لايمكن أن نصف اللقاء بين مصر وتركيا سوى بلقاء العملاقين في محيط الشرق الأوسط والعالم العربي، فكلا البلدان تتسمان بأصالة التاريخ والحضارة التي أثرت في العالم كله، فيما أصيبت العلاقة بينهما خلال السنوات الأخيرة بحالة من الجفاء والجمود، خاصة من الناحية السياسية في ظل حالة من التقرب البسيط علي المستوي الاقتصادي .. وفي أعقاب ثورة 25 يناير التي أطاحت بالنظام الحاكم في مصر خلال الفترة الماضية بدأ الخطاب السياسي والاقتصادي بين البلدين يتغير إلي الأفضل. تشهد مصر غداً الاثنين أول زيارة تاريخية منذ 15 عاما لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بصحبة أكثر من 100 رجل أعمال تركي بمختلف المجالات الاقتصادية. أجمع أغلب خبراء السياسة والاقتصاد أن تلك الزيارة تعد فرصة سانحة لتوطيد العلاقة بين البلدين وخلق تكتل اقتصادي قوي يواجه التحالفات والتكتلات العالمية في ظل توتر العلاقات بين مصر وإسرائيل وأيضا بين تركيا وإسرائيل، مما يزيد من ضرورة وأهمية الزيارة . صرح السفير المصري في أنقرة عبدالرحمن صلاح أن أردوغان سيلتقي خلال زيارته للقاهرة بعدد كبير من المسئولين ورؤساء الأحزاب السياسية والمرشحين لرئاسة الجمهورية. كما سيزور بعض مشروعات الاستثمار التركية في مصر. قال في لقاء مع الوفد الصحفي المصري الذي يزور تركيا حاليا إن أردوغان سيجتمع مع رئيس الوزراء د. عصام شرف. يعقب ذلك اجتماع موسع للجانبين المصري والتركي. ثم التوقع علي إعلان مشترك للتعاون الإستراتيجي بين مصر وتركيا. الذي يتضمن تأسيس مجلس أعلي استراتيجي بين الدولتين برئاسة رئيسي الوزراء. أوضح السفير عبدالرحمن صلاح أنه تم الإنتهاء من وضع الصيغة النهائية لإعلان التعاون المشترك وتأسيس المجلس الإستراتيجي.. مشيراً إلي أن ما تم توقيعه من قبل بين الدولتين في عهد النظام السابق. كان إتفاقاً للحوار الإستراتيجي علي مستوي وزيري الخارجية. أضاف أن هناك 22 اتفاقية للتعاون بين مصر وتركيا في مختلف المجالات مازالت تحت البحث.. لكن ما سيتم توقيعه من هذه الاتفاقيات خلال زيارة أردوغان لمصر هذا الأسبوع هو 5 اتفاقيات فقط تشمل التعاون في مجالات التعليم والثقافة والإعلام والرياضة.. مشيراً إلي أن مصر ستكون ضيف الشرف هذا العام في معرض الكتاب التركي الذي سينظم في نوفمبر القادم. إلغاء تأشيرات الدخول قال السفير أن العلاقات التجارية بين البلدين في تطور مستمر. حيث بلغ حجم التجارة المتبادلة بينهما حوالي 3 مليارات دولار سنوياً. كما أن حجم الاستثمارات التركية في مصر وصل إلي أكثر من 1.5 مليار دولار. قال إن من بين الموضوعات التي سيتم بحثها في القاهرة مع الجانب التركي خلال زيارة أردوغان. هو مشاركة قطاع المقاولات التركي في مشروع لبناء مليون شقة سكنية في مصر.. مشيراً إلي أن قطاع المقاولات التركي هو أكبر ثاني قطاع مقاولات علي مستوي العالم بعد الصين. كما يبحث د.