سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالصور| "الوطن" تكشف تفاصيل قضية أرض جامعة كفر الشيخ المتنازع عليها مع المحافظ الجامعة تدفع إيجار سنوي ل"الزراعة" 750 ألف جنيه رغم قرار تخصيص الأرض لها في 2007
أصبح البحث العلمي في مصر كالجسد الموبوء، يخاف الجميع الاقتراب منه خشية العدوى، فشلت محاولات العلاج، وأصبح من يحاول الإنقاذ ضحية لإهمال وفساد وتشويه من أعداء العلم والتقدم.. آلاف المشاريع العلمية والبحثية سعت لحال أفضل لبلادها كان مصيرها أدراج المسؤولين، كم من قضايا للتنمية معلقة على قرار أو حكم قضائي لم يتم تنفيذه، التعليم يعاني.. والمدارس والجامعات غير قادرة على إنتاج موارد بشرية متطورة، لزيادة الأعداد وضعف الإمكانيات والتدريب من أجل التأهيل لسوق العمل، رغم أن المؤسسات التعليمية من المفترض أن تستمر في تقديم الخدمات بدعم الدولة والحكومة وتعاونها، وسارت اليوم الأجهزة التنفيذية هي من تصدر لها الأزمات من كل جهة. مع استمرار قضية "جامعة النيل" لسنوات دون حل، ظهرت على السطح بوادر أزمة جديدة، لكنها مختلفة في أبعادها عن قضية صراع جامعة النيل مع الدولة، إلا أنها حلقة في سلسلة تغليل البحث العلمي والتعليم بالقيود، فجامعة كفر الشيخ، تعيش بوادر أزمة بين إدارتها والمحافظ، عندما حل وزير الزراعة دكتور أيمن فريد أبو حديد ضيفا على الجامعة في زيارة لأرضها، ليجد مجلس إدارتها الفرصة للمطالبة باستصدار القرار التنفيذي بتخصيص أرض المزرعة التي تستخدم في العملية التعليمية والبحثية لطلاب الجامعة، ومساحتها 107 أفدنة، والصادر من مجلس الوزراء قرار بتخصيصها لجامعة كفر الشيخ منذ عام 2007 لكنه لم ينفذ، لا يجد مجلس الجامعة الصدمة في تصريحات محافظ كفر الشيخ، الذي رافق الوزير في زيارته، وكان رده "لا تقتربوا من هذه الأرض لأنها مخصصة لمشروع الإسكان القومي"، وهو ما يتنافى مع قيم المسؤولية، حسب وصف رئيس الجامعة الدكتور ماجد القمري، والذي سرد في حديثه ل"الوطن" تفاصيل القضية. يقول القمري إن "أرض الجامعة تستخدم في العملية التعليمية والبحثية، لطلاب الجامعة من كليات (الطب البيطري، الزراعة، والصيدلة، والعلوم، وعلوم الثروة السمكية، والهندسة)، إلا أنها بدأت تدخل في الحيز العمراني لمحافظة كفر الشيخ، فأصبح فيها الطمع، خصوصا مع إنشاء كليات الطب البشري والصيدلة وكلية الثروة السمكية والمصايد وكلية التمريض وكلية العلاج الطبيعي، وهي كليات جميعها مكانها جوار الأرض، وبالتالي فهناك محاولة لاستغلال موقع الجامعة تجاريا". ويضيف رئيس جامعة كفر الشيخ "فوجئنا بتصريحات المحافظ، والتي كانت في حضور مجلس الجامعة وعدد كبير من الصحفيين والإعلاميين، وهو ما أثار غضب الأساتذة والطلاب والعاملين بالجامعة، فالمفترض أن تدعم المحافظة الجامعة، لا أن تستحوذ على حق من حقوقها أو مكتسب من مكتساباتها، وكان ردنا بعمل اجتماع طارئ لمجلس الجامعة والاستغاثة، وكادت تحدث أزمة بين الجامعة والمحافظة، حتى تدخل وزير التعليم العالي وأعلن بأن المحافظ لا يقصد هذه الأرض، وهذا خفف من وطأة الأمور، لكننا نتمنى