لا أخشى «داعش» ولا الإرهاب ولا جرائم التآمر الدولى، لا من باب الاستهزاء أو الاستقواء أو التهوين، ولكن من باب الإيمان بقدراتنا -إن أردنا وامتلكنا الرؤية، وضع تحتهما مليون خط- على دحض تلك الأوهام الكارتونية التى خلقتها الصهيونية العالمية لتفزعنا وتصير سيفاً على رقابنا، تأكل الأخضر واليابس وتقطع الرقاب من أجل المزيد من الخوف والهلع، فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. ولكنى أخشى علينا من أهل الثقة الذين يُفتون ليل نهار فى كل شىء وأى شىء دون مسحة من تمييز أو إبداع، لمجرد أنهم أهل ثقة. فيُصرون على فتح أبواب حديثة بمفاتيح صُنعت منذ عشرات السنوات، وعجب العُجاب أن يتعجبوا من النتيجة. أخشى علينا من تجاهل أهل الخبرة والكفاءة وإبعادهم عن دوائر الاستماع إلى مجرد أن جباههم لم تعتد الانحناء لغير الله. أخشى علينا من دوائر باتت تمنع الرأى وتطن على آذان رئيس نثق فيه ونقدر له صنيعه مع مصر، ولكن ليس بعبارة «تمام يا افندم» تحيا الأمم وتنجو وتنهض. أخشى عليه وعلينا من غياب المعارضة المستنيرة الساعية لبناء لا لهدم، الناقدة بوعى والمدركة لمعانى الألفاظ والتوقيت والهدف. أخشى علينا من غياب الحسم بالقانون، فلا يُعاقب المخطئ ولا يُجازَى المذنب. وقد علّمونا أن من أمن العقاب أساء الأدب والفعل وأجاد الفساد والخيانة. أخشى علينا من تكرار الأخطاء بنفس الأسلوب وغياب الرؤية وإرادة الإدارة الساعية للتغيير، فنعيش الحسرة ليل نهار ونحن نرى ضياع الفرص، الواحدة تلو الأخرى. أخشى علينا من بقاء كل مشتاق على مقاعد المناصب دون تقييم لأداء أو فهم لدور أو مراجعة لاستراتيجيات. أخشى علينا من تجديد دماء الخيانة بكل أصنافها، بوجوه جديدة استباحت جسد الوطن وباعته فى سوق النخاسة الدولية، تحت مسميات التعاون والحقوق والعدالة والديمقراطية. أخشى علينا من عدم إدراكنا امتلاك رفاهية الوقت والخطأ والتجربة فى زمن يتصارعون فيه علينا كما الضباع القميئة. أخشى علينا فقاعات التضليل الدينية والثقافية والإعلامية فى بلادى. أخشى من فتنة كامنة بين الرماد تنتظر بخبث من يمنحها الاشتعال عن جهل أو عمد أو غياب ضمير. أخشى على بلادى وأولادى غياب الشفافية واستمرار التعامل مع عباد الله بمنطق أنهم مؤيدون لوطن داعمون لحاكم. فلا نمنحهم حقيقة ولا نجلى لهم شائعة. أخشى علينا فقدان الصلة بين جيل يمتلك الغد وجيل يصنعه له بإصرار عنيد على القيادة بشكل منفرد وعدم احتواء الضالين من أبنائى. أخشى علينا يا سادة من كل هذا وتتراءى أمام عينى مشاهد انكسار يونيو 67، حينما تآمر العدو وإخوة الدم علينا ومن قبلهم تآمرنا على أنفسنا. فأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأدعو من لا يغفل ولا ينام أن ينير بصائرنا وضمائرنا، حاكماً ومحكوماً، وألا يرينا فى مصرنا نصباً. أخشى علينا وعلى مصر منا.