شهدت الأيام الأخيرة فى مصر عدواً جديداً للشعب المصرى هو «جماعة الإخوان المسلمين»، حيث فاق عدوانها، على المواطنين المصريين وعلى الدولة المصرية والجيش والشرطة، خلال ما يقرب من شهر ونصف والذى لا يزال مستمراً، من القتل والترويع وتدمير المنشآت العامة والخاصة، المدى الذى بلغه عدوان الاستعمار البريطانى على مدى ثمانين عاما. لقد أسهمت «الجماعة» فى تحويل ثورة 25 يناير 2011 عن أهدافها عن عمد، بداية من تنظيمها موقعة الجمل فى ميدان التحرير والتى ظل المصريون مختلفين فى تحديد منظميها حتى وقعت أحداث الاعتداء على المتظاهرين السلميين أمام قصر الاتحادية، فى شهر ديسمبر الماضى، فتكشفت الحقيقة وهى أن «الجماعة» هى المسئولة والمستفيدة من تلك الجريمة، التى دبرتها فى حق الثوار فى ميدان التحرير! وقد كان سلوك «الجماعة» خلال الأيام الأولى للثورة مثالاً للانتهازية السياسية، فقد ذهب د. مرسى ود. الكتاتنى للحوار مع نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان، مخالفين بذلك ما تم الاتفاق عليه مع رفاق الثورة أنه «لا حوار إلا بعد الرحيل»، حيث «طلب عمر سليمان من مرسى والكتاتنى أن يتم سحب الشباب من ميدان التحرير، فى مقابل مشروعية الجماعة والإفراج من الأخوين خيرت الشاطر وحسن مالك، لكن الشباب فى الميدان رفض ذلك»، وذلك حسب ما ذكره الدكتور محمد حبيب فى كتابه «الإخوان المسلمون بين الصعود والرئاسة وتآكل الشرعية». واستمرت «الجماعة» فى العمل على تحقيق أهدافها الذاتية فى الوصول إلى الحكم، بنجاحها فى تضليل المواطنين ودغدغة مشاعرهم، باستخدام الشعارات الدينية فى تمرير استفتاء 19 مارس 2011، وكانت التعديلات الدستورية تصب فى مصلحة تمرير الخيار الذى كانت «الجماعة» تدعو إليه، من إجراء الانتخابات التشريعية أولاً وقبل إعداد دستور جديد للثورة، وهو الخيار الذى كانت جميع الأحزاب والقوى السياسية تدعو إليه. وكان النهج الذى اتبعته «الجماعة» خلال الفترة الانتقالية، أثناء مسئولية المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ممارسة كل أنواع الضغوط على المجلس والحكومة، مستغلة مشكلات يعانى منها المواطنون، وقامت «الجماعة» ومناصروها والمتحالفون معها من تيار الإسلام السياسى بتنظيم العديد من «المليونيات» وإثارة الجماهير وتوجيههم لخدمة مصالحها. وكان التوجه الإخوانى يختلف باختلاف أهداف الجماعة، فحيث توجد مصلحة «الجماعة» يكون توجهاً مساندا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، مثل إقرار تعديل قانون انتخابات مجلس الشعب، لكى يكون للأحزاب، وفى مقدمتهم حزبهم «الحرية والعدالة»، حق الترشيح فى الدوائر الفردية، فضلا عن الدوائر المخصصة للأحزاب، فيكون تحريك هتافات مليونياتهم «الشعب والجيش إيد واحدة»، وإذا كانت مصالحهم مناقضة لمواقف المجلس العسكرى، تنقلب الهتافات فى الميادين إلى «يسقط يسقط حكم العسكر». وثمة صورة واضحة للانتهازية والتضليل السياسى، حين شاركوا الأحزاب المدنية، وفى المقدمة منهم حزب الوفد، فى تأسيس «التحالف الديمقراطى من أجل مصر»، وأعلنوا أنهم سيلتزمون بمبدأ «المشاركة» والمنافسة على ما لا يزيد على 30% من مقاعد مجلس الشعب، ثم تغير الموقف إلى «المغالبة»، مما أدى إلى انسحاب الأحزاب من التحالف. ثم كانت الكارثة بأن أعلنت «الجماعة» التراجع عن قرار مجلس شورى الجماعة، الذى سبق اتخاذه فى 10 فبراير 2011، والذى قضى بعدم الموافقة على ترشح أى من أفراد الجماعة لمنصب رئيس الجمهورية، واعتبار من يترشح مخالفا لقرار المجلس، واستكمالاً لمسلسل الخداع تم ترشيح خيرت الشاطر ثم لما تبين احتمال الاعتراض على ترشيحه من لجنة الانتخابات الرئاسية، دفعت الجماعة بالدكتور مرسى مرشحاً احتياطيا له، وحسب الدكتور محمد حبيب فى كتابه المشار إليه، «أثار ذلك زوبعة من السخرية والنكات اللاذعة على مستوى المجتمع المصرى، فيما أطلق عليه آنذاك بالمرشح (الاستبن)». وكانت قمة الانتهازية السياسية التى مارستها «الجماعة» تلك الهجمة التى شنتها على «وثيقة المبادئ الأساسية للدستور» وأشادت بها لما تحقق لها الفوز بالأكثرية فى مجلسى الشعب والشورى، رافضة مبدأ تحديد معايير موضوعية لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وإعلانها بإعلان دستورى ملزم يصدر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، سعياً إلى الانفراد بتشكيل الجمعية من بين أعضاء مجلسى الشعب والشورى من أعضاء الجماعة وأنصارها، وهذا فى ما نجحت «الجماعة» فى تحقيقه وأوصل البلاد إلى دستور 2012 المشوه. وكان الأداء السيئ لمجلسى الشعب والشورى، فى عهد الحكم الإخوانى، مثاراً للنقد من كل طوائف المجتمع، وزاد عليه الإخفاق الشديد للمعزول خلال سنة حكمه الوحيدة والأخيرة، والذى نجح فى تقسيم الوطن وأهدر ثوابت الأمة، وأفسد العلاقات المجتمعية بين أبنائها، وفرط فى تأمين سيناء وحولها إلى مقر ترتع فيه الجماعات الإرهابية القادمة من خارج الحدود، وعادى أغلب الدول العربية الشقيقة، لحساب قطر، وانبطح أمام الإرادة الأمريكية والإسرائيلية، تنفيذا لاتفاقيات «الجماعة» مع تلك الدول، وانصياعاً لتعليمات «التنظيم الدولى» للجماعة. وكان السقوط الأكبر والنهاية المحتومة «لجماعة الشر والإرهاب» حين شنت ميليشياتها المسلحة حرباً ضارية استهدفت المواطنين والجيش والشرطة، مستبيحة دماء المصريين ومهدرة كل القيم الوطنية والدينية وساعية لحرق مصر وتخريبها وتدميرها وتفكيك مفاصل الدولة، بعد أن عجزت عن إثبات قدرتها وكفاءتها فى حكمها، فأرادت أن تخضع الشعب لحكمها قسراً، بعد أن فشلت فى إقناع الناس بمشروعها الذى كشف عن طبيعته الإرهابية. إن نهاية الجماعة الإرهابية جاءت بقرار من جموع الشعب التى تمسكت بحريتها وقاومت هجمات العنف والإرهاب، التى تقودها «الجماعة» الساقطة التى يجب وصمها قانونا بأنها «جماعة إرهابية» ينبغى أن تتحول إلى «جماعة محظورة» كما كانت. والنصر لمصر