أن يعلن المحافظ بنفسه أنه لن يبني مشروع إسكان على هذه الأرض، كما أعلن أنها مخصصة للمشروع القومي للإسكان في وجود شهود من مجلس الجامعة وزير الزراعة والصحفيين، لأنه هو من أعلن وليس وزير التعليم العالي، فالوزير ليس خصم، ويجب أن من ينفي تصريحاته هو المحافظ". يكشف دكتور ماجد القمري، ل"الوطن"، عن مفاجأة تظهر المعاناة التي تعيشها الجامعة مع الدولة، فرغم أن الأرض مخصصة منذ عام 2007 من مجلس الوزراء للجامعة، إلا أن القرار لم يفعل إلى الآن، وهو ما اضطر إدارة الجامعة لإبرام عقد إيجار للأرض بنظام حق الانتفاع مع وزارة الزراعة، باستخدام الأرض مقابل مبلغ 7000 جنية إيجار سنوي للفدان الواحد، بإجمالي 750 ألف جنيه سنويا، متابعا حديثه "نحن جامعة حكومية وقدرتها المالية محدودة، ولا توجد موارد ذاتية لدفع مثل هذا المبلغ كل سنة، فلدينا متطلبات كثيرة للعملية التعليمية والبحثية، خصوصا بعد زيادة عدد كليات الجامعة ل 15 كلية، فالأعباء أصبحت أكثر، بخاصة مع المدن الجامعية، فلا يوجد دعم كاف للتغذية بالمدن الجامعية، ولا توجد أماكن كافية، ونتعرض لضغوط كبيرة من أولياء الأمور والطلاب الراغبين في الالتحاق بالمدن الجامعية، وعندما أردنا عمل مبنى إسكاني للطلاب، طلبنا من المحافظة أن تخصص لنا أرض لبناء إسكان طلابي للطلاب المغتربين، الذيثن تتزايد أعدادهم مع التوسعات الجديدة بالجامعة فلم تلبي الطلب، وطلبنا من وزارة الزراعة ولم يستجاب لطلبنا أيضا، كما أن الجامعة تقدم خدمة تعليمية مميزة بالمجان، وتحتاج لمصروفات للخدمات والمرافق داعمة للعملية التعليمية كثيرة، من اللازم أن تساعد المحافظة والدولة فيها". مخاطر أخرى تحدث عنها "القمري" تتعرض لها جامعة كفر الشيخ "في خطورة من إقامة مساكن حول الجامعة، حتى لا نتعرض لما يحدث بالجامعات الأخرى من إرهاب، مثل جامعة المنصورة، والإرهاب المتزيد بداخلها، نتيجة وجود مناطق وأحياء سكنية متعددة حول الجامعة يدخل إليها أشخاص مجهولين للهجوم على الجامعة، كما أننا يجب النظر للمستقبل فالأجيال القادمة من حقها أن تجد توسعات مستقبلية لاستيعاب الأعداد الجديدة من الطلاب والخدمات المخصصة لهم، حتى لا تعاني الجامعة مما تعاني منه جامعة الإسكندرية الآن، فكل كلية في مكان منفصل، ما يجعل إقامة توسعات جديدة بالجامعة أمر صعب للغاية، ولذلك فدعم المحافظ واجب، لأن الجامعة تابعة لمحافظة كفر الشيخ والمفترض أن تكون راعية لها". "الوطن" زارت أرض الجامعة محل النزاع، ورصدت بداخلها مشروعات طلابية وبحثية، فالآلات الزراعية كالمحاريث وغيرها يستخدمها طلاب كلية الزراعة في التدريب العملي، وهم من أقاموا على الأرض مشروع الصوب الزراعية، إضافة إلى المناحل وغيرها من خدمات زراعية، وخدمات أخرى للثروة الحيوانية، معدات أخرى يستخدمها طلاب كلية العلوم، كمولدات الطاقة الشمسية خصصتها الإدارة لهم، وتركتها على الأرض في حراسة عمال الجامعة، إضافة إلى العديد من المشروعات الأخرى، تحدث عنها دكتور محمد السعيد أبو والي، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، "أرض الجامعة هي حق لطلابها