عصام شرف مع رجب طيب أردوغان بعد غد سبل دعم العلاقات الثنائية بمختلف المجالات وتوسيع التعاون الإقتصادي والتجاري والاستثماري والتطورات الجارية في منطقة الشرق الأوسط وعددا من القضايا الإستراتيجية محل الاهتمام. يشهد شرف وأردوغان التوقيع علي مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبروتوكولات المتعلقة بتعزيز العلاقات ويستعرضان آليات تشجيع القطاع الخاص علي إقامة مشروعات مشتركة في مصر ودفع الإستثمارات التركية في مصر في مجال صناعة الملابس الجاهزة والسياحة. وإعطاء دفعة للمنطقة الصناعية التركية بالإسماعيلية. ولمشروع تركي في مجال صناعة النسيج بدمياط باستثمارات 250 مليون دولار ليتم افتتاحه قريبا. في السياق نفسه، يعقد مجلس الأعمال المصري التركي اجتماعا خلال الزيارة. لبحث سبل تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية وتعريف المستثمرين ورجال الأعمال بالفرص المتاحة في البلدين. أكد المهندس أحمد جلال، رئيس منتدي الأعمال والإستثمار الدولي "IBI " وممثل جمعية الموصياد التركية بالقاهرة علي أهمية توقيت زيارة "أردوغان" للقاهرة للتأكيد علي عمق العلاقات المصرية التركية و لتحقيق مزيدا من التعاون التجاري والإقتصادي بين البلدين خاصة مع توتر العلاقات التركية الاسرائيلية وحاجة مصر الشديدة لتحقيق تعاون اقتصادي فاعل يساعد الاقتصاد المصري في الخروج من النفق المظلم الذي يمر به حاليا . أشار إلي تميز الاقتصاد المصري بعناصر جاذبة للاستثمارات مثل الموقع الجغرافي المتميز بالإضافة إلي أنها تتسم بمزايا تنافسية تتمثل فى وفرة العمالة وانخفاض مستوى الأجور كما ان لديها العديد من عوامل الاخرى مثل توقيع مصر على بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل ، الذي أتاح للشركات الاجنبية إقامة مشروعات استثمارية لتصدير منتجاتها الى اسواق الولاياتالمتحدة معفاة من الجمارك خاصة من الملابس الجاهزة والمنسوجات بعد الغاء العمل بنظام الحصص. بالإضافة إلي توقيع اتفاق التجارة الحرة بين البلدين الفرصة للمشروعات الصناعية الاستثمارية فى اقامة صناعات لانتاج سلع تعتمد على وفرة العمالة المصرية وانخفاض الاجور وانخفاض أسعار عوامل الإنتاج و تصدير منتجاتها بأسعار تنافسية لأسواق اليورومتوسط ودول الاتحاد الاوروبى والى تركيا و الاستفادة من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبى فى تصدير السلع التى تتمتع بقواعد المنشا اليورمتوسطيه إلى دول الاتحاد الاوروبى . من ناحيته أكد ذكي إكنسي، رئيس جمعية رجال الأعمال الأتراك المصريين على مساندة ودعم تركيا للثورة المصرية ، مشيدا في الوقت ذاته بالثورة المصرية وما أحدثته من تغيير ، معتبرا إياها بالنموذج الواجب الاحتذاء بها في العالم بأكمله أن الشعب المصري ، مشيرا إلي ضرورة أن تحدث الثورة تقدما اقتصاديا وعلميا علي النحو السريع والعاجل . شدد علي عمق العلاقات الاقتصادية البينية بين مصر وتركيا وتميزها، حيث يبلغ حجم الاستثمارات التركية في السوق المصري نحو 1.5 مليار دولار تشتمل 360علي شركة ومصنع تركي تضم 50 ألف عامل مصري في العديد من المجالات، كما تبلغ حجم صادرات مصر لتركيا زادت بنسبة 50% خلال الربع الأول من العام الحالي 2011 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، بينما انخفضت حجم الواردات التركية بمصر خلال نفس الفترة بنسبة 20% ، مشددا علي متانة وعمق العلاقات المصرية التركية . فيما قدرت حجم الصادرات المصرية لتركيا نحو 480 مليون دولار خلال الشهورالاربعة الأولى من عام 2011 بزيادة تصل نحو 50% عن نفس الفترة من العام الماضي، موضحا أن أهم صادرات مصر لتركيا تشمل منتجات البترول، والقطن، والأسمدة الكيماوية، والنحاس القديم. تحكم العلاقة بين البلدين العديد من الاتفاقيات التجارية مثل اتفاقية التجارة الحرة (والتي دخلت حيز التنفيذ مارس 2007)، واتفاق تشجيع و حماية الاستثمار (أكتوبر 1996) و اتفاق التعاون الاقتصادي و الفني ( يوليو 1994 ) و اتفاق منع الازدواج الضريبي. ووفقا لإحصاءات الهيئة العامة للاستثمار جاءت تركيا رقم 30 للدول الأجنبية المستثمرة فى مصر تتضمن أهم بنود الصادرات المصرية مواد البيتومين – أسود الكربون – منتجات حديد وصلب مسحوبة على الساخن وسماد فوسفات. بالاضافة الى الأسلاك النحاسية – نترات أمونيوم – غزول قطنية – رمال – بولى إيثلين و المنسوجات. فيما تتضمن أهم بنود الواردات المصرية منتجات الحديد والصلب – كيماويات – آلات ومعدات – منسوجات والسيارات وأجزائها، الى جانب الحبوب – حلويات – سلع كهربائية – أخشاب – أسمنت – سجاد والفواكه المجففه. وفيما يتعلق بالاستثمارات التركية فى مصريبلغ عدد الشركات التركية التي تملك استثمارات أجنبية فى مصر 360 شركة- وفقا لبيان الهيئة العامة للاستثمار- حتى يناير 2011 ، منها 177 شركة صناعية والباقي بين شركات خدمية وإنشائية وسياحية،وبلغ حجم رأس المال المصدر وفقا لبيان الهيئة العامة للاستثمار 374 مليون دولار منها 328 مليون دولار فى القطاع الصناعي. ويحظى قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة بالنصيب الأكبر للشركات الصناعية التركية حيث يبلغ عدد الشركات المستثمرة فى قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة 77 شركة. ويأتى قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة فى المقدمة اذ يبلغ عدد الشركات التركية فى قطاع المنسوجات و الملابس الجاهزة 77 شركة وتمثل حوالي 45% من اجمالى الاستثمارات. وهناك حوالى 3 مكاتب تركية فى مصر Sourcing Offices يبلغ اجمالى مشترياتها من المصانع المصرية والتصدير من خلال الكويز حوالى 50 مليون دولار سنويا. الى جانب صناعات أخرى متنوعة فهناك بعض الشركات المستثمرة فى بعض القطاعات الصناعية الأخرى منها الصناعات المغذية للسيارات والصناعات الكيماوية والتعدين يبلغ اجمالى عدد هذه الشركات 100 شركة متنوعة تمثل 35% من اجمالى الاستثمارات التركية فى مصر. وتاتى الشركات الإنشائية فى قائمة الشركات النشطة فى مصربعد قيام شركة TAV التركية ببناء مبنى الركاب الثالث بمطار القاهرة الدولي الذي بلغ تكلفته 350 مليون دولار وهناك 17 شركة تركية تعمل فى هذا المجال فى مصر أهمها شركة بولاريس التي أقامت المنطقة الصناعية التركية فى السادس من أكتوبر. كما أقيمت المنطقة الصناعية التركية على مساحة 2مليون كيلو متر مربع بمدينة السادس من أكتوبر برأس مال 10 مليون جنيه مصري. أقيم عليها ما يقرب من 120 مصنع ويبلغ دوران رأس المال السنوي لهذه المنطقة من 3.5 إلى 4 مليار دولار.ومن المتوقع أن يبلغ اجمالى استثمارات المنطقة 80 مليون دولار. وهناك حوالى10 شركات تعمل فى مجال استصلاح الاراضى وإنتاج العلف الحيواني والداجنى وتمثل 24% من اجمالى الاستثمارات التركية فى مصر أهمها شركة ساجون لتصنيع وتعبئة الأسماك. اما قطاع السياحة والخدمات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات هناك 24 شركه تعمل فى مجال السياحةو96 شركة تعمل فى مجال الخدمات والنقل و36 شركة تعمل فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. اما الاستثمارات المصرية فى تركيا لا يزيد حجمها عن 5 ملايين دولار وتتركز فى قطاع الخدمات "مكاتب تمثيل- شركات سياحة- شركات تجارية". اضغط هنا للاطلاع على تفاصيل اكثر داخل العدد الاسبوعى