كشف الرئيس الأمريكي جورج بوش عن حقيقة نواياه ونوايا إدارتهتجاه الإسلام والمسلمين.. ذلك أنه لم يحاول أن يخفي ما تمتلئ به نفسه من حقد على كلما هو إسلامي، معلنا في أغلب خطبه أن الشر كله مركز في الجانبالإسلامي،ومتهما الإسلام بالفاشية. وواقع الأمر أن الحلفالصهيوني الأمريكي قرر بدء الحملة الصليبية المعاصرة للقضاء على الإسلام.. وقد بدأتهذه الحملة قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر في البوسنة والهرسك وكوسوفا وفلسطينوالعراقوإيران وليبيا والسودان والصومال وأفغانستان، ولكن هذه الهجمات وما تلاهامن استقواء أمريكي وانحناء لحكومات الدول العربية والإسلامية عجّلت بتنفيذ المخططالشيطاني. وقد فضح هذه الحملة الصليبية الجديدة توجه القوات الأمريكية بعد هجمات سبتمبر إلى كل منالفلبين وكينيا (قبل العراق) للقضاء على الأقليات الإسلامية هنا وهناك.. إذ أصبح بوش "تحت الطلب" لأية دولة تريد التخلص من المسلمين فيها. وليس هناك أية شبهة لأي دور للمسلمين فيالفلبين وكينيا في الهجوم على أمريكا، بل إن الأخيرة نفسها لم تدّع ذلك، وكلتاالأقليتين مضطهد ومهضوم الحقوق ولهم مطالب شرعية لا يستطيع أحد أن ينكرها عليهم،ولو أن هناك أحرار في عالم اليوم لقاتلوا من أجل نصرة هؤلاء المظلومين. ولكنمدعيّ حقوق الإنسان يتظاهرون برعاية الحيوانات والطيور، ولا تطرف لهم عين وهميقتلون البشر من المسلمين. ولا يختلف اثنان على أن موقف الإدارة الأمريكية منالقضية الفلسطينية، ومن المقاومة العراقية، والمقاومة اللبنانية عار بكل المقاييس، إذ لا يعقل أبدا أن يحرم شعب من مقاومةالاحتلال وتحرير أرضه المغتصبة.. ولا يعقل أن يترك الخنزير الصهيوني الطائش يطيح فيشعب أعزل قتلا وتدميرا وحرقا والعالم يجلس متفرجًا، ثم يخرج علينا هذا البوشبافتراءاته وتهديداته ضد المجاهدين في حماس والجهاد وحزب الله متهما إياهم بماأسماه الإرهاب.. وكأني أري «بوش» وقد امتطاه «أولمرت» وأخذ يندفع به يمنة ويسرة، يهاجم هذا ويهدد ذاك.. ويصنّف خلق الله بالتصنيفات التلمودية التي افتراها بنوإسرائيل، وليصبح كل من يعترض علىالإجرام الصهيوني هدفا مشروعا لهذا الخنزيرالطائش. إن هذا البوش يذرف دموع التماسيح على أهالي دارفور السودانية ويفرض عليهم القوات الدولية (لأهدافه الشيطانية بالطبع)، وهو نفسه الشيطان بوش الذي يجوّع أهالي فلسطين عمدا بفرض الحصار عليهم وإمداد العدو الصهيوني بأحدث أسلحته لإبادتهم. والحقيقة أن الحكومات العربية هي السبب في هذا الموقف المخزي.. فكلماتزايد الانحياز الأمريكي للعدو الصهيوني، وكلما زادت المذابح الأمريكية في العراق، زاد «العشق» بين هذه الحكومات وجلادها الأمريكي، مدّعين أنه الشريك المحايد وراعي عملية «السلام»!. ولا ندري ماذا ينتظر العرب من هذا "الشريك المخالف"بعد أن جاء بنفسه واحتل عاصمة عربية، وبعد أن أعلنها صراحة بأنه مع الصهاينة على طول الخط وأنه ضد الإسلام وضدهم بكلإمكاناته؟. هل العرب لا يملكون وسيلة للضغط على أمريكا؟.. إننا لن نطالبهم بموقفثوري مثل موقف إيران، فهم لا يجرؤون على ذلك، بل لا يجرؤون على مجرد قول كلمة حقلصالحها.. ولكن لماذا لا يفعلون مثل تركيا عندما حاول «الصديق» الأمريكي قبل سنوات، وفي إطارالحملة الصليبية ذاتها،إدانة الدولة العثمانية بارتكاب حرب إبادة ضد الأرمن..فهددت تركيا باتخاذ إجراءات عقابية اقتصادية (أي مقاطعة مثل التي فشلنا فيها،(لتتراجع أمريكا صاغرة لأنها لا تحتمل أية مقاطعة اقتصادية. هل الفرق بيننا وبينتركيا هو الفرق بين شجاعة الحكومات هنا وهناك؟.. أم أنها إرادة الشعب التركي "الحر"التي يجب أن تُحترم؟.. ألم نقل مائة مرة إن العرب لن يرفعوا رؤوسهم ويفرضوا قضيتهمإلا بعد وقوع الطلاق (أو المخالعة!) بينهم وبين أمريكا؟!! لقد كشفت أحداث الحادي عشر من سبتمبر عن الوجه الحقيقي (القبيح) لأمريكا والغرب عمومًا.. إذ سقطت كل الأقنعة وانهارت كل الشعارات عنالشورى والسلام (المتحضر) وحقوق الإنسان، مع أول هجوم على أمريكا في تاريخها، وهذهليست المرة الأولى في التاريخ التي يتعرض فيها شعب أو دولة للحرب أو لقتل بعضالأفراد أو للهجوم على بعض المرافق.. فما من دولة إلا وسبق أن واجهت هذا الابتلاءمرات ومرات، خصوصًا على أيدي هؤلاء الأوغاد أنفسهم، حلفاء الصهاينة، والذين يستحقون كل مايقع عليهم من مصائب.. ولكنهم يعتقدون أنهم من جنس آخر غير باقي البشر، أو أن علىرأسهم «ريشة»، فمن حقهم احتلال الدول الأخرى وسرقة مواردها وقتل أهلها إذا ماقاوموا الاحتلال.. ومن حقهم فرض الحصار وتجويع الشعوب وقتل الأطفال.. ومن حقهماستخدام أسلحة الدمار الشامل والإبادة الجماعية للبشر وحرق وتدمير ممتلكاتهم.. ومنحقهم احتكار التقنية الحديثة والتراث العلمي الإنساني ومنع أسرار التقدم الصناعي عنغيرهم.. من حقهم كل شيء، وليس من حق غيرهم أي شيء، ولا حتى الاعتراض أو الاحتجاج!. فعندما احتج بعض الرافضين لهذه العنصرية - بطريقتهم - وقاموا بمجرد لمس الجسدالأمريكي (الزجاجي) قامت الدنيا ولم تقعد، ويبدو أنها لن تقعد قبل أن يعود الاحتلالالسافر الذي ظن الغافلون أنه ذهب إلى صفحات التاريخ ولن يعود. والنظام الجديدللاحتلال (بعد الفشل المهين في العراق وأفغانستان، ولبنان مؤخرا) صار بطريقة التحكم عن بعد، حفاظًا على الدماء الأمريكية والأوربية.. فالرئيس الأمريكي يجلس في بيته الأبيض ويشير بإصبعه لتبدأ الحرب العالمية، في كلمكان وكل ميدان: جيوش (محلية) تهاجم الحركات الإسلامية وتقتل أو تسجن كل من يعاديأمريكا أو يعترض على سياساتها العدوانية، صحف وقنوات فضائية تُغلق، حسابات وأموال تُصادَر، قراراتتصدر بمنع بناء المساجد وإغلاق المراكز الإسلامية، وقرارات تأمر بخفض حصص التربيةالإسلامية تمهيدًا لإلغائها، وأخرى توافق على العبث في مناهج التاريخ الإسلامي،والتفتيش على لجان الزكاة، ومنع الأذان، ومنع طبع القرآن الكريم، وتغيير العطلة الأسبوعية إلى الجمعة والسبت بدلا من الخميس والجمعة تمهيدا لإلغاء عطلة الجمعة، ومنع ختم القرآن في صلاة التراويح!.. مطلوب جيل جديد يعبد المال ويحترم الشذوذ ولا يؤمنبالزواج ولا بالقيم الشريفة، جيل لا يهتم بشئون أمته ولا يؤمن باللّه فيسهل اختراقهلنظل تابعين متخلفين تائهين ليس لنا وظيفة غير استهلاك منتجاتهم وحراسة ثرواتناالطبيعية لحين السطو عليها وتوصيلهاإليهم بتراب الفلوس. ويظن الغافلون أن الانحناء حتى تمر العاصفة سوف ينقذهم من بطش رعاة البقر.. يظنون أن التسليم الكاملوعدم الاعتراض هو السبيل الوحيد للسلامة.. يظنون أن إعلان الحرب على بني وطنهموالتظاهر بكراهية