سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
غياب قاعدة بيانات الحمض النووى يجعل التوصل لهوية «الانتحاريين» مستحيلاً خبير أمنى: تحاليل الحمض النووى تفقد أهميتها إذا لم تطابق بعينات شبيهة من خلال «دى إن إيه»
عن غيره من الأدلة يظل له طابع خاص، وقدرة كبيرة على قطع الشك باليقين، فتحليل ال«دى إن إيه» وحده يتربع على عرش قائمة الأدلة الدامغة، التى تبين ثبوت الجريمة من عدمه. لكن تحليل ال«دى إن إيه» رغم قوته فى الحجة فإنه لا يستطيع أن يقودك إلى الجانى بسهولة، فالنتائج التى يتوصل إليها الأطباء الشرعيون فى معامل الطب الشرعى دائماً ما تظل فى انتظار مقارنتها بتحاليل أخرى للمشتبه فيهم لتثبت المتورط من عدمه. كلما وقع حادث تفجير بفعل انتحارى يخرج المسئولون بتصريحات عن إجراءات معتادة بإجراء تحاليل ال«دى إن إيه» للكشف عن هوية الانتحارى والتعرف على شخصيته. لكن واقع الأمر هو أن نتائج التحاليل لا تستطيع التوصل إلى شخصية أو هوية مرتكب الجريمة إلا فى حالات محددة، ولهذا فإن قضايا التفجيرات لم تتوصل إلى حقيقة الفاعل، لكنها تحتفظ بكافة معلوماته الوراثية فقط. عقب عزل الرئيس محمد مرسى وقعت عمليات تفجيرية كثيرة كان سببها انتحاريين، ولكل انتحارى «دى إن إيه» يثبت حقيقة المتورط وشخصيته، لكن التوصل إليه يظل رهن وجود مشتبه فيهم أو أقارب لمن نفذ العملية، وهو ما لم يحدث منذ وقوع تلك التفجيرات وحتى اليوم. يقول الدكتور هشام عبدالحميد، المتحدث باسم مصلحة الطب الشرعى، إن تحليل ال«دى إن إيه» يعد أساسياً فى كثير من القضايا، لكنه يظل رهن خطوات أخرى يتم اللجوء إليها للاستفادة بنتائجه، مثل مطابقة البصمة الوراثية ببصمات أخرى للتوصل إلى حقيقة الجانى، وهو ما لم نستطع تطبيقه فى قضايا التفجيرات والانتحاريين الذين حصلنا على بصماتهم الوراثية فى أكثر من قضية مؤخراً. ولكن تحليل البصمة الوراثية يعد خطوة رئيسية فى قضايا إثبات البنوة، ويتم عمل تحاليل للأسرة كاملة من الأب والأم والابن أو الابنة، ويستغرق عمل التحليل نحو 4 أيام كاملة للخروج بالنتائج المطلوبة. ولفت «عبدالحميد» إلى أن تحليل البصمة الوراثية فى حالات الانتحاريين الذين يرتكبون جرائم انتحارية، يصعب التعرف عليهم بدون عمل مقارنات لتحاليل «دى إن إيه» مشابهة من أحد أقاربهم للتأكد من هويتهم، لكن التحليل يمنح كافة المعلومات المتعلقة بالجانى، وهو الأمر الذى حدث مع كافة الانتحاريين فى الجرائم التفجيرية التى وقعت مؤخراً، ففى حادث محاولة اغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم تم عمل تحليل «دى إن إيه» للشخص الذى فجر نفسه لكنه حتى الآن لم تقارن نتائج تحاليل الانتحارى بأى شخص آخر مشتبه فيه. ويوضح «عبدالحميد» أن قضية تفجيرات مبنى المخابرات فى رفح أيضاً نفذها أحد الانتحاريين، ولهذا تم عمل تحليل «دى إن إيه» له أيضاً. وأكد «عبدالحميد» أن نتائج تحاليل ال«دى إن إيه» لا تستغرق وقتاً طويلاً رغم أنها ذات تكاليف عالية، ولكنها فى بعض القضايا الكبرى قد تستغرق وقتاً طويلاً، وهو ما حدث فى أحداث فض اعتصام «رابعة العدوية»، للتحقق من الجثث وتسليمها إلى ذويها عبر تحاليل «دى إن إيه» توثق قرابتهم للموتى، إلى أن بقيت نحو 65 جثة مجهولة لم يستعلم عنها أحد، ودُفنت بمعرفة الجهات المختصة. مضيفاً: «عملنا ل125 حالة من أول حادث الحرس الجمهورى، وتم التعرف على 90 حالة وبقيت 35 حالة لم يتعرف عليها أحد»، لافتاً إلى أن تلك الجثث المجهولة ربما تكون تابعة لدور أيتام كما حدث من قبل، وربما يكون أصحابها أم قعيدة أو أسرة لم تستطع المجىء للتعرف على جثث أقاربها. وأضاف «عبدالحميد»: «نفتقد وجود بنك معلوماتى خاص ب(دى إن إيه) للمجرمين أو الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية»، لافتاً إلى أن وجود مثل هذا البنك سيكلف الدولة مبالغ مالية كبيرة، لكنه سيساهم بالتأكيد بدرجة كبيرة فى التوصل إلى الجناة فى أسرع وقت. موضحاً أن تحليل البصمة الوراثية غالباً ما يفيد فى قضايا الاغتصاب ويعطى نتائج جيدة فى مسرح الجريمة. وقال محمد الموجى، الباحث الأمنى، إن «هناك العديد من البصمات المختلفة ما بين بصمة الأصابع وأخرى لقرنية العين وثالثة بالبصمة الوراثية أو ما يعرف بتحليل الحمض النووى، وتعد البصمة الوراثية ذات دور كبير فى كثير من القضايا، وبها يجرى تحديد الجناة بسهولة ولكن يصعب مقارنة البصمات الوراثية فى حالة غياب قاعدة بيانات وهو واقع كثير من القضايا، خاصة فى قضايا التفجيرات التى توقف الأمر فيها على عمل تحاليل (دى إن إيه) دون التوصل لشخصية الانتحارى، وهو ما يجعلنا نفكر فى بدائل أخرى تتناسب مع التكاليف المسموح بها أو إجراءات إضافية تساهم بدرجة كبيرة فى عمل قاعدة بيانات لكافة المواطنين فى كل مكان، مثل عمل بصمات الأصابع لكل المواطنين منذ أن يستخرجوا بطاقات الرقم القومى لتسهل عملية البحث عن البصمات المختلفة التى توجد فى أى مسرح جريمة».