يضم 13 طابقًا.. محافظ كفر الشيخ يتابع إزالة برج سكني مخالف بدسوق|صور    بعد توجيه السيسي.. إليك تخصصات البرمجة الدراسية وعلوم البيانات بالجامعات المصرية    وزير المالية: نتطلع إلى دور أكبر للمؤسسات المصرفية العالمية للتحول للاقتصاد الأخضر    المؤتمر: مركز الحوسبة السحابية يعزز مكانة مصر كمركز رقمي لنقل البيانات    وزير التعليم: الصورة الذهنية عن التعليم الفني تغيرت.. وطلابه محجوزون للعمل قبل تخرجهم    طعنة ل سموتريش وبن غفير.. خلافات إسرائيلية بشأن هجوم رفح وصفقة الرهائن    الخارجية السعودية: إعلان دولة فلسطينية مستقلة هو الضامن الوحيد لعدم تكرار الحرب    شكري وبوريل يتفقان على تبادل التقييمات مع الأطراف الدولية لإنهاء مأساة غزة    الأونروا: أنباء عن وفاة طفلين على الأقل بسبب الحر في غزة    الاتحاد الأوروبي: بوادر الحرب العالمية عادت من جديد، والمواجهة النووية احتمال واقعي    جاهز لمباراة الإسماعيلي.. بشرى سارة لجماهير الأهلي بشأن نجم الفريق    خالد الغندور يطرح سؤالا على الجمهور قبل لقاء الزمالك ودريمز الغانى    منتخب الجودو يحصد ذهبية الفرق في البطولة الأفريقية "القاهرة 2024"    بعد قرار المحكمة.. بلوجر شهيرة تواجه عقوبات رادعة بسبب بث فيديوهات خادشة    حصيلة نشاطه 20 مليون جنيه.. ضبط صاحب شركة يتاجر فى العملات الأجنبية    الإعدام لعامل قتل شابا من ذوي الاحتياجات الخاصة بواسطة كمبروسر هواء    تعرف على الروايات المرشحة لجائزة البوكر قبل إعلانها اليوم    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    صدى البلد يكرم منة فضالي بعد نجاحها في موسم رمضان الدرامي.. صور    مساعد وزير الصحة: انخفاض نسب اكتشاف الحالات المتأخرة بسرطان الكبد إلى 14%    إنتر يواصل احتفالاته بلقب الدوري الإيطالي بثنائية أمام تورينو    حسام غالي يكشف مفاجأة لأول مرة عن لاعبي الأهلي أثناء توقف النشاط الرياضي    وزير العمل يعلن موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    ألمانيا: دويتشه بان تعتزم استثمار أكثر من 16 مليار يورو في شبكتها هذا العام    استعدادا لشم النسيم.. الزراعة: طرح رنجة وفسيج بالمنافذ بتخفيضات تتراوح بين 20 و30%    تأجيل محاكمة المتهمين في عملية استبدال أحد أحراز قضية    الأولى منذ الحرب.. وصول وزير الخارجية البحريني في زيارة إلى دمشق    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    رئيس جامعة بنى سويف الأهلية يناقش الخطة المستقبلية للعام المقبل    طلقها 11 مرة وحبسته.. من هو زوج ميار الببلاوي؟    مؤتمر بغداد للمياه.. سويلم: تحركات إثيوبيا الأحادية خرق للقانون الدولي وخطر وجودي على المصريين    الزنك وزيت بذور القرع يسهمان في تخفيف أعراض الاكتئاب    تفاصيل لقاء هيئة مكتب نقابة الأطباء ووفد منظمة الصحة العالمية    مدير تعليم الدقهلية يناقش استعدادات امتحانات الفصل الدراسي الثاني    الرئيس السيسي: «متلومنيش أنا بس.. أنا برضوا ألومكم معايا»    فيلم «أسود ملون» ل بيومي فؤاد يحقق المركز الرابع في شباك التذاكر    بحضور محافظ مطروح.. «قصور الثقافة» تختتم ملتقى «أهل مصر» للفتيات والمرأة بالمحافظات الحدودية    انطلاق المراجعات النهائية لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية بمطروح    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية في قرية جبل الطير بسمالوط غدا    الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس