اعتبر عدد من المعارضين التونسيين أن استقالة حكومة "النهضة"، التابعة للتنظيم الدولي للإخوان، لم تكن هدية من حركة "النهضة" للشعب، وإنما كانت نتيجة للحركة الاحتجاجية التي شهدتها تونس خلال اليومين الماضيين، لافتين إلى أن الحكومة الجديدة سيكون عليها التزامات معينة تقوم بها أبرزها تنفيذ باقي بنود خارطة الطريق. وفي اتصاله مع "الوطن"، قال مهدي سعيد الناطق باسم حركة "تمرد تونس"، إن "استقالة حكومة النهضة كانت نتيجة متوقعة بسبب الاحتجاجات القوية التي شهدتها البلاد خلال اليومين الماضيين بعد قانون المالية الجديد (الميزانية) لسنة 2014، فهم أُجبروا على الاستقالة من قبل الشعب". وأضاف: "النهضة باتت في مأزق وأدركت أنها أمام هذه الاحتجاجات المتسعة لم يعد أمامها إلا إعلان حكومة علي العريض الاستقالة، وبدى عليها الارتباك، بعدما طالبت النهضة الحكومة بمراجعة القرارات المالية التي اتخذتها وكانت سبب في إشعال الاحتجاجات، رغم أن المجلس الوطني التأسيسي، الذي يشكل نواب النهضة أغلبيته هم من وافقوا عليه". وحول إمكانية محاسبة "النهضة"، قال "سعيد" إن "حسب معلومات لدينا فإن أحزاب المعارضة أعطت ضمانات لحكومة النهضة بعد محاسبتهم في حالة خروجهم من السلطة، ونحن كشعب نريد محاسبتهم على كل ما اقترفوه من أعمال إرهابية وأحداث الرش والتورط في الاغتيالات والحالة المتدهورة التي وصلت إليها تونس". وتابع "سعيد": "لدينا ثقة في حكومة مهدي جمعة في تنفيذ ما اتفق عليه في خارطة الطريق ومنها مراجعة التعيينات الأخيرة في الدولة التي تمت في فترة حكم النهضة". من جانبه، قال جيلاني الهمامي، القيادي في "الجبهة الشعبية" و "جبهة الإنقاذ" المعارضة، إن "البداية بقرار تعليق العمل بالزيادات المالية التي فرضت على أصحاب الشاحنات والفلاحين، جاء نتيجة للضغوط التي أفرزتها التحركات الشعبية وفرضت على الحكومة التراجع وهو أمر يمثل انتصار للإرادة الشعبية وللحركة الوطنية". وأضاف: "على الرغم من أن القرار مهم لكنه منقوص، فنحن نطالب بأن يتم توقيف القانون بالكامل لما لدينا عليه من اعتراضات على رفع الدعم عن بعض السلع وعدم زيادة الأجور وتجميد الانتدابات وغيرها من الإجراءات الواردة". أما فيما يتعلق بقرار استقالة الحكومة، قال "الهمامي" إن "القرار لم يكن هدية من حركة النهضة، وإنما كان أيضاً نتيجة الضغوط الشعبية التي أجبرت الحكومة على الاستقالة، ولكن من ناحية أخرى هو منقوص". وأوضح "الهمامي" أن قرار الاستقالة منقوص لأن الأمر يتمثل في نوعية الحكومة الجديدة في أن تكون مستقلة لا تحابي تيار سياسي بعينه، وتتخذ قرارات اقتصادية لصالح الشعب، وتستكمل باقي ما اتفق عليه في خارطة الطريق. وتابع: "سيكون على الحكومة الجديدة أيضاً مراجعة التعيينات وحل روابط حماية الثورة، التي تعتبرها المعارضة التونسية ميليشيات تابعة للنهضة، وكشف حقيقة الاغتيالات، ومكافحة الفساد الذي استشرى في عهد النهضة". وقال "الهمامي" إنه "سيتم متابعة كل هذا وندعو الشعب التونسي إلى مواصلة النضال". وبسؤاله عما إذا كان بإمكان رئيس الحكومة الجديدة مهدي جمعة إلغاء قانون المالية الحالي، أجاب "الهمامي": "بطبيعة الحال، من حقه كرئيس حكومة أن يقدم قانون جديد يُدخل فيه تعديلات، وهذا من مصلحته لتفادي الاحتجاجات التي وقعت الأيام الماضية". واستدرك: "ولكن في حالة ما إذا رفض أعضاء المجلس التأسيسي الذي تسيطر عليه النهضة مثل هذه المقترحات فإن هذا قد يشكل أزمة جديدة بين الحكومة وحركة النهضة". وكانت حكومة علي العريض أعلنت استقالتها يوم الخميس الماضي، عقب الانتهاء من الاتفاق على تكوين هيئة الانتخابات وسط حالة من الغضب الشعبي والاحتجاجات، بعد الزيادات التي تم فرضها على السيارات والشاحنات والفلاحين وفق قانون المالية لعام 2014، وتنفيذاً لخارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها برعاية المنظمات الراعية للحوار الوطني للخروج من الأزمة السياسية المندلعة منذ اغتيال المعارض محمد البراهمي.