أكثر من 120 دقيقة يستغرقها فى المسافة التى يقطعها من مقر عمله فى مدينة نصر إلى بيته فى الدقى بسيارته الملاكى، وخلال هذه الفترة يتصبب عرقا ويكاد الظمأ يقتله فى نهار رمضان شديد الحرارة. عقارب الساعة تشير إلى الخامسة مساءً، الصيام اشتدت حدته، وتركيزه وطاقته فى تناقص مستمر، لكنه قرر ألا يستسلم لما رآه فى ذلك اليوم. قُمع بلاستيكى ولافتة مكتوب عليها بكلمات «فرانكو أراب» هى كل ما يلزمه، حملهما على كتفيه وترك سيارته التى يكاد ينصهر داخلها من شدة الحرارة وركب دراجته البخارية، وعند منتصف الطريق أعلى كوبرى 6 أكتوبر وقف حاملا اللافتة التى كتب عليها: «لو سمحت امشى فى حارتك»، وبلغة الفرانكو آراب «emshi fe 7artak». هو تامر المحروقى -مهندس- ضاق ذرعا بتجاوز بعض السائقين وخروجهم عن نهر الطريق المحدد لهم، فكوبرى أكتوبر ينقسم إلى نهرين بينهما خط أبيض، يتم تجاوزهما إلى ثلاثة أنهار تتسبب فى تعطل الطريق. يقول تامر: «لو حصل كده الكوبرى مش هيقف لما عربية تتعطل، عربية الإسعاف مش هتقف لحظة وممكن ننقذ ناس كتير». يسكن تامر فى الدقى إلى جوار كوبرى أكتوبر، وحتى يصل إلى مكان عمله فى مدينة نصر لا بد أن يمر على هذا الكوبرى يومياً، ولكن فاض به الكيل بعد أن اختنق مرورياً عليه: «بعد ما روحت البيت قلت أنا مش هسكت ولازم أعمل أى حاجة.. كتبت على يافطة كبيرة (لو سمحت امشى فى حارتك) ووقفت على الكوبرى فوق الخط الأبيض وحطيت قمع بلاستيك.. رفعت إيديا لفوق ولأول مرة أشوف الطريق ماشى حارتين فى عز الزحمة». «الحلو مايكملش».. بعد أن جلس فى الشمس يوجه السائقين إلى الطريق الصحيح، رأى من بعيد شخصين يرتديان أبيض فى أبيض، ظهرا كالسراب ولكن مع اقترابهما تيقن أنهما أمناء شرطة مرور، عنّفا تامر وسبّاه بدعوى تعطيل حركة السيارات، فحرر محضراً فى قسم الشرابية وبعدها انتقلت حملته من العالم الحقيقى إلى العالم الافتراضى بموقع «تويتر» ودشن الشاب هاشتاج تحت عنوان «emshi fe 7artak».