ما بين مطالب بتجديد الخطاب الدينى، أو متحامل عليه وعلى المؤسسات الدينية -الأزهر والأوقاف- وكأنها السبب فى حدوث تلك النكبات من حوادث إرهابية أو حوادث طرق أو مظاهرات، أو غيرها مما يؤرق حياتنا ويهدد استقرارنا.
والحق والعدل الذى ينبغى أن يكون لنا منهجاً، والصالح العام الذى ينبغى أن يكون لنا غاية وهدفاً أن الحاجة ملحة لخطاب دينى رائق يوقظ الضمائر، ويثقف العقول، ويحرك الفكر، ويحيى القيم فى النفوس، لينعكس أثرها سلوكاً واقعياً، خاصة فى ظل ما تحياه أمتنا من شتات فكرى وتردٍ للحالة الدينية، وتخلف علمى بيّن سببه المفكر الجزائرى الراحل (مالك بن نبى) فى عبارة قالها: «إن التخلف الذى يعيشه العالم الإسلامى اليوم ليس سببه الإسلام، ولكنه عقوبة مستحقة من الإسلام على المسلمين لتخليهم عنه لا لتمسكهم به كما يظن بعض الجاهلين»؛ إذ إن الإسلام فى جوهره وحقيقته دين يهتم بتنمية العقل واستثمار طاقاته ونشر القيم.
هذا إضافة إلى تصاعد الأحداث السياسية فى المنطقة العربية والإسلامية التى تنذر بخطر يهدد أمن واستقرار تلك البلاد، خاصة بعد أحداث العراق وسوريا وظهور ما يسمى بجماعة (داعش) الإرهابية، وبعد أن أحبطت فى مصر العديد من المخططات الخارجية التى كادت تحدق بالمنطقة كلها.
وعند النظر فى أفكار المطالبين بتجديد الخطاب الدينى -التى يعلو صوتها فى وسائل الإعلام صباح مساء- نجد أنفسنا بصدد اتجاهات مختلفة تنبئ عن أن لكل اتجاه رؤية تختلف عن غيرها فى مفهوم التجديد، تصل بنا إلى أن كل اتجاه يريد تجديداً للخطاب الدينى يرسم صورته ويحدد مفهومه فى نفسه، حسب مكونه الثقافى وخلفيته التربوية، وقد ناقش هذه المسألة فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب فى حديثه عن التراث والتجديد، وبيّن أن قضية التجديد «بدأت تفرض نفسها بعد (سنة 1967) بشكل جاد على طائفة لا يستهان بها من المفكرين والباحثين وأساتذة الجامعات، تراوحت خلفياتها المذهبية من قومية إلى ليبرالية إلى ماركسية إلى علمانية إلى أصولية مادية»، ترتب على أثرها مطالبات ودعوات إلى «نفض اليدين من التراث جملة وتفصيلاً والالتحاق بركب الحضارة الغربية فكراً وسلوكاً، ودعوات إلى تفسير التراث وتأويله بما يتفق وأسس فلسفة ماركس ولينين، والنظر إلى الإسلام -عقيدة وشريعة وأخلاقاً- من خلال قوانين وسائل الإنتاج وعلاقات الملكية والصراع الطبقى، ودعوات تنطلق بنظرتها إلى التجديد من خصائص التراث نفسه وفعالياته وآلاته فى مواكبة التطور تأثراً وتأثيراً، اعتماداً على حركة الاجتهاد المشروع فى أصول هذا التراث».
