تكتسب الزيارة التى يقوم بها الرئيس التركى عبدالله جول غدا الخميس إلى القاهرة أهمية قصوى خاصة وأنها تعد الأولى لرئيس دولة بعد تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك فى الحادى عشر من فبراير الماضى ، وأيضا بعد ثورة 25 يناير التى رسمت الوجه الجديد والمستقبلى بالنسبة لمصر. فزيارة جول إلى القاهرة ذات اليوم الواحد - تضاف إلى رصيد من الروابط العميقة بين البلدين فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية أيضا. وتتسم هذه الزيارة بطابع خاص ..إذ تتواكب مع التغيرات التى تشهدها الساحة المصرية بعد ثورة 25 يناير وتحمل فى طياتها رسالة تضامن يرغب الرئيس التركى فى إظهارها مع مصر وشعبها فى هذه المرحلة المهمة التى تعيشها مصر وتبادل لوجهات النظر يسعى إليه الجانب التركى مع المسئولين فى مصر فى المرحلة الانتقالية. وليس بالغريب وفقا لخبراء الشئون التركية فى مصر - أن يكون الرئيس جول هو أول رئيس جمهورية يزور مصر فى عصرها الجديد خاصة وأن تركيا كانت من بين أول البلدان على المستوى الدولى التى أعربت عن موقفها على لسان رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان الذى دعا فى بداية أيام الثورة الرئيس السابق مبارك إلى "الاستماع إلى مطالب شعبه" .. كما كانت تركيا أيضا أولى الدول التى أعربت عن تهنئتها للشعب المصرى بعد نجاح ثورته أيضا بتصريحات أدلى بها أردوغان أيضا. وفيما تتعدد الزيارات الرسمية من قبل كبار المسئولين من كافة ربوع العالم إلى مصر فى هذه الأيام .. فإن زيارة الرئيس التركى إلى القاهرة غدا تبقى ذات طابع خاص يتوج ميراثا كبيرا من التاريخ والثقافة المشتركة والتواصل بين شعبى البلدين الذى يمتد لعقود طويلة وفى مختلف المراحل ويؤكد خبراء الشئون التركية أن زيارة جول فى هذا التوقيت تعكس حرص تركيا على الحفاظ على علاقاتها مع مصر..علاقات تربط بجذورها فى أعماق التاريخ ويغذيها حرص الجانبين على توطيدها بصفة مستمرة..إذ شهدت السنوات القليلة الماضية تناغما فى التعاون السياسى بين الدولتين..وكانت القاهرة أول محطة عربية يزورها الرئيس التركى عبدالله جول بعد تولى منصبه حيث زارها فى بداية 2008. وتشهد العلاقات المصرية التركية طفرة كبيرة مستندة إلى إطار قانونى ومؤسسى فى ضوء توقيع الدولتين على العديد من الاتفاقيات الثنائية من بينها اتفاقيات لدعم العلاقات التجارية خلال السنوات الخمس الأخيرة مما أسهم فى مضاعفة حجم التبادل التجارى والاستثمارات..فنظرا لوجود تقارب بين مصر وتركيا فى العديد من الظروف والسمات فقد أدى ذلك إلى وجود تفكير مشترك لتنمية العلاقات الاقتصادية بينهما نتج عنه تنامى ملحوظ فى كفتى الصادرات والواردات للطرفين بين أعوام 1983 و1992 حيث تزايدت صادرات تركيا إلى مصر فى عام 1996 فبلغت 314 مليون دولار ، كما تزايدت الصادرات المصرية لتركيا بنحو 300$ وهو ما يوضح انتعاش الحركة التجارية بين البلدين. وتضم قائمة السلع المصرية المصدرة لتركيا أهمية بالغة لتركيا منها البترول الخام والأرز والقطن والفحم والألومنيوم ورمال صناعة الزجاج والكوارتز ويقابل ذلك سلع تجارية تركية منها الملابس والصابون والأغذية والأسمنت. وتشير التقارير إلى أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا تشهد نموا كبيرا ، ففى عام 2006 تم تخصيص مليونى متر مربع كمنطقة صناعية تركية فى مصر للإسهام فى ازدياد حجم الاستثمارات بين البلدين. كما تم فى نفس العام موافقة مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة ببورسعيد على إقامة مشروع مصرى تركى مشترك كشركة مساهمة مصرية (50$ من رأس المال مصرى و50$ تركى) والمشروع لصناعة النسيج والصباغة والطباعة والتجهيز ويسمح بتشغيل 300 عامل مصرى و15 عاملا ويبقى التبادل التجارى بين مصر وتركيا شاهدا على عمق العلاقات التى تربط بين الدولتين بعد أن بلغ مليارين و396 مليون دولار خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2009 بينما بلغت قيمة الصادرات المصرية لتركيا 403 ملايين دولار خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2008 فيما بلغت قيمة الواردات المصرية من تركيا مليارا و993 مليون دولار. وتشير الأوساط الاقتصادية إلى أن حجم التبادل التجارى بين البلدين قد بلغ فى 2008 - رغم احتدام الأزمة المالية العالمية - نحو 2.1 مليار دولار .. كما تجاوزت الاستثمارات التركية المباشرة فى مصر حاجز ال800 مليون دولار. ويعمل الجانبان على الانتهاء من إنشاء المنطقة الصناعية التركية فى مدينة السادس من أكتوبر والتى وضع حجر أساسها الرئيس عبدالله جول خلال زيارته لمصر فى مطلع 2008 والتى ستقام على مساحة 2 مليون متر مربع لتضم ما يرقب من 400 مصنع..ومن المتوقع أن توفر عند اكتمالها 22 ألف فرصة عمل ، ويقدر حجم التصدير المتوقع منها ب2 مليار دولار سنويا. وأشارت مصادر سياسية ودبلوماسية إلى حرص الجانبين المصرى والتركى على تحقيق المزيد من النمو فى هذا التعاون فى الفترة القادمة على ضوء الإمكانيات الهائلة للتعاون بينهما خاصة فى مجالات التصنيع وكذلك رغبة الجانبين فى زيادة حجم التبادل التجارى الثنائى ليصل إلى خمسة مليارات دولار أمريكى. توازن فى المصالح..تناغم فى الأهداف..علاقات تعاون متميزة فى مختلف المجالات.. تنسيق فى الأدوار على الصعيدين الإقليمى والدولى لصالح الاستقرار والسلام فى الشرق الأوسط.. تلك هى العناصر المشتركة التى كانت تربط بين القاهرة وأنقرة على مر التاريخ..عناصر أضيف عليها التضامن من الجانب التركى مع الشقيقة مصر فى مرحلة ربما تكون هى الأهم فى تاريخ مصر الحديث