أثار قرار وزارة الخارجية المصرية طرد السفير التركى وخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع تركيا وسحب السفير المصرى من أنقرة، حالة ارتباك نسبى فى أوساط المال والاقتصاد، فى ظل مساعى تركيا لمطالبة مصر برد وديعة دولارية بقيمة مليار دولار كانت قد أودعتها بالبنك المركزى المصرى مطلع العام الماضى. وكشف مصدر مسئول بوزارة المالية عن أن اتصالا جرى، صباح أمس، مع البنك المركزى لبحث تداعيات تقليص السلطات المصرية تعاونها الدبلوماسى مع تركيا وتأثير ذلك على الوديعة التركية، وأكد أن مصر مستعدة لرد الوديعة التركية فى أى وقت إذا طلب الجانب التركى ذلك. وأوضح المصدر أن رد الوديعة التركية لن يؤثر على الوضع المالى المصرى واحتياطيات البنك المركزى، التى وصفها بالمستقرة، مشيرا إلى توقعات بوصول ودائع ومنح لدعم الاحتياطى النقدى فى البنك المركزى قريبا، مضيفا أن الوديعة التركية بقيمة مليار دولار بأجل 5 سنوات، وتُستحق فى أكتوبر 2017 بفترة سماح 3 سنوات وسعر فائدة أقل من 1% سنويا. وقال أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية: إن القرار الأخير لن يؤثر على العلاقات التجارية والاستثمارية بين الجانبين، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجارى بعد 30 يونيو ثابت عند المعدلات نفسها التى شهدها عام 2010. وقال عادل لمعى، رئيس مجلس الأعمال المصرى - التركى: إن تأثير القرارات السياسية، خصوصا المتعلقة بتخفيض التمثيل الدبلوماسى، يكون تأثيرا محدودا على حركة التجارة والاستثمار بشكل عام، لافتا إلى أن الحديث عن مصير الوديعة التركية من حق البنك المركزى المصرى وحده ولا رأى للقطاع الخاص فيه. يُشار إلى أن العلاقات بين مصر وتركيا تشهد فتورا بعد ثورة 30 يونيو، لدرجة أن وصف رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان عزل الرئيس محمد مرسى ب«الانقلاب العسكرى»، وهو ما أثار حفيظة المصريين واعتبروه تدخلا فى شئون البلاد. وبلغ عدد الشركات التركية التى لها استثمارات فى مصر 360 شركة، وفقا لبيانات الهيئة العامة للاستثمار، منها 177 شركة صناعية، والباقى شركات خدمية وإنشائية وسياحية، وبلغ رأس المال المصدر، وفقا للهيئة، 374 مليون دولار، منها 328 مليون دولار فى القطاع الصناعى، ويستحوذ قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة على النصيب الأكبر للشركات الصناعية التركية؛ إذ يبلغ عدد الشركات المستثمرة فى هذا القطاع 77 شركة، وهو ما فسره مراقبون بأن تركيا كانت تسعى -عبر هذا العدد الكبير من الشركات- لتكون حليفا استراتيجيا لمصر. وتشمل الصادرات المصرية إلى تركيا منتجات ومواد «البيتومين وأسود الكربون والحديد والصلب المسحوبة على الساخن وسماد الفوسفات والأسلاك النحاسية ونترات الأمونيوم والغزول القطنية والرمال والبولى إيثيلين والمنسوجات والملابس الجاهزة والملح والكيماويات»، فيما تشمل أهم الواردات المصرية من تركيا منتجات الحديد والصلب، خصوصا حديد التسليح، والآلات والمعدات والمنسوجات والسيارات وأجزاءها والحبوب والحلويات والسلع الكهربائية والأخشاب والأسمنت والسجاد والفواكه المجففة والطازجة، خصوصا التفاح. وبلغ حجم التبادل التجارى 2٫4 مليار دولار خلال عام 2012 بزيادة 30% على عام 2011، فيما بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين خلال النصف الأول من العام الجارى 2٫6 مليار دولار. ووفقا لبيانات الجمعية الصناعية التركية لرجال الأعمال، كانت تركيا مرشحة لتحتل مركزا متقدما بين الدول المستثمرة فى مصر، بعد تولى الدكتور محمد مرسى رئاسة مصر، وتوقعت الجمعية أن يصل حجم الاستثمارات التركية فى مصر بنهاية عام 2017 إلى 10 مليارات دولار مع ارتفاع حجم التبادل التجارى إلى 5 مليارات دولار خلال الفترة نفسها. كما توقعت الجمعية أن تشهد خارطة الحلفاء الاقتصاديين لمصر تغييرا، ليس جوهريا، بحيث لن تتخارج أى دولة باستثماراتها من مصر، مع الإشارة إلى أن تغير التوجهات السياسية أو المالية المصرية مرهون بملف الاستقرار الأمنى. كانت وزارة الخارجية المصرية قد أعلنت، أمس، تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع تركيا من مستوى السفير إلى مستوى القائم بالأعمال، ومن ثم سحب السفير المصرى من أنقرة نهائيا ومطالبة السفير التركى بالقاهرة بمغادرة البلاد باعتباره شخصا غير مرغوب فيه، مبررة ذلك بأن التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء التركى، رجب طيب أردوغان، التى أدلى بها مساء الخميس الماضى قبيل مغادرته إلى موسكو حول الوضع السياسى المصرى وانتقاده السلطات المصرية، تعد تدخلا فى الشأن الداخلى المصرى.