الدولار ب50.56 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 12-5-2025    طائرات الاحتلال تواصل شن سلسلة غارات عنيفة على مدينة رفح (فيديو)    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    النصر يتطلع للعودة إلى الانتصارات بنقاط الأخدود    أمن الإسماعيلية: تكثيف الجهود لكشف لغز اختفاء فتاتين    بينهم أطفال.. مصرع شخص وإصابة 7 آخرين في حادثين منفصلين بالأقصر    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    أمريكا تعلق واردات الماشية الحية من المكسيك بسبب الدودة الحلزونية    وفري في الميزانية واصنعيه في البيت، طريقة عمل السينابون    الصراع يشتعل على المقاعد الأوروبية.. جدول ترتيب الدوري الألماني    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    حريق هائل يلتهم محصول القمح في الغربية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 12 مايو    أصالة تدافع عن بوسي شلبي في أزمتها: "بحبك صديقتي اللي ما في منك وبأخلاقك"    الانتهاء من تصوير 90% من فيلم روكي الغلابة    جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف كبيرة فى رفح الفلسطينية جنوبى قطاع غزة    توجيه مهم من السياحة بشأن الحج 2025    بعد ضم 5 نجوم.. 3 صفقات سوبر منتظرة في الأهلي قبل كأس العالم للأندية    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    رسميًا.. موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 بعد قرار وزارة المالية (تفاصيل)    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 12 مايو 2025    اعترافات صادمة لسائق بسوهاج: سكبت البنزين وأشعلت النار في خصمي بسبب خلافات عائلية    كيف تأثرت الموانئ اليمنية بالقصف المتكرر؟    ترامب: سأعلن عن خبر هو الأهم والأكثر تأثيرا على الإطلاق    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    خاص| سلطان الشن يكشف عن موعد طرح أغنية حودة بندق "البعد اذاني"    عمرو سلامة عن مسلسل «برستيج»: «أكتر تجربة حسيت فيها بالتحدي والمتعة»    عمرو سلامة: «اتحبست في دور المثير للجدل ومش فاهم السبب»    البترول تعلن شروطها لتعويض متضرري "البنزين المغشوش"    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    ملخص أهداف مباراة الاتحاد والفيحاء في دوري روشن السعودي    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    بسبب ذهب مسروق.. فك لغز جثة «بحر يوسف»: زميله أنهى حياته ب15 طعنة    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    فلسطين.. الاحتلال يقتحم كفر اللبد ويعتدي على شاب من ذوي الإعاقة شرق طولكرم    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    ندوة "العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فتاوى دار الإفتاء المصرية" بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    محافظ الشرقية يصدر قرارًا بتكليف رئيس جديد لصان الحجر    مشاجرة عائلية بسوهاج تسفر عن إصابتين وضبط سلاح أبيض    عاصفة ترابية مفاجئة تضرب المنيا والمحافظة ترفع حالة الطوارئ لمواجهة الطقس السيئ    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    تقى حسام: محظوظة بإنى اشتغلت مع تامر محسن وأول دور عملته ما قلتش ولا كلمة    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    أمينة الفتوى: لا حرج في استخدام «الكُحل والشامبو الخالي من العطر» في الحج.. والحناء مكروهة لكن غير محرّمة    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    وزير الخارجية والهجرة يلتقي قيادات وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    جامعة بنها تطلق أول مهرجان لتحالف جامعات القاهرة الكبرى للفنون الشعبية (صور)    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطعمياية بجنيه
نشر في المصري اليوم يوم 24 - 03 - 2010

