سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أهالى قرية معدية الموت بقنا: «طالبنا المسئولين بكوبرى لحماية أطفالنا والرد: الميزانية لا تسمح» 15 ألف نسمة بينهم أطفال وشيوخ يواجهون الغرق يومياً فى معدية بدائية.. والقرية معزولة عن البرين الشرقى والغربى
اتشحت قرية المسيد بالبر الغربى بقوص بالسواد، وتجمع الآلاف من الأهالى، يكسو وجوههم الخوف والحزن: الحزن على ضحيتى المعدية المنكوبة، والخوف على أبنائهم من أن يصيبهم ما أصاب «دينا» و«غادة».. دموع الأمهات تنهمر وصرخاتهن لا تتوقف، وسط تماسك كبار القرية وسيطرتهم على حزنهم أثناء تشييع جثمانى الضحيتين، مساء أمس الأول بعد صلاة العشاء، إلى مقابر عائلاتهما بالقرية. لم يعلم أهالى قرية المسيد بالبر الغربى بقوص أن أبناءهم على موعد مع الموت، ظهر أمس الأول الخميس.. انتابت قلوب الأمهات رعشة قوية، وكأن هناك من يناجيهن بأن أبناءهن فى خطر، ومع اقتراب عودتهم من منطقة المدارس بالبر الشرقى، ووسط ترقب يصاحبه الخوف أثناء عبورهم معدية «الموت» بترعة الكلابية التى قسمت القرية إلى شطرين منذ عشرات السنين، وقع الحادث المأساوى لتتشح القرية بالسواد حزناً على غرق طفلتين، فى ظل غياب الدولة عن حماية أبنائهم من الغرق المحقق والمتكرر يومياً رغم النداءات والمناشدات منذ سنوات عدة. «الوطن» عاشت لحظات الموت مع الطالب محمد على الذى يبلغ من العمر 15 عاماً، أحد الناجين، الذى رصد لنا المشهد من بداياته، فيقول: «أثناء خروج الطلاب من مدرسة المسيد التى تضم رياض أطفال وابتدائى وإعدادى، تدافع التلاميذ نحو المعدية وامتلأت عن آخرها، وقامت مجموعة من كبار السن بالإمساك بالحبل الذى يربط جانبى المعدية وتم سحبه إلى الخلف لدفعها إلى الأمام تجاه البر الغربى، لدرجة أنها كانت تتأرجح، وسط صراخ أطفال الحضانة، وفى منتصف الترعة اهتزت المعدية وسقط نصفها الأمامى بالمياه حتى شعرت أنها آخر لحظة فى حياتى». وتابع «محمد»: «حمدت الله أننى أجيد السباحة، وعند سقوط المعدية بالكامل هرع الأهالى من الضفتين لإنقاذ الطلاب الغارقين، وقمت بمساعدتهم وحملت طفلة فى حضانة على كتفى حتى وصلت البر الشرقى، حيث بداية انطلاق العبارة، وبعد مرور ساعتين وصلت قوات الإنقاذ النهرى وانتشلت الباقى». أما أحمد تقى، طالب فى الصف الثالث الثانوى التجارى، فقد كان شاهداً على غرق العبارة بعد أن تخلف عن ركوبها بسبب زيادة الأعداد، فاضطر إلى الانتظار على الضفة الغربية حتى تعود وتحمله إلى البر الشرقى. وروى «أحمد» تفاصيل غرق العبارة قائلاً: «فوجئت بالمعدية مليئة بطلاب المدارس وعددهم يقارب 25 ومعهم مجموعة من الرجال، وقرب منتصف الترعة وأنا مراقب لهم جيداً ظلت المعدية تتمايل بسبب زيادة الحمولة حتى سقطت فى منتصفها، على الفور استنجدت بالأهالى لإنقاذ الركاب وقفزت فى المياه حتى وصلت إلى موقع المعدية وغطست فى منتصف الترعة وجلبت طفلة كانت تتنفس أنفاسها الأخيرة وأمسكتها بذراعى، وتسلمها منى رجل كبير من الأهالى، ثم عاودت السباحة مرة أخرى ووجدت طفلا فى ابتدائى يصرخ، فحملته على كتفى حتى وصلت للبر الغربى. وقال بهاء عصام، ابن خالة الضحية «دينا»: «كل عام دراسى جديد نعيش حالة من الترقب خوفاً على أطفالنا من الغرق المحقق حتى يمر العام الدراسى؛ لأن الأطفال لا يجيدون السباحة»، مشيراً إلى أن الأهالى هم من قاموا بإنقاذ الأطفال وأن وحدات الإنقاذ النهرى وصلت بعد 3 ساعات من وقوعه، إلا أنهم لم يتمكنوا من انتشال «غادة» و«دينا» اللتين سقطتا فى قاع الترعة، وانتشلت الأولى بعد 3 ساعات ونصف الساعة والثانية بعد 6 ساعات من البحث فى محيط الحادث. وحمل «بهاء» المسئولين المسئولية عن روحى الطفلتين، بعد تعدد الشكاوى للمسئولين لعمل «كوبرى» لرفع معاناة 15 ألف نسمة ينتقلون من قرية المسيد إلى البر الشرقى لقضاء مصالحهم من تعليم وخدمات وزراعة، دون جدوى. وقال عبدالجبار محمد، مدير مدرسة التجارة: ناشدنا المسئولين بالمحافظة بناء «كوبرى» بتلك المنطقة منذ 25 سنة، لكن تأتى الردود والحجج الواهية من الحكومات المتعاقبة بأن الميزانية لا تسمح، خصوصا أن تكلفة الكوبرى تتراوح بين 7 و8 ملايين جنيه مصرى، وهدد الأهالى باستخدام أساليب غير شرعية منها قطع الطريق حال عدم تلبية مطلبهم.