ذهبت بالأمس أنا وأسرتى إلى معرض أهلا رمضان لشراء احتياجات المنزل لشهر رمضان المعظم، أعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركات، وما إن دخلنا إلى أرض المعرض أول ما لفت إنتباهى كم السيارات الفارهة التي تتواجد بداخل أرض المعارض بمدينه نصر، مع أنه من المفترض أن هذا المعرض مقام للأسر ذوى الدخول المتوسطة والفقيرة. لم أعر الأمر إهتمام كبير، وأكملت سيرى متجها إلى صالة العرض، وإذا بى أفاجأ برجل في العقد الخامس من عمرة يسير بكلبه الصغير داخل المعرض، وكانهم في نزهة، أيضا لم أعر الأمر إهتمام كبير. وعند مدخل صالة العرض وجدنا حالة من السعادة، والأطفال تتراقص وتتمايل على أغنية بشرة خير، والأهالى في فرحة بأطفالهم وهم يرقصون، فرحنا جدًا بهذا الطقس المبهج، وتخيلنا أنا وأسرتى، أننا في نزهة حقيقية، وما إن دخلنا إلى صالة العرض حيث فوجئنا بمشاجرة وتشابك بالأيدى بين رجل وأحد رجال الأمن المسؤول عن المعرض، فزعنا من المنظر وانتظرنا بالخارج قليلًا حتى هدأت الأمور، ودخلنا إلى المعرض، وما إن سرنا قليلا حتى وجدنا زحام لا حصر له، وأصوات عالية، فدار حوار بينى وبين زوجتى، وكان هذا نص الحوار: أنا: ليه الزعيق والخناق ده كله. "زوجتى تصمت وتنظر في ذهول" مسؤولة عن تنظيم المعرض: عشان فيه سرقة وقلة أدب وخناق. أنا: سرقه! مسؤولة عن تنظيم المعرض: أه سرقة وقله أدب. أكملنا طريقنا ووجدنا أكياس السكر على أحد جوانب المعرض. أنا: بكام كيس السكر. البائع: أربعه جنيه ونص. أنا: ممتاز هات باكت. البائع: اتفضل، بس لازم تحاسب في الكاشير الأول قبل ما تكمل لف في المعرض. أنا: ماشى، فين الكاشير؟ البائع: شايف الطابور والضرب اللى هناك ده. أنا: أه. البائع: هو ده بقى الكاشير. أنا: أأأه طيب شكرًا. وتقدمت قليلا أستطلع الأمر، ووجدت كمية هائلة من الأرز واللحوم والدجاج والسكر على الأرض بجانب غرفة الكاشير، وكان بينى وبين زوجتى هذا الحوار زوجتى: فيه رز هنا أهو، أنا هاخد 5 أكياس. إمرأة منتقبة: لا يا حبيبتى الحاجات دى كلها بتاعتى أنا. أنا: طيب معلش يا حاجه إحنا اسفين. نظرت إلى زوجتى مستغربة الأمر، لماذا تأخذ هذه السيدة كل هذه الكميات من الأكل. أنا: أكيد دى تاجرة. أحد منظمي المعرض مقاطعا: مع الأسف معظم اللى هنا تجار. أنا: وإزاى الواحد يحاسب في الزحمة دى كلها. أحد منظمي المعرض: مع الأسف مفيش غير كاشير واحد بس. أنا: "مستغربًا" كاشير واحد بس على كل الناس دى. أحد منظمي المعرض: قلنا كتير للإدارة لازم نجيب واحد يساعد الراجل ده، وكان رد الإدارة مينفعش نستأمن حد غيره، والراجل ده بقاله 3 أيام على الحال ده من 10 الصبح لحد 9 بليل. أنا: طيب شكراً. ورميت باكت السكر الذى كان في يدى، وأخذت زوجتى وهممنا بالإنصراف أحد منظمي المعرض: انت مش حتاحسب على السكر. أنا: لأ، أنا مش حشترى خالص، لأنى لو وقفت هنا دقيقة واحدة كمان أنا اللى حيجيلى السكر. أحد منظمي المعرض: "ضاحكا" مع السلامه يا فندم. وخرجنا نجر أذيال الخيبة لأننا لم نستطع أن نشترى حتى حبه أرز واحدة. وما خرجت به من هذا المعرض أنه لا يزال، وبالرغم من تشجيع الدولة على توفير سلع بأسعار رخيصه جداً، إلا أنه إلى الأن يوجد من يستغل مثل هذه المناسبات، فالسواد الأعظم منه تجار، والباقى أناس يستطيعون الشراء بالأسعار العادية، ولكن أيضا لا يتركون فرصة لأصحاب الدخول المتوسطة والفقراء من الاستمتاع بالفرصة التي وفرتها الدولة لهم، وسوء تنظيم على أعلى مستوى، فكل هذا الكم الهائل من البشر لا يتعامل إلا مع كاشير واحد فقط. قبل أن تحاسبوا الدولة حاسبوا أنفسكم وضمائركم يا أهل مصر، ويا مسؤولين عن تنفيذ قرارات إتخذها قائد الدولة، فالرئيس عبد الفتاح السيسى لا يستطيع الإشراف على كل شيء بنفسه، فإنه بشر وفرد واحد داخل المؤسسة، فلابد من إيقاظ الضمائر أولًا من جهة المنفذين للقرارات، وإيقاظ ضمائر أهل مصر ثانيا، حتى تستطيعوا الإحساس بالفارق في حياتكم.