ونبذ الإرهاب (الذي لم يتم الاتفاق على تعريف له حتى الآن) سوفيجنبهم مصير حكومة طالبان ونظام صدام. والحقيقة أنه بئس الظن، وبئس التفكير، وبئس الاستسلام!!. فهؤلاء الأوغاد لا تحكمهم قيم رفيعة ولا أخلاق حميدة، فكلما تراجع الطرف المقابلخطوة، يسرعون هم لاحتلالها ولا يمنحونه الفرصة للكرّ.. وما حدث في فلسطينوباكستانخير شاهد.. ففي الأولى انحنت سلطة ياسر عرفات واستجابت للمطالب التعجيزية، ورغم ذلك لميرحموها وطالبوا بالمزيد والمزيد وحبسوها بين أربعة جدران حتى الاستسلام الكامل، وفي النهاية قتلوا رئيسها.. وفي الثانية ظن حاكمها أن الارتماء في الحضن الأمريكي وبيع الأخ و الحليف والجارالذي يشكل عمقًا استراتيجيًا سوف يجعل من راعي البقر حليفًا قويًا في مواجهة الهند، مكافأة على هذا الانحناء، ولكن من قال إن هؤلاء تحكمهم الأخلاق؟!.. لقد تبين أن كلشيء تم ترتيبه مسبقًا مع الهند، وأن باكستان كانت مجرد جسر للوصول إلى الأغراضالشريرة، وهي الآن تحصد ثمن الخيانة على هيئة اضطرابات داخلية لا ندري إلى أين تصل بها. يحدث كل هذا وتخدرنا أنظمة النكبة الجديدة بمقولات تحكيم العقل وتجنبالمواقف الانفعالية التي يمكن أن تجرنا إلي حرب «غير مدروسة» تأتي على الأخضرواليابس، وتضيّع إنجازات التنمية!، وكأنهم قد أفلحوا في التنمية، وهم الذين زادتعلى أيديهم معدلات البطالة ودفعوا الشباب العربي إلى البحث الدءوب عن أي وطن آخريهاجرون إليه، وهم كذلك الذين شاخت حكوماتهم ولازمها الفشل في كل ميدان ولم نعد نرىسوى شوارع قذرة وتعليم منهار وصحة منعدمة وحوادث يذهب الآلاف ضحية لها لانعدام وسائل الأمانوالإنقاذ والوقاية.. إلخ. وأيا كان الأمر.. فمن الذي طالب هؤلاء المتخاذلينالواهنين بإعلان الحرب؟.. هل هناك معتوه يقبل أن يسلم رقاب شباب الوطن لهؤلاء الذينفشلوا في السلم لكي يخوض بهم حربًا؟، إن هذه المقولات التي تروجها أنظمة النكبة هيمن باب الهروب من الموضوع الحقيقي الذي إن لم تفلح فيه هذه الأنظمة المستسلمة فلا داعيلوجودها.. ألا وهو الجهد السياسي والدبلوماسي، الذي يبدو أنه كذلك قد صار "محرمًا"عليهم مثل الحرب تمامًا بسبب الاستسلام المهين أمام الحلف الصهيوني الأمريكي. -لماذا تقاطع الدول ذات العلاقة الآثمة بالعدو الصهيوني اجتماعات لجنة المقاطعةالعربية؟.. هل هناك «فيتو» على قراراتها وهي التي تدّعي رفض الممارسات الصهيونيةاللاإنسانية؟.. ومن الذي يستخدم هذا الفيتو؟.. وهل إعلان المقاطعة هو بمثابة إعلانالحرب، ولماذا لا تعود المقاطعة أقوى مما كانت، بعد أن سقطت بغداد؟!! -أين الجهد الدبلوماسي والسياسي العربي مع الأممالمتحدة التي صارتمنحازة جدًا للعدو وبصورة علنية؟.. من الذي يمنعنا من تجميع مواقف دولية لمصلحةقضايانا (في العراق وفلسطين ولبنان والسودان) مع دول عدم الانحياز والدول الصديقة؟. لقد نجحت الدبلوماسية المصرية بعدهزيمة 1967 في حشد الدول الأفريقية في الصف العربي، وقامت هذه الدول بقطع العلاقاتمع العدو.. لماذا فشلنا الآن في ذلك رغم أن أغلب الدول لها مصالح مع العرب لا يمكن التضحية بها؟ C إن الانحناء يغري بالامتطاء، وسوف يصنع فرعونًا جديدًا.. وليس هناك من سبيل لإنقاذأنفسنا إلا الصمود والمقاومة، وانتصار حزب الله على الحلف الصهيوني الأمريكي خير مثال.