على مدى أكثر من سبعة عقود ومنذ ثلاثينات القرن الماضى بدأت مصلحة الضرائب المصرية فى سن وتقنين التشريعات الضريبية وما يتبعها من لوائح وأحكام تنفيذية وتعليمات تفسيرية وقرارات وزارية والتى من شأنها حصر المجتمع الضريبى والوصول إلى منظومة ضريبية متكاملة تحقق الأهداف المنشودة منها والتى تتمثل فى فرض ضرائب على الأفراد والشركات والجهات الرامية إلى تحقيق أرباح وذلك للإنفاق على كافة مرافق الدولة وأداء الخدمات المنوط بالحكومة تنفيذها لصالح الوطن والمواطن. ومع تعاقب الأزمنة والأنظمة الضريبية فى مصر بدأت بعض الأنشطة الخاضعة لأحكام قوانين الضرائب على الدخل فى الاضمحلال أو التناقص على أقل تقدير مثل القابلة - أى الداية - وكودية الزار وكثير من الأعمال اليدوية التى تعتمد على الحرفية الخالصة وكذلك انتهى التصريح - مع قيام ثورة يوليو 1952 - لبعض الأنشطة بالاستمرار لمخالفتها للنظام العام والآداب، وفى المقابل ومع التقدم المستمر فى مجالات العلوم والتكنولوجيا حلت أنشطة أخرى تحت مظلة الخضوع لأحكام قوانين الضرائب على الدخل، ومن هذه الأنشطة على سبيل المثال ما يتعلق بخدمات رجال الأعمال من اتصالات بالفاكس والإنترنت وكذلك خدمات التليفون المحمول والكول تون وغيرها. وهنا يثور تساؤل مهم حول ما إذا كانت هذه الأنشطة سالفة الذكر بالإضافة إلى كافة الأنشطة التقليدية سواء كانت أنشطة مهنية أو تجارية أو صناعية - هى فقط ما يجب أن يحصل عنها ضرائب أم أن هناك أنشطة أخرى يمكن إخضاعها للضرائب حتى يمكن إنعاش موارد الدولة بمتحصلات جديدة من الممكن أن تسهم فى بناء الاقتصاد الوطنى؟ وإجابة هذا التساؤل تقودنا -بشىء من إعمال الفكر السليم والمنطق القويم- إلى تقييم بعض الأنشطة واقتراح إخضاعها للضرائب مما يسهم بشكل فعال فى اتساع مظلة الخضوع للضرائب ولدينا ثلاثة أمثلة على ذلك وهى: أولاً: سيارات التوك توك: حيث إنه من المعلوم أن كافة وسائل النقل البرية والبحرية والنهرية والجوية تخضع للضريبة، وحيث إننا لا نتداخل فى المشاكل القائمة حول توصيف الشكل القانونى لتسيير التوك توك وترخيصه والسن القانونية لسائقيه ولكننا نرى أن عدد سيارات التوك توك فى مصر قد ناهز المليون وحيث إننا لا نستطيع أن نعين رجال الضرائب لمتابعة هذا النشاط فما المانع من مراجعة الإفراجات الجمركية وفرض ضريبة سنوية قطعية على مالكى التوك توك بواقع ألف وخمسمائة جنيه سنوياً أى بواقع أقل من خمسة جنيهات يومياً، مع العلم بأن هذه الضريبة أقل كثيراً جداً من الضرائب التصاعدية المفروضة على باقى وسائل النقل. ثانياً: الأكشاك المخصصة لتجارة التسالى والحلوى والسجائر وخلافه والتى تنتشر فى جميع أنحاء الوطن: حيث إن هذا النشاط يمكن حصره عن طريق المحليات من مجالس مدن ومراكز وعمُديات القرى والنجوع على أن تؤدى هذه الأكشاك ضريبة سنوية قطعية تعادل ما ذكرناه فى البند السابق. ثالثاً: الباعة الجائلون، حيث إن هذه الفئة تقوم باستصدار شهادات صحية من وزارة الصحة تفيد خلوها من الأمراض المعدية والمتوطنة فلا يوجد ما يمنع من تخصيص مكتب صغير داخل مكاتب الصحة لتحصيل ذات الضريبة السنوية القطعية كما أشرنا من قبل وذلك بالتزامن مع إصدار وتجديد الشهادات الصحية. وختاماً لهذا المبحث فإننا نكرر مطلبنا الدائم من ذوى الخبرة والتخصص بالتعاون فى مناقشة هذه الاقتراحات وتكييفها قانونياً بما يكفل إضافة أى موارد جديدة تسهم فى بناء الوطن.