حينما تم غزونا بالهامبورجر والسجق الأفرنجى والدجاج المقلى، أصبح «الساندويتش‎» الذى ثمنه من المواد السالفة الذكر خمسة عشر جنيهاً أو عشرة لو انخفض سعره- أصبح‏‎ شيئاً عاديا وتوارى ساندويتش الطعمية والفول أبوشلن، ولم يصبح له مكان فى المزاج‎ المصرى وتسابق الإنسان المصرى أطفالاً وشباباً وشيوخاً، على المستورد من الطعام،‎ وأصبح ‏«الديليفرى» أى الواصل للبيت، موضة وتفاخرا والنسوان يتشدقن فى النوادى‎:‎
‎- الولاد بيحبوا الديليفرى‎!‎
‎- والله يا أختى وجوزى كمان‎.‎
حتى الكشرى أصبح الجاهز منه هو الأفضل، ورفعت السلع الغذائية أسعارها فى مقابل‎ أسعار الهامبورجر والدجاج، ارتفع ثمن ساندويتش الطعمية إلى ربع جنيه، وكذلك الفول،‎ ناهيك عن ارتفاع أسعار الجبن، وهى ملكة المائدة الآن ولا يصل إليها الفقراء‎.‎
ولكن الغريب أن الطبقة الكادحة.. تكدح من أجل ‏«ساندويتش» هامبورجر أو «سوسيس‎» واسم الدلع السجق‎.‎
سألت امرأة عاملة فى البيوت ماذا ستفعل بالخمسين جنيهاً التى ستأخذها من عمل‎ اليوم، قالت بلا تردد‎:‎
‎- حاخد الولاد لمطعم الهامبورجر اللى ع الشارع.. أهو يشوفوا الدنيا وياكلوا أكلة‎ حلوة‎.‎
‎- ده إنت ممكن بخمسين جنيه تعملى أكل تلات أيام.. فرختين بتلاتين جنيه وبيض وعيش‎ وكشرى بالباقى‎!‎
‎- وأحرم ولادى ليه.. هم أقل من غيرهم؟‎!‎
حديث صحيح وبالتفصيل.. أصبح التباهى بالطعام، ناهيك عن الملابس‎.‎
وسعدت وفرحت وشعرت بأن الذين يعملون فى سوق الأطعمة فاقوا.. حينما أقاموا مطاعم‎ فاخرة ذات أسماء مغرية.. وحملت شوقى للطعمية وذهبت إلى أحد هذه المحال على نيل‎ القاهرة.. وأخرجت عشرة جنيهات، وفعلت مثل عادل إمام حينما أمسك قرطاس الخيار ؟؟؟‎ وقلت لصبى البائع‎:‎
‎- من فضلك عاوزة علبة فول وعشر طعميات وعلبة طرشى‎.‎
وأشرت بيدى إشارة يفهم منها خلى الباقى علشانك! تماماً مثل عادل إمام، فنظر لى‎ صبى البائع متعجباً خجلاً ولكنه أفصح وقال‎:‎
‎- حضرتك دى عشرة جنيه‎!‎
‎- أيوه.. علبة فول.. وعشر طعميات وعلبة طرشى‎!‎
‎- حضرتك الطعمياية الواحدة بجنيه.. أجيب لحضرتك بالعشرة طعمية وخلاص؟
لم أستسلم بسرعة ولحبى للجدل قلت له‎:‎
‎- مافيش طعمية صغيرة بنص جنيه؟
‎- لأ.. الحقيقة مافيش‎.‎
أخذت منه الورقة أم عشرة جنيه.. وقلت له‎:‎
‎- على فكرة عنوان مقالى الجاى «الطعمياية بجنيه‎».‎
‎- حضرتك بتكتبى؟
‎- آه.. عندك مانع؟
‎- لأ.. بس غريبة أوى إنك ماتعرفيش إن الطعمياية أصبحت بجنيه! اشمعنى الهامبورجر،‎ ما هو الطعمية بالإنجليزى يعنى هامبورجر‎!‎
قالها بتريقة.. تركته بسرعة.. وفكرت فيما وصل إليه الحال.. هذه الشقلبة.. الفقير‎ أصبح لا يدرى أنه فقير إلا حينما يصبح معوزاً.. وإذا حصل على قرشين يتشعبط فى‎ الهامبورجر!! ولا يفكر فى طعام الغد‎!!‎
لم يعد لدينا أى فكر عن أى شىء واختلطت الطبقات فى أسلوب الإنفاق.. آسفة لم‎ تختلط ولكن الطبقة الفقيرة التى ازدادت فقراً أصبحت تتشعبط فى الطبقة الأعلى عن‎ طريق الطعام.. أما عن الطبقة المتوسطة فحدث ولا حرج، الجمعيات وصلت إلى مائة ألف من‎ أجل حجز شاليه فى العين السخنة، حيث لم تلحق هذه الطبقة بمارينا ونما إلى علمها أن‎ السخنة موضة! يشترك خمسون شخصا وشخصة فى جمعية بألف جنيه فى الشهر، والألف جنيه‎ أصلاً من جمعية أخرى بعشرة جنيهات مع صلاح بتاع الخزنة.. وهكذا يعيش الناس أحلام‎ الإعلانات.. سواء فى الساندويتشات أو الشاليهات أو السيارات، حيث أصبح إغراء شراء‎ السيارة بأقل مقدم ممكن، وامتلأ الشارع بالعربيات، وامتلأت الساحة بتوكيلات شركات‎ سيارات من كل الملل والنحل ويدفع مشترى السيارة قسطين أو ثلاثة ثم ينقطع شهرين أو‎ ثلاثة وتسحب منه العربية دون أى حقوق له عند البائع‎!‎
وأنظر حولى بأثر رجعى وأتذكر أستاذنا الراحل دكتور حامد ربيع فى كتابه «علم‎ النفس الاجتماعى»، حينما ذكر لنا منذ خمسين عاماً كيف تتبنى وتأخذ الدول الفقيرة كل‎ عيوب الدول الغنية من استهلاك فى الكماليات مما يوصل إلى عدم التوقف والاهتمام‎ بالضروريات، فتتمزق القيم.. وهكذا أصبحنا جزرا كل جزيرة يحكمها مزاجها.. جزيرة حديد‎ عز وجزيرة البرادعى ولو أنه ضرورة، وجزيرة حرب النساء وتكسير الطرق حتى لا تسير‎ المرأة ويصبح بيت الشعر‎:‎
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
بيت شعر مهزوزا على صخرة من مجتمع ذكورى.. وللحديث بقية‎.‎
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.