وما زالت الدعوات إلى التجديد تتوالى وتزداد تصاعداً من كل الاتجاهات، لكن السؤال الذى لا بد أن يعلن بقوة هو: أى نوع من التجديد نقصد؟ هل نريد تجديداً للخطاب الدينى يحفظ الأصول والثوابت، ويراعى المتغيرات والمستجدات، وينفض عنها ما تراكم من غبار يحجبها عن أعين الناظرين؟ أم نريد ترويضاً للخطاب الدينى بحيث يتفق وهوى بعض الاتجاهات التى تريد تبديد بعض أو أكثر الأصول والثوابت؟
إن المؤسسات الدينية لا تألو جهداً فى تحقيق ما يتطلبه الواقع من تجديد للخطاب الدينى، وإن كان من تقصير فلأن البيئة المحيطة بها يجب أن تتهيأ لقبول ما يصدر عنها من نتاج علمى وعملى، فلا يمكن أن يحدث تجديد وسط جو من الصخب الإعلامى يعكر هذا الخطاب، ويشوش عليه ويبخس جهد المؤسسة الدينية الرائدة.
الذى أخشاه من هذه الاتجاهات أو الموجات المتلاحقة التى تشكك فى الدين حيناً وتتعرض لثوابته حيناً آخر، وهو التنكر لتاريخ الأمة المصرية الذى عرفت به منذ فجر التاريخ، وهو التدين الصادق والتمسك بالقيم والثوابت؛ ولذا كانت مصر من أسرع البلاد قبولاً للإسلام وشعبها أشد الشعوب حباً للنبى، صلى الله عليه وسلم، وآل بيته الطيبين وصحابته الأخيار؛ ولذلك كان لا بد من مراعاة طبيعة هذا الشعب حتى نتمكن من التصدى لكل فكر شاذ كيفما كانت صوره وأشكاله.
وثمة دور للإعلام الوطنى فى التصدى للإرهاب، وفى اعتقادى أنه لم يتضح هذا الدور بعد، علماً بأنه لا يختلف اثنان فى أن الإعلام وسيلة مزدوجة الاستخدام؛ فقد تكون وسيلة بناء وارتقاء بالأوطان، وقد تكون وسيلة هدم وتفتيت للشعوب وللقيم، وكونها كذلك فهذا يدعو لمراجعة كل ما يصدر عن هذه الوسائل ومن يتحدثون فيها، ولقد أصابنا ما أصابنا من جرائها تشكيكاً فى ديننا وتشتيتاً لأفكارنا، وقد اتضح جلياً أن الإسلام دين التسامح، ونبيه نبى الرحمة، وهما بريئان مما يحدث من قتل وإرهاب وتطرف؛ ومن ثم لا مجال لاتهام الإسلام أو التعرض لتعاليمه، حتى وإن وردت أو فهمت خطأ بعض النصوص فى بعض كتب التراث، والإسلام له ثوابت وأصول تستقى من مصادره المعروفة، والفكر الإسلامى هو اجتهادات العلماء، يؤخذ منه ويرد عليه، فمن نقّب عن مسألة شذ فيها بعض المفكرين، وتبنى كبرها وإشاعتها فى الإعلام لينادى بتجديد الخطاب الدينى وتنقية كتب التراث؛ فهذا لا شك خبث طوية وسوء نية، ووجب على الإعلام أن يتقى الله فى دين الله، وأولى بالإعلام التركيز على قيم الإسلام السمحة وغرس الانتماء والمشتركات الإنسانية التى تجمع ولا تفرّق، وتوحد ولا تمزق.
إن الخطاب الدينى لا يمكن أن يحقق مقاصده، ولا أن يبلغ هدفه بلا إعلام يركز على الثوابت، ويدعم محاور الاتفاق وينتقى حاملى الرسالة من الأتقياء، لا المروجين للشاذ من الآراء والمتاجرين بالدين.
لقد مرت بلادنا بحالة من استغلال المنابر لترويج فكر أو لصالح جماعة، وهذه الحالة لا يضبطها إلا قانون، وأعتقد أن الوضع الآن أصبح أفضل بكثير من سابقه، غير أننا نحتاج دعم المؤسسات الدينية على كافة المستويات، خاصة من وسائل الإعلام، والوقوف صفاً واحداً خلف الأزهر وإمامه، ورعاية حقيقية من كل المؤسسات للدعوة والدعاة والارتقاء بهم مادياً وعلمياً، وإلا فالتجديد سيكون سراباً وخيالاً لا يمت للواقع بصلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.