المتوقعة اليوم وحتى الجمعة 3 مايو 2024    أجمل دعاء للوالدين بطول العمر والصحة والعافية    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    اليويفا يكشف النقاب عن حكم مباراة ريال مدريد وبايرن ميونخ في ذهاب نصف نهائي تشامبيونزليج    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    صحة غزة تعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي ل 34 ألفا و454 شهيدا    جامعة بني سويف: انطلاق فعاليات البرنامج التدريبي للتطعيمات والأمصال للقيادات التمريضية بمستشفيات المحافظة    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    مطران دشنا يترأس قداس أحد الشعانين (صور)    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    «فوبيا» تمنع نجيب محفوظ من استلام «نوبل»    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعب يريد.. مصالحة وطنية ثورية
نشر في المصري اليوم يوم 16 - 07 - 2012

بعد مضى أكثر من عام ونصف العام على قيام ثورة 25 يناير 2011 والشعب يعيش حالة من التشتت بين الجماعات والأحزاب والقوى السياسية المتنافسة على الفوز بثمار الثورة، والمتصارعة على الاحتماء بميدان التحرير انتصاراً لأهدافها الذاتية التى لا تتصل فى أغلب الأحيان بأهداف الثورة الحقيقية.
ورغم أنه قد تم إنجاز عدة استحقاقات سياسية أهمها إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، فإنها لم تحقق التغيير المنشود، إذ صدر حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون، الذى تمت انتخابات مجلس الشعب على أساسه وصدر قرار بحله، وهناك احتمال بأن يصدر حكم مماثل بحل مجلس الشورى لنفس الأسباب. كما أن رئيس الجمهورية الأول فى عهد الثورة يشكو من تقلص صلاحياته، ويجاهد فى سبيل استعادتها، وتكتمل عشوائية المشهد السياسى المصرى بعدم الانتهاء من وضع دستور جديد للبلاد، وفى الوقت نفسه فإن التشكيل الثانى للجمعية التأسيسية للدستور مهدد بصدور حكم من القضاء الإدارى! وفى جميع الأحوال لا يخلو ميدان التحرير مما يطلق عليها «مليونيات» تنظمها أساساً جماعة الإخوان المسلمين مناصرة لرئيس الجمهورية، وللمطالبة بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل، فى الوقت ذاته تناهضها تجمعات أخرى قرب «المنصة» لمناصرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة والإشادة بقراراته.
وتتحمل جماعة الإخوان المسلمين وحزبها، الحرية والعدالة، ومن ثم الرئيس المنتخب عن حزب الجماعة، نصيباً وافراً من المسؤولية عن هذا الارتباك السياسى والدستورى، فضلاً عن الأحزاب والقوى السياسية من تيار الإسلام السياسى، التى أيدت الجماعة وحزبها، والأحزاب المدنية والليبرالية التى شاركت فى أحداث المرحلة الانتقالية سواء متحالفة مع أو معارضة للجماعة وحزبها والأحزاب المشايعة لهما، وكذا المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى تولى مسؤولية إدارة شؤون البلاد بعد تخلى الرئيس السابق عن منصبه، لكن تظل المسؤولية الأكبر من نصيب جماعة الإخوان المسلمين، التى تحولت من كونها «جماعة محظورة» قبل ثورة 25 يناير إلى جماعة تمارس العمل السياسى بحرية مطلقة بعد الثورة، ولها علاقات مؤثرة بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى حد استطاعت معه تحديد خارطة الطريق، التى غيرت مسار الثورة خلال المرحلة الانتقالية، وكانت سبباً مباشراً فيما حدث من ارتباك سياسى ودستورى لا تزال البلاد تعانى منه حتى الآن.
