لم تكن مفاجأة بالنسبة لي أن أعرف أن الأولمبياد بدأت يونانية في بلاد الإغريق.. لكن المفاجأة أنها بدأت كعبادة وتقرب للآلهة وترويحا عنهم فى الأساس، ولهذا فالهدف الأساسي من إقامة تلك الدورات الأولمبية هو إضفاء الحب ونشر السلام بين الناس، وكانت تتوقف خلال إقامتها الحروب نهائيا. نشأة الأولمبياد كانت تقام الأولمبياد على شرف كبير الآلهة زيوس وزوجته هيرا كل أربع سنوات، كما هي الآن، وبدأت فى صيف عام 776 قبل الميلاد، ولذلك أصبح الاهتمام الأكبر عالميا فى العصر الحديث بالأولمبياد الصيفية. سميت الأولمبياد بهذا الاسم نسبة إلى مدينة أولمبيا التى كانت تقام فيها فى بداية نشأتها.. واختير هذا المكان تحديدا فى العصر القديم نظرا لقدسيته الشديدة لديهم، حيث كانت تجمع القرية فى سهل الأولمب أسفل جبل الأولمب أكبر تجمع ديني إغريقي، وأعلى الجبل معبد كبير الآلهة زيوس.. ونظرا لأنها بدأت كفكرة للتقرب للآلهة والترويح عنهم، فتم اختيار هذا المكان المقدس.. وفي هذا الوقت لقت الدورات المقامة إقبالا شديدا وشهرة واسعة، لكن مع تطور الأمبراطورية الإغريقية وانغماسها فى الفتوحات بدأت المسابقة فى التدهور .. وتوقفت عام 393 م بقرار ديكتاتوري من الإمبراطور الروماني "ثيودوسيوس الأول"، باعتبارها مهرجانات وثنية لا تليق بالإمبراطورية الرومانية التي نبذت الوثنية واعتنقت المسيحية، وبعد هذا القرار رقدت أولمبيا تحت أطنان التراب ونهبت ثرواتها ودمرتها الزلازل. الأولمبياد في العصر الحديث الفضل في إحيائها يرجع للفرنسي إيرنست كورتيوس عالم آثار ألماني عثر على بقايا أولمبيا، وعلم بذلك البارون الفرنسي "بيير دي كوبيرتان"، وتفجرت فى رأسه فكرة إحياء الألعاب الأولمبية مرة أخرى، وقام بمجهود بطولي من أجل ذلك الحلم، وتمكن "دي كوبيرتان" في عام 1894 من تحقيق حلمه، ووافق المجتمع الدولي على بدء الألعاب الأولمبية الجديدة عام 1896. وقد وضع كوبيرتان دستورا للدورات الأولمبية حين قال: "إن أهم شيء في الألعاب الأولمبية ليس الانتصار بل مجرد الاشتراك.. وأهم ما في الحياة ليس الفوز، وإنما النضال بشرف". يقال إن الألعاب الأولمبية بدات بأربعة أنواع من سباقات العدو والمصارعة والملاكمة وسباق الخيول والعربات، وكما يحدث الآن من تجميع لأقوى وأفضل الرياضيين على مستوى العالم، فهو مأخوذ من بدايتها أيضا، حيث كان يتم تجميع أقوى وأمهر الرياضيين فى الإغريق القديم. وبدأت منافسات الأولمبياد بيوم واحد، ثم امتدت إلى خمسة أيام يحضر قبلها المتنافسون بشهر كامل للإعداد والتهيئة البدنية، وكان يقتصر فى المشاركات قديما على الرجال، وكان محرما على السيدات المشاركة أو حتى المشاهدة فى المنافسات، ولكن تحدت تلك العقوبات امرأة كي تشاهد ابنها وهو يمارس الملاكمة، وهي التى تخاف عليه من هذه الرياضة العنيفة، لكن فوز ابنها أعطاها الحياة بعد أن كان قد حكم عليها بالإعدام، لكن جاءت اللجنة الأولمبية الحديثة التى آمنت بممارسة المرأة لحقوقها الرياضية والاجتماعية. هناك بعض الشعارات التى تميز الدورة الأولمبية، التى من خلالها يعرف العالم كله أن ميعاد بدء الدورة قد حان، ألا وهي (الشعلة الأولمبية ورفع العلم الاولمبية ) الشعلة الأوليمبية رمز للألعاب الاوليمبية، تعود أصولها إلى اليونان القديمة، عندما كان يتم إشعال النيران فى جميع الأنحاء احتفالا بالألعاب الأوليمبية القديمة، وأعيد هذا التقليد عن طريق هذه الشعلة كرمز من رموز الاحتفال بالألعاب الأوليمبية، وكانت البداية فى أولمبياد أمستردام عام 1928. لكن لماذا نشاهد من يجري حاملا هذه الشعلة في مختلف الأماكن، ونسمع أنها تسيرعبر بلاد وتعبر محيطات؟ إجابة هذا السؤال تكمن فى أنه ونظرا إلى أن بداية هذه الألعاب الأوليمبية كانت يونانية، فإن مشعلها الرئيسي في أثينا معقل الأولمبياد، وتذهب حتى مكان إقامة الدورة، وتعبر انطلاقا منها المحيطات والدول، ويحملها العديد من الشخصيات البارزة اجتماعيا عبر كل بلدة وفى النهاية يحملها، حتى مشعلها الأخير في مقر البطولة، وهو أحد مشاهير الرياضة فى البلد المضيف. شعار الأولمبياد "خمس حلقات على صفحة بيضاء" اقترح هذا الشعار البارون بيير دي كوبيرتان فى أغسطس عام 1913، وتمثل تلك الدوائر قارات العالم الخمس، وتحمل ألوان "الأزرق، الأصفر، الأسود، الأخضر، الأحمر"، وترسم على العلم الأوليمبي على صفحة بيضاء رمزا للسلام بين الشعوب. ونظرا لهدفها السلمي اقترح بير ديكوبرتان قسم أولمبي ينطق به اللاعبون جميعا في مراسم افتتاح الدورة الأولمبية، وكتب دي كوبيرتان كلمات القسم، وبدأ العمل به عام 1920، وتمت بعض التعديلات عليه ليكون بصورته الحالية وهي: "باسم جميع المتنافسين أقسم بأن نشارك في هذه الألعاب الأولمبية، ونحترم ونلتزم بجميع القوانين التي تنظم هذه الألعاب، نتعهد بأن نمارس رياضة نظيفة خالية من المنشطات بناء على متطلبات روحية الرياضي الحقيقي وحفاظا على مجد الرياضة واحتراما لسمعة فرقنا". وهناك قسم خاص بالحكام ينوب عنهم واحد فقط بالنطق به. قديما كانت تقام الدورة الأوليمبية تحت إشراف الإمبراطورية اليونانية، أما الآن فتقام الألعاب الأوليمبية تحت مظلة اللجنة الأوليمبية الدولية، التى أسست عام 1894 وأنشأها "بيير دي كوبيرتان" وتضم اللجنة أعضاء بحد أقصى 115 عضوا. اللجنة المنظمة تقوم على تنسيق وتنظيم وتطوير الألعاب والمسابقات الرياضية، والتأكد من النهوض بها، وتحقيق مبدأ الرياضة في خدمة الإنسانية، وتحقيق السلام لأعضاء الحركة الأوليمبية والقضاء على ما قد يتعرضون له من أشكال التفرقة، ما يؤثر على الحركة الأولمبية، تنظيم الاحتفالات والألعاب الأولمبية بصفة دورية تؤمن اللجنة الأولمبية الدولية بأحقية المرأة في المشاركة الفعالة في الرياضة الدولية. أما عن رئيس اللجنة الأولمبية فتكريما لليونان كان أول رئيس يعتبر كرئيس شرفي للجنة لمدة عامين، هو اليوناني ديمتري فيجلاس، وقام برئاستها من 1894 حتى عام 1896 ورئيسها الفعلى الأول هو الأب الروحي للأولمبياد الحديثة "البارون" دي كوبيرتان، ورأسها من عام 1896 حتى عام 1925، والرئيس الحالي هو البلجيكي كومت د.جاك روجيه ويرأسها منذ عام 2001 رؤساء اللجنة الأولمبية الدولية 1- ديمتري فيجلاس (اليونان) 1894-1896 2- بارون بيير دي كوبيرتان (فرنسا) 1896-1925 3- كومت هنري دي بيليه لاتور (بلجيكيا) 1925-1942 4- جي سيجفريد إيدستروم (السويد) 1946-1952 5- إيفري برندج (الولاياتالمتحدة) 1925-1972 6- لورد كيلانين (أيرلندا) 1972-1980 7- خوان أنتونيو سامارانج (إسبانيا) 1980-2001 8- كومت د. جاك روجه (بلجيكيا) 2001- حتى الآن بدأت الدورات الأولمبية القديمة بعدة رياضات منها الجري والملاكمة والمصارعة ورمي القرص، وكان أقصى عدد ذكر فى تاريخها القديم هو عشر رياضات، أما الدورات الحالية فتحتوي على 28 رياضة سيخرج منها البيسبول والسوفت بول (الكرة الناعمة) وينضم غيرها، حسب رؤية اللجنة الأولمبية، ويكافح الجولف على الانضمام، حيث كانت آخر مشاركة له في عام 1904، وتسمى ألعاب القوى بعروس الألعاب الأولمبية، نظرا لأنها هي أساس الألعاب الأولمبية، التى تجذب أكثر المشاهدين على مدار البطولة ككل. الرياضات التى تمارس داخل الألعاب الأولمبية حاليا - الألعاب المائية - الرماية - ألعاب القوى - كرة الريشة (تنس الريشة) - البيسبول - كرة السلة - الملاكمة - الزوارق - ركوب الدراجات - الفروسية - المبارزة - كرة القدم - الجمباز - كرة اليد - الهوكي - الجودو - المباراه الخماسية الحديثة (الخماسي الحديث) "السباحة والرماية والسلاح والجري والفروسية" - التجديف - الإبحار (الشراع) - إطلاق النار - السوفتبول (الكرة الناعمة) - كرة الطاولة - التايكوندو - التنس - ترياثلون - الكرة الطائرة - رفع الأثقال - المصارعة. إن الهدف من الألعاب الأولمبية من بداية نشأتها وحتى الآن هو نشر السلام، وجمع الشعوب على صفحة بيضاء واحدة، وحتى الآن هي قادرة على ذلك لدرجة أن الكوريتين حتى الآن يشارك لاعبوهما تحت مظلة علم واحد دون تفرقة .. الألعاب الأولمبية بدأت كبيرة وحتى الآن هي "عروس كل البطولات".