وهذا أمر لا نقاش فيه، ونحن مصرون عليه، فنحن نحتاج لموارد مادية لابد من توفيرها، بل أيضا لابد من زيادة رقعة الأرض للأغراض العلمية والبحثية، ولا توجد جامعة دون مزرعة بحثية، ونحن بمساعدة طلاب الجامعة أقمنا مشروعات بحثية على تلك الأرض، فهناك مشروع خاص بالصوب وآخر لاستغلال الطاقة الشمسية، إضافة إلى تدوير المخلفات، كما أن هناك على هذه الأرض مزارع بخاصة بالعقاقير مخصصة لطلاب الصيدلة والعلوم، ومزارع خاصة بالإنتاج الحيواني لطلاب الطب البيطري، وغيرها من المشروعات سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل". يؤكد أبو والي، وهو شاهد على واقعة المحافظ، كممثل الجامعة أثناء لقاء وزير الزراعة، "تقدمنا بمذكرتين أوائل العام الحالي للمحافظة ووزارة الزراعة، الأولى لاستصدار قرار تنفيذي بتخصيص ال 107 أفدنة محل الأزمة لاستكمال العملية والبحثية، والمذكرة الأخرى لتخصيص أرض أخرى مقابلة للجامعة لإنشاء إسكان طلابي متميز للمغتربين، لأن المحافظة مترامية الأطراف وكان فيها أسطول نقل داخلي ولكنه تدهور، ما يجعل من إنشاء سكن طلابي قريب من الجامعة ضرورة، ولكن لم يستجب لمطالبنا". ويتابع حديثه قائلا "استغلال أرض الجامعة في مشروع إسكاني أمر ليس واردا إطلاقا، فالأرض مخصصة للعملية البحثية، ونحن في حاجة للمزيد من الأراضي، ورغم أن مساحة الأرض في محيط الجامعة تمتد ل 250 فدانا، وكان من المخطط أن تحصل المحافظة على 150 فدانا لخطة الإسكان ويتركوا للجامعة 100 فدان، لكن المحافظ قال إنها خاضعة للخطة القومية للإسكان، وكان هناك رد سريع منا عندما أبلغنا رئيس الجامعة أثناء اجتماع المجلس الأعلى للجامعات مع مجلس الوزراء وقت الزيارة، وقدمنا استغاثة عاجلة للحكومة، ودعونا لمجلس جامعة طارئ ورفضنا الاقتراب من أرض الجامعة، ونتعشم من المحافظ أن يؤكد أن هذه الأرض مخصصة للجامعة، فالجامعة تعتبر محافظة داخل المحافظة، ويجب أن تكون المحافظة داعمة لها، الجامعة دائما تضيف لمحافظة كفر الشيخ، فعلى سبيل المثال المستشفى الجامعي ستضيف 360 سرير لخدمة الحالة الصحية المتردية في المحافظة". وحول أزمة أرض المدينة الجامعية، يقول دكتور أبو والي، "لدينا أزمة إسكان جامعي فالمدينة الجامعية للبنات معظم مبانيها متهالكة، وأصدرنا قرار إزالة لأحدها، فمبانيها كانت تستخدم للمهجرين من مدن القناة منذ الستينات، كما أنها تقع داخل الحرم الجامعي، وهناك أوضاع غير لائقة تصير لأن المدينة تطل على الكليات، أما مدينة الطلاب فلا تسع سوى 750 طالبا، ونتعشم من المحافظة أن تساعدنا في إقامة سكن طلابي، وهناك جزء موازٍ للجامعة يصلح لذلك، ولكن لا توجد استجابة لمطالبنا". يؤكد رئيس جامعة كفر الشيخ ونائبه، أن الجامعة لا تبخل بخدماتها الاستشارية على المحافظة، "فجميع الأعمال الاستشارات الخاصة بالمحافظة نقدمها مجانا، وعلى المحافظة أن ترصد المشاكل وعلينا حلها، فالجامعة لا تألوا جهدا في توفير الموارد الذاتية لدعم العملية البحثية والعلمية، وكل ما نتمناه التلاحم بين المحافظة والجامعة لخدمة المواطن، بعيدا عن الصراعات والأزمات".