فأداء «الجماعة» منذ قيام الثورة اختلف جوهرياً عن دعاواها المعلنة. فقد نظمت الجماعة أواخر عام 2010 مجموعة لقاءات أطلقت عليها عنوان «حوار من أجل مصر» وصف المرشد العام للإخوان المسلمين مشاركة القوى السياسية والوطنية المصرية فى الحوار بأنه تعبير «عن حالة الإجماع السياسى على ضرورة التوحد حول مشروع واحد يستهدف تخليص الوطن والمواطنين من أسر الاستبداد والفساد الجاثم على صدره»، قال إن «توحد قوى الإصلاح المصرية أحزاباً وحركات ومنظمات وهيئات صار فريضة الوقت لصياغة مشروع إنقاذ مصرى خالص يحمى الوطن من الاختطاف لعقود جديدة، ويرد عنه مخططات القوى الاستعمارية والصهيونية للدخول به فى نفق الفوضى السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية»، وإن الإخوان المسلمين يرفضون «أى محاولات للنيل من نبل وجهود الجماعة الوطنية المصرية بجميع أطيافها ومحاولة تشتيت الجهود المبذولة للتوحد حول مشروع توافقى إصلاحى»، وكان الإخوان المسلمين فى ذلك الوقت من الداعين للإصلاح، والمسوقين لحملة التوقيع على المطالب السبعة للإصلاح، التى فجرها الدكتور محمد البرادعى، وإن نسبوا الفضل فيها إلى أنفسهم، واعتبروا أن تأييد تلك الحملة «هو واجب كل الأطياف الإصلاحية فى الشارع المصرى».
وبعد الثورة واصلت الجماعة، وحزبها الحرية والعدالة بعد تأسيسه رسمياً فى 6 يونيو 2011، الدعوة إلى العمل مع جميع القوى السياسية من أجل مصر، فقد أصدرت الجماعة ما أطلق عليه «معاً نبدأ البناء.. مبادرة من أجل مصر» كان أهم عناصرها دعوة الشعب إلى التمسك بالثورة، والارتفاع فوق التطلعات الشخصية والفئوية والطائفية، والتأكيد على دعم الوحدة الوطنية فى دولة مدنية، وأهمية استصحاب روح الثورة ووحدة الصف، وتقديم المصالح العامة الوطنية على المصالح المحدودة، حيث لا يستطيع فصيلٌ وحده أو حزبٌ بمفرده تحمل المسؤولية الوطنية.
ومن عجب أن الإخوان المسلمين لم يعملوا وفق هذه الدعاوى التى روجوا لها بعد أن تمكنوا من تصدر المشهد السياسى، فقد اعتمدت الجماعة وحزبها سياسة الإقصاء والاستبعاد لكل الأحزاب والقوى الوطنية، التى وصفها المرشد العام بأنها «قوى الإصلاح المصرية»، وكانت بداية نكوص حزب الجماعة عن الدعوة إلى العمل على وحدة الصف الوطنى، تخليه عن التنسيق الانتخابى بين الأحزاب التى تشكل منها «التحالف الديمقراطى من أجل مصر»، والتى كان الحزب يروّج لها بأنه لا يستهدف ترشيح أعضائه فى أكثر من 30% من دوائر مجلس الشعب تاركاً بقية الدوائر لأحزاب التحالف وفقاً لقاعدة «مشاركة.. لا مغالبة»، ثم اكتشف أعضاء التحالف أن نسبة مشاركة الإخوان قد ارتفعت لتصل إلى أغلب الدوائر، التى قرر حزب الحرية والعدالة اقتناصها لأعضائه، فقرر معظم أعضاء التحالف التخارج منه وفى مقدمتهم حزب الوفد.
واستمر منهج جماعة الإخوان منذ قيام ثورة 25 يناير متجها إلى تغليب مصلحة الجماعة الذاتية، فكان تأييدها الحماسى للاقتصار على تعديل بعض المواد من دستور 1971 المعطل بموجب الإعلان الدستورى فى 13 فبراير، كما دافعت الجماعة بكل قوة عن إجراء استفتاء على تلك التعديلات الدستورية المحدودة، والإسراع بإجراء الانتخابات التشريعية قبل وضع دستور جديد للبلاد، وكانت نتيجة الانصياع إلى التوجهات السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وحزبها، أن وافق المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تعديل المادة الخامسة من قانون انتخابات مجلس الشعب بما أتاح للقوائم الحزبية مزاحمة المستقلين فى الدوائر المخصصة لهم، وهو الأمر الذى أدخل البلاد فى متاهة دستورية تتحمل مسؤوليتها الجماعة وحزبها بالدرجة الأولى، ويشاركهما المسؤولية المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبقية الأحزاب التى شاركت فى الضغط على المجلس لإصدار قانون الانتخابات المعيب.
ثم كانت الضربة التالية لفكرة توحيد الجماعة الوطنية المصرية هى إنكار حزبى الحرية والعدالة والنور وبقية أحزاب تيار الإسلام السياسى وثيقة التحالف الديمقراطى التى تشمل المبادئ الأساسية للدستور ومعايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، ثم اتفاقهم فى حلف لم يستهدف صالح الوطن ضد «وثيقة المبادئ الدستورية»، وكان هدفهم ولا يزال، هو السيطرة على الجمعية التأسيسية للانفراد بوضع الدستور على هوى الجماعة لتأسيس الدولة الدينية التى يهدفون إليها.
لقد كان الأمل فى الجماعة وحزبها أن يكونا أداة لم الشمل الوطنى، وحشد المواطنين وراء مشروع «النهضة»، الذى وٌعد به الشعب أن يكون نقطة الانطلاق نحو التنمية المستدامة والتحول الديمقراطى والتغيير الإيجابى فى جميع المجالات، لكن أداء الجماعة وحزبها مخيب للآمال كما بين المستشار طارق البشرى فى مقاله المنشور فى جريدة الشروق يوم 11 مايو 2012، وبعد فوز الدكتور محمد مرسى برئاسة الجمهورية، إذ بقيادات الجماعة والحزب ومستشاريهم القانونيين يزينون له الصدام مع المحكمة الدستورية العليا والسلطة القضائية بإصدار قراره بدعوة مجلس الشعب المنحل إلى الانعقاد وممارسة اختصاصاته، وهو القرار الذى أثار غضباً هائلاً، واضطر معه الرئيس إلى العدول عنه بعد أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا قراراً ببطلانه.
ومع ذلك فإن الأمل لا يزال معقوداً على أن يتمكن الرئيس مرسى من تشكيل حكومته وفريقه الرئاسى، وتنفيذ برنامجه الانتخابى دون عوائق ومصادمات مع سلطات الدولة الأخرى ولا مع الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى. كما تنعقد الآمال على قدرة الرئيس على لم شمل الوطن، والعودة إلى تفعيل ما كانت الجماعة تروّج له من ضرورة وحدة الصف الوطنى، وذلك بأن يطلق مبادرة وطنية تستهدف حلا جذرياً للمشاكل العالقة فيما بين مؤسسة الرئاسة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وإنهاء ثنائية السلطة من ناحية، والاتفاق على أهداف البناء الوطنى والتحول الديمقراطى بين الأحزاب والقوى السياسية بما فيها حزب الحرية والعدالة وأحزاب تيار الإسلام السياسى، وإنهاء حالة الاستقطاب السياسى، ونبذ استخدام الدعاوى الدينية فى العمل السياسى، والاتفاق على إخلاء ميدان التحرير، وغيره من ميادين مصر، من الاعتصامات غير المبررة.
ويقيناً فإن هذه المبادرة تقع فى الصميم من البرنامج الانتخابى للرئيس مرسى، الذى تضمن الوعد بأنه سيعمل «مع كل أبناء مصر الكرام على إطلاق الحريات، وبناء نظام سياسى رشيد يضمن ممارسة ديمقراطية سليمة تتنافس فيها الأحزاب والقوى السياسية منافسة حرة شريفة ونزيهة، لكسب أصوات الشعب المصرى كمصدر أساسى للسلطات. نظامٌ يضمن للشعب حريته فى مراقبة ومحاسبة السلطات التنفيذية، ويؤدى إلى تداول سلمى حقيقى للسلطة، ومن ثمَ تحقيق استقرار شامل يوفر مناخاً صحياً لإقامة تنمية متكاملة وعدالة اجتماعية وريادة حقيقية»، وسوف يسأله الشعب يوماً عما حقق من وعود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.