نتناول اليوم بعض المؤشرات السالبة والأقل إشراقاً فى أداء الرئاسة والحكومة وهى تثير القلق من أن يستمر التصاعد فى مستوى الأداء غير المتوافق مع تطلعات المواطنين. وأبدأ من حقيقية أليمة أن الإرهاب الإخوانى ما يزال مستمراً ومرشحاً للتصاعد مع بداية العام الجامعى الجديد! فالجماعة الإرهابية دأبت على تنويع عملياتها فى تخريب الوطن ومحاولة إسقاط الدولة؛ من قتل واغتيال أفراد الشرطة والقوات المسلحة، حرق وتخريب محولات وأبراج الكهرباء، محاولات تهريب إرهابيين بعضها نجح وبعضها أفشله المواطنون، فضلاً عن الفوضى التى يثيرها إرهابيو الجماعة كل يوم جمعة وما حدث يوم الذكرى المزعومة لفض اعتصامى «رابعة والنهضة». كل ذلك الإرهاب يدعونا أن نتساءل أين تأكيد الرئيس السيسى أنه لن توجد جماعة الإخوان فى عهده؟ ولماذا لم يصدر القرار الجمهورى باعتبار جماعة الإخوان «منظمة إرهابية»؟ ولماذا لا تطبق مواد الإرهاب فى قانون العقوبات؟ بل أين قانون الإرهاب ذاته الذى تم إعداده ولم يصدر؟ وهل صرفت الرئاسة النظر عن إصداره؟ وهل هذا يفسر ما نشر عن لقاء الرئيس بالإعلاميين فى معرض تعقيبه على اقتراح الإعلامى عبدالرحيم على تشكيل مجلس قومى لمكافحة الإرهاب: «فيه دول موقفة معونات عسكرية بسبب إقرار قانون التظاهر، والقبض على الصحفيين، فما بالك لو تم إقرار قانون الإرهاب؟!». وكل الخشية أنه إذا ما استمر الأسلوب الحالى غير الحاسم فى التعامل مع الجماعة الإرهابية ومؤيديها والمتحالفين معها، فإن الإرهاب الإخوانى سيستمر وتنهار مع استمراره «هيبة الدولة»، مع كل ما يترتب على ذلك من سلبيات ومخاطر تهدد مسيرة التنمية ومحاولات تنشيط الاقتصاد والحركة السياحية إلى حد قد يهدد كيان الدولة ذاتها. كذلك يصب فى هذا الاتجاه الموقف غير الحاسم من جانب الرئاسة والحكومة بشأن تفعيل الدستور وقانون الأحزاب، فيما نصا عليه من عدم جواز تأسيس أحزاب سياسية على أساس دينى والاعتماد على أحكام القضاء بحل تلك الأحزاب، بناء على دعاوى مرفوعة من أفراد أو جماعات مدنية. وثمة مصدر ثانٍ للقلق على مستقبل العمل الوطنى هو عدم إعلان برنامج رئاسى متكامل، مع استمرار الحكومة فى تجاهل ضرورة إعلان برنامجها وخطة عملها، ورغم إعلان «رؤية المستقبل» فى الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية فى الانتخابات الرئاسية، ومطالبة الكثيرين بترجمتها إلى برنامج عمل للرئيس، وأن تكون محلاً لحوار مجتمعى شفاف، فإن الواقع يوضح أن البرنامج الرئاسى المأمول غير معلن على الأقل، وحتى موقع «رؤية المستقبل» على شبكة الإنترنت قد اختفى! وبالمثل، فإن الحكومة تتجاهل الإعلان ومن ثم الالتزام ببرنامج عمل مؤسس على خطة استراتيجية تحدد الأهداف والفرص والموارد المتاحة من جانب، والمهددات والقيود المفروضة على إمكانيات العمل الوطنى من جانب آخر. وتكتفى الحكومة والوزراء والمسئولون فيها بترديد كل ما يصدر عن «الرئيس»، وفى غياب مجلس النواب المنتخب الذى لا نعلم موعد انتخابه يصبح هذا الوضع محملاً بكل مخاطر انفراد السلطة التنفيذية بالقرارات، لكونها غير ملتزمة ببرنامج أو خطة توافقت عليها آراء عموم المواطنين «أصحاب الحق» فى قبول أو رفض قرارات السلطة الحاكمة مهما كانت ثقة الشعب فى الحكم! وثمة مصدر آخر للقلق هو اتجاه الأداء الرئاسى لتبنى مشروعات مثيرة للجدل وسبق فشلها، منها مشروع إحياء توشكى الذى أعلن عن «إحيائه» دون تحديث لدراسة الجدوى إن كانت هناك ثمة دراسات جدوى، والانطلاق فى التنفيذ دون الإجابة عن تساؤلات مهمة أثارها الرئيس فى لقائه مع الوزراء المختصين، كما يثيرها كثير من الخبراء الذين عايشوا مأساة توشكى وشهدوا على فشلها، كما يبدى الناس القلق من التمسك بذلك المشروع رغم ضبابية العائد المتوقع منه وارتفاع تكلفة المخاطرة بتكرار فشله، ورغم أنه كان من الأفضل استزراع منطقة الساحل الشمالى الغربى فقد كانت مزرعة القمح الرئيسة لمصر! ومن نماذج الأداء الرئاسى المشكوك فى جدواها قرار الرئيس بإنشاء عاصمة إدارية جديدة لمصر فى قلب القاهرة، وإعلانه ذلك القرار بنفسه يوم الاحتفال ببدء شق القناة الجديدة المكملة لقناة السويس، دون الاستماع إلى معارضى ذلك المشروع وهم كثر ودون استيفاء متطلبات الشفافية بإجراء حوار مجتمعى لضمان جودة القرار، ودون دراسة مشروع نقل العاصمة إلى مدينة السادات وجدوى إعادة النظر فى موقع العاصمة الإدارية الجديدة لمصر! وثمة مصدر آخر للقلق الشعبى المتزايد هو عدم المصارحة والمكاشفة الكاملة من الرئاسة والحكومة فى إعلان برنامج واضح وملزم لإنهاء أزمة الكهرباء. ومع التسليم بأن جزءاً من المشكلة يعود إلى العمليات الإرهابية بحرق المحولات الكهربائية وتدمير الأبراج، التى ما تزال الجهات الأمنية عاجزة عن تأمينها، فإن المواطنين ما يزالون ينتظرون خطة واضحة وملزمة للحكومة، وهم فى غير حاجة إلى مزيد من التصريحات التى لا تعدو أن تكون تبريرات غير مقنعة. ومن أسباب القلق على مسيرة التنمية واستقلال القرار الوطنى ذلك الاعتماد المتزايد على طلب التبرعات من رجال الأعمال فى الأساس، مع احتمالات تناقض مصالحهم والمصلحة الوطنية. كما نشير إلى موضوع صندوق «تحيا مصر» ووضعه تحت الإشراف المباشر للرئيس شخصياً، وإن كان اهتمام الرئيس بهذا الصندوق ورغبته الأكيدة فى تنمية موارده فإن ذلك الاهتمام من جانب الرئيس لا يمنع من تأسيس كيان اقتصادى مستقل يقوم على إدارته مختصون، ويخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، مع الإعلان بشكل منتظم عن موارد الصندوق واستخداماته. وفى الأسبوع المقبل نستكمل الحديث إن شاء الله