ناصر محمد موظف بالسكة الحديد مرتبه2100 جنيه هي مصدر الدخل الوحيد لأسرته المكونة من زوجته وولديه علي7 سنوات وعامر6 سنوات, توقف أمام أحد المطاعم الشعبية في وسط البلد بعد انتهاء عمله وقد جذبته رائحة الطعمية الساخنة, وقرر أن تكون هي وجبة العشاء للأسرة. توجه ل الكاشير قائلا4 فول و6 طعمية جاءه الرد صادما17 ونص اعتقد أنه أخطأ السمع فكرر السؤال لينفخ الكاشير بضيق وهو يجيب:17 جنيه ونص, بدأ صوت ناصر في الارتفاع: ليه يا عم أنا عايز10 سندوتشات بس.. هو الواحد بكام؟ أشار الرجل بإصبعه إلي قائمة كبيرة بالأسعار علي الجدار المواجه دون أن ينطق بكلمة واحدة, لم يصدق ناصر عينيه وهو ينظر بفزع سندوتش الطعمية والفول بجنيهين إلا ربع! بسرعة البرق دارت داخل رأس ناصر عملية حسابية سريعة: يعني لو كل يوم الفطار والعشاء سندوتشات فول وطعمية هاحتاج1050 جنيها في الشهر.. يا نهار أسود.. ده نص مرتبي.. طب الغدا هعمل فيه إيه؟ ولسه فلوس المواصلات والإيجار والكهرباء. انتفض فجأة ووجه حديثه ل الكاشير مرة أخري: بلاش سندوتشات أنا عايز علبة فول كبيرة وب2 جنيه طعمية رد الكاشير بسرعة:9 جنيه فوض ناصر أمره لله, وتوجه لاستلام طلبه بالبون بعد أن دفع ساخطا.. فوجئ بكيس صغير الحجم بداخله علبة بلاستيك تنافس الكيس في صغر حجمها و4 أقراص طعمية! تردد قليلا قبل أن يقول للبائع: هو قرص الطعمية بكام؟, أجاب البائع سريعا بخمسين قرش, رد ناصر: بس دي صغيرة قوي أجاب الرجل دون أن ينظر إليه: الكبيرة ب75 قرش! في الطريق إلي منزله.. سار ناصر شاردا, وهو يطبق بيديه الإثنتين علي الفول والطعمية, ولم تزعجه كثيرا أصوات أبواق السيارات والباعة الجائلين, فقد كان سمعه مشغولا بأصوات أخري ظلت تلاحقه, حتي بدا له أنها تطارده أو يطاردها, ضبط الأسواق.. التسعيرة الجبرية.. الحد الأدني للأجور.. محدودو الدخل..و.. و.. وطال الطريق بناصر.. طال كثيرا.. حتي ظن أنه لن يصل أبدا.