مع تصاعد هجمة الجماعة الإرهابية على الوطن، اضطرت الحكومة الببلاوية إلى إصدار قرار باعتبار جماعة الإخوان المسلمين «جماعة إرهابية» مستندة إلى المادة 86 من قانون العقوبات والتعريف الذى أوردته «للإرهاب»، كما استندت إلى قرارات النيابة العامة بإحالة «مرسى» وأعضاء «الجماعة» ومسانديهم من حركة «حماس» وغيرهم إلى المحاكمة عن جريمة الهروب من سجن وادى النطرون وجرائم مهاجمة السجون وأقسام الشرطة وما نتج عنها من قتلى وسرقة أسلحة وترويع المواطنين والاعتداء على أفراد الشرطة. وعلى الرغم من مُضى أسبوعين تقريباً على ذلك القرار، وبالرغم من استهانة الجماعة الإرهابية به واستمرارها فى التصعيد بجرائم الحرق والتدمير وقطع الطرق وإثارة الفوضى فى أرجاء الوطن، فى الجامعات عامة وجامعة الأزهر على وجه الخصوص، فإن المؤشرات الصادرة عن مجلس الوزراء لا توحى بأن الحكومة قادرة حتى على تطبيق مواد الإرهاب فى قانون العقوبات، وتبدو الحكومة مرة أخرى عاجزة عن الفعل الناجز، مهدرة الفرصة لتطبيق مواد الإرهاب فى قانون العقوبات ومكررة ما سبق من تخاذلها عن تطبيق قانون الطوارئ وقت إعلان حالة الطوارئ. والحكومة الببلاوية تكرر ذات الأسلوب فى تعاملها مع اعتصامات الجماعة الإرهابية باعتمادها فقط على دور وزارة الداخلية فى التعامل مع الجماعة الإرهابية، وبذلك فهى مستمرة فى ارتكاب نفس الخطيئة التى صاحبت عملية فض الاعتصامات فى «رابعة» و«النهضة» والتعامل مع البؤر الإرهابية فى كرداسة ودلجا وناهيا، إذ انحصر دورها فى متابعة أخبار الحملة الأمنية لوزارة الداخلية من دون أن تسهم بدور حقيقى بتوفير غطاء سياسى وقانونى وإعلامى بجانب التعامل الأمنى مع الإرهابيين. والمؤكد أن الحكومة لا يوجد لديها أى رؤية سياسية واستراتيجية متكاملة وخطة عملية للتعامل مع الجماعة الإرهابية تكافئ غلوها وتصعيدها المتواصل فى عمليات الإرهاب وترويع المواطنين، أملا فى إفشال الاستفتاء على مشروع الدستور ومن ثم تعطيل خارطة المستقبل، ومنع البلاد من الالتفات إلى باقى استحقاقات استكمال المؤسسات الدستورية للانتهاء من المرحلة الانتقالية وبدء تأسيس الدولة الديمقراطية الحديثة التى يتوق الشعب إليها، فضلاً عما ينسب إلى بعض أركان الحكومة ومستشاريها من انتظارهم موجة ثورية ثالثة!!! ومع ذلك فالحكومة الببلاوية لا تتخذ أى مواقف تدافع بها عن ثورة الشعب التى جاءت بها إلى سدة الحكم، ولا تفعل ما نصت عليه استراتيجية الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب التى تمنع أعضاء المنظمة الدولية من توفير ملاذ آمن للإرهاب والإرهابيين! إن مواجهة إرهاب «الجماعة» وغيرها من مصادر الإرهاب والعنف التى يجرمها القانون تتطلب استراتيجية متكاملة لتعزيز قدرة الدولة القانونية والمؤسسية على التصدى للأنشطة الإرهابية، وتشمل خطوات من أجل: 1- توقيع العقوبات المقررة قانوناً لجرائم الإرهاب على كل من يشترك فى نشاط «الجماعة» أو «التنظيم»، أو يروج لها بالقول أو الكتابة أو بأى طريقة أخرى. 2- العمل على تجفيف منابع الإرهاب الإخوانى بتطهير المنظومة التعليمية فى الجامعات ومؤسسات التعليم قبل الجامعى وكذا مؤسسات الدولة المختلفة والنقابات المهنية والعمالية والمؤسسات الإعلامية والصحافة القومية. 3- تجريم تمويل الإرهاب ورصد ممولى الجماعة الإرهابية ومنع الجماعات الإرهابية من الحصول على أى شكل من أشكال الدعم المالى من مصادر محلية أو خارجية. 4- القيام، بدون تأخير، بتجميد أى أموال لأشخاص يشاركون فى أعمال الإرهاب. 5- تبادل المعلومات مع الحكومات الأخرى عن أى جماعة تمارس أعمالاً إرهابية أو تخطط لها والتأكد من عدم توفير الملاذ الآمن، أو الدعم أو المساندة للإرهابيين من تلك الدول. 6- تجريم مساعدة الإرهابيين مساعدة فعلية أو سلبية فى القوانين المحلية وتقديم مخالفيها للعدالة. 7- السعى للحصول على إدانة عالمية لجرائم الجماعة الإرهابية فى مصر والعمل على توفير المعلومات وتوثيق الجرائم التى ارتكبتها -ولا تزال- ضد الوطن والمواطنين، والتعاون على تحقيق ذلك الهدف مع الأممالمتحدة والاستفادة من جهودها فى وضع وتعميم معاهدات مناهضة الإرهاب. 8- معالجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والمجتمعية التى تشجع على الإرهاب، والعمل على منع الأعمال الإرهابية التى تستعين الجماعة الإرهابية فى تنفيذها بأفراد وجماعات يعانون من مشكلات اقتصادية واجتماعية ولا تتوافر لهم ظروف الحياة الكريمة. إن الدولة مطالبة بالبدء فوراً بالعمل على تفعيل نص المادة 237 من مشروع الدستور بأن «تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمنى محدد، باعتباره تهديداً للوطن والمواطنين مع ضمان الحقوق والحريات العامة. وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه». ولقد سبق لنا مطالبة رئيس الجمهورية بتشكيل «مجموعة أزمة» لإدارة الحرب على الإرهاب تنبثق عن مجلس الدفاع الوطنى، أُضيف اليوم مطالبة سيادته بإنشاء «المفوضية الوطنية لمكافحة الإرهاب» لتكون الذراع القوية لمجموعة إدارة الحرب ضد الإرهاب، وتختص أساساً بتطوير وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب الإخوانى وغيره من مصادر الإرهاب الداخلى والخارجى، على أن تكون تلك المفوضية تابعة لمجلس الدفاع الوطنى. حمى الله مصر من حكومتها المتخاذلة، ووفق أهل مصر وجيشها وشرطتها لدحض الإرهاب وتجفيف منابعه الفكرية والتنظيمية والمالية!