ما حدث فى بطولة إفريقيا لتنس الطاولة التى أقيمت فى تونس خلال الفترة من 12 وحتى 19 أكتوبر الجارى وصفته وسائل بعض وسائل الإعلام "بالفضيحة الأخلاقية" بعد أن شاهد الجميع مشاجرة بين بطل مصر فى اللعبة عمر عصر واللاعب محمود أشرف حلمى -ابن رئيس اتحاد اللعبة- خلال مباراة نصف النهائى بين عصر وبطل نيجيريا. الحكاية أو "الفضيحة" بدأت قبل انطلاق لقاء عمر عصر، مع لاعب نيجيريا، حيث اصطف لاعبو المنتخب لتحيته وتشجيعه، إلا أن محمود أشرف رفض مصافحته أو تحيته، وهو ما أثار دهشة الجميع، ودفع الجهاز الإدارى للتدخل وتهدئة الموقف قبل بداية المباراة. لكن التوتر عاد مجدداً أثناء اللقاء، حيث احتفل عمر عصر بإحدى النقاط، فتلقى إشادة من زملائه باستثناء محمود أشرف، الذى عاد ليجلس على الدكة مرة أخرى ما جعل "عصر" يطلب خروج زميله من مقاعد الفريق ليستكمل المباراة بهدوء. الواقعة يرويها اللاعب عمر عصر بتفاصيل محزنة قائلا بأنه "تحدث مع رئيس الاتحاد وأخبره بأنه تعرض للإصابة بتمزق عضلى فى التدريب الصباحى. فطلب منى أن أحاول لعب مباراة واحدة ومن ثم أخضع لاختبار مع الطبيب الرسمى للبطولة لأن منتخبنا لا يوجد معه طبيب أو مدرب لياقة بدنية أو مدرب أحمال"..!! المفارقة أن عصر تدرب صباحا مع محمود قبل نصف النهائى بشكل طبيعى وأخبر المدرب أنه يستطيع اللعب وقبل المباراة – كما يقول عمر- "كنا نقرأ الفاتحة ولكن فوجئنا أن محمود يجلس بعيدا على الكرسى حيدا ورفض قراءة الفاتحة معنا وكانت صدمة لنا... كل اللاعبين كانوا يجلسون على الدكة ويشجعون من يلعب مع كل نقطة لكن محمود كان يجلس ويضع قدما فوق قدم ويمسك بالهاتف المحمول. وبعد أن انتهيت من لعب أحد الأشواط ذهبت لأصافح اللاعبين لكن فوجئت أن محمود رفض مصافحتى ولم يصدر منى أى رد فعل والمدرب طالبنى بعدم فعل شيء ونفذت تعليماته" و"عندما كنت أستعد لاستكمال اللعب وجدت محمود يجلس على الدكة ويضع قدما على قدم ويمسك بهاتفه ولذلك قلت إننى لن أكمل اللعب إلا عندما يغادر وفوجئت بمحمود يركض نحوى ويريد ضربى ولكن اللاعبين تدخلوا ومنعوه" هذه هى الرواية كما حكاها عمر عصر... ما يجعل الرواية صحيحة هو اعتراف رئيس اتحاد التنس اللاعب الدولى ولاعب الزمالك السابق أشرف حلمى بالخطأ الذى ارتكبه ابنه محمود لعدم مصافحته عمر من البداية وأيضا عمر لاعب كبير وبطل ولا يصح الألفاظ التى قالها. الواقعة المؤسفة كانت حديث الوسط الرياضى وقارن الناس بينها وبين ما كان يجرى فى شيلى وفوز فريق المغرب ببطولة كأس العالم لكرة القدم تحت عشرين عاما وما تنجزه المغرب قاريا ودوليا فى المجال الرياضى باتباع أسلوب علمى واحترافى بعيدا عن كافة أشكال الواسطة والمحسوبية والتعصب الرياضى والانحيازات والانتماءات الرياضية الضيقة. بغض النظر عن تداعيات ما جرى وتدخل الدكتور أشرف صبحى وزير الرياضة والشباب وإحالة اللاعبين إلى التحقيق وطلب تقرير عاجل من رئيس البعثة أشرف عبد الفتاح، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصرى لتنس الطاولة، وتوجيه الوزير بتشكيل لجنة دائمة لمتابعة الجوانب الانضباطية داخل المنتخبات والاتحادات ودراسة أى ظواهر أو مواقف فردية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات تضمن الحفاظ على القيم والمبادئ التى تقوم عليها الرياضة المصرية، فما جرى يعكس الخلل الكبير والأوضاع غير المنضبطة داخل بعض الاتحادات الرياضية فى مصر – ولن أقول كل الاتحادات- ودفع بعدد من لاعبى هذه الاتحادات إلى الهروب واللعب باسم دول أخرى بعد الحصول على جنسيتها. الخناقة تكشف الغطاء عن المسكوت عنه فى الاتحادات الرياضية وتصرف عدد من رؤساءها كأنها " عزبة خاصة" لهم ولأقاربهم. فما حدث فى تونس يطرح تساؤل مهم وهو من يختار لاعبى المنتخب للسفر والمشاركة فى البطولات الدولية والقارية وتمثيل مصر فيها، هل هو المدير الفنى للعبة أم رئيس الاتحاد.. وهل هناك رقابة أو مراجعة من وزير الشباب والرياضة على قوائم المسافرين بهدف الحرص على التمثيل اللائق للرياضة المصرية والحفاظ على صورة مصر الحضارية فى تلك المحافل. هل سيكتفى وزير الرياضة بالتحقيق فى واقعة تنس الطاولة بين عمر ومحمود أم تكون هذه الواقعة بداية حقيقية لمعالجة جذرية لما تعانى منه الرياضة المصرية والتخلص من كافة الأمراض التى عانت - ومازالت- طوال السنوات الماضية حتى تقدمت علينا دول شقيقة. الرياضة المصرية فى حاجة إلى تدخل عاجل ووضع حلول ومقترحات لتطويرها بكل وضوح وشفافية بعيدا عن حسابات المصالح الشخصية والانتماءات الرياضية.