بنظرات يملؤها الحزن والحسرة، تحدث أحمد أفندي أحمد، والد الشهيد "إسلام" 18 سنة طالب إعدادي، ل "الوطن"، من أمام قاعة محاكمة المتهمين بقتل نجله، و73 آخرين من مشجعي النادي الأهلي عقب مباراة كرة القدم بين فريقه وفريق النادي المصري البورسعيدي. عدة دقائق رفعت المحكمة خلالها الجلسة، التقط فيها بائع الخضروات "الحاج أحمد" 61 سنة، أنفاسه، وجلس على الأرض حاملا صورة نجله الشهيد، تاركا قاعة المحكمة التى كان يجلس فيها على مقعد مريح، لكن بقى باله مشغولا بالحكم الذى سينطق به القاضي على قتاة نجله. "الوطن" استمعت لقصة الحاج أحمد، وتفاصيل 16 ساعة فصلت بين آخر مرة رأى فيها نجله وتسلمه جثمانه. قال مستعيدا ذكراته عن نجله: "إبني إسلام كان في الصف الثالث الإعدادي بمدرسة عمر مكرم، بمنطقة الكونيسة، كان يشبهني كثيرا في حبه للنادي الأهلي، أنا أهلاوي من زمان"، توقف قليلا عن الكلام ونظر لصورة إسلام التي أمسكها بيده، ثم رفع رأسه قليلا والدموع تغلب تماسكه، وأضاف: "إسلام لمّا شد حيله شوية بقى يروح كل ماتشات الأهلي، في القاهرة وخارجها، وبعدها عرفت إنه انضم للألتراس. وتابع عم "أحمد" متحدثا عن حياته: "زمان أنا كنت بشتغل قهوجي، ما كنتش بروح غير ماتشات الأهلي لما يعلب مع حد من أفريقيا، وكنت عايش في سوهاج، في الجريدات مركز طهطا، خدمت في الجيش 6 سنين، من سنة 70 لغاية 76 وشاركت في حرب أكتوبر، وبعدها نزلت على مصر اتجوزت بنت خالي، كانت ساكنة في صفط اللبن". وأشار والد الشهيد أنه عمل لأكثر من 10 سنوات كبائع للخضروات، ولديه "فرش خضار" حتى الآن بالقرب من مكان سكنه في شارع البلاستيك بمنطقة الكونيسة بالعمرانية، وقال: "إبني إسلام مش وحيدي، أنا عندي عثمان 10 سنين، وقبل اليوم الموعود بتاع الماتش، قال لي إسلام أنا عاوز أحضر الماتش، قلت له يابني جماهير بورسعيد محاصرين فندق لعيبة الأهلي، أنا شفتهم في التليفزيون، وأقنعته يتفرج معايا على الماتش في البيت، بس تاني يوم الصبح، صحيت الساعة 8 ما لقيتهوش في البيت، سألت أمه عنه، ردت أنها ما تعرفش، عرفت إنه راح، وهو فعلا راح. ورغم مقاومته، غالبته الدموع فسقطت، وتابع قائلا: "أنا ما شفتش ابني تاني، وانا بتفرج على الماتش كنت بدور عليه بين الجمهور، ولما حصلت الكارثة، اتمنيت لأول مرة في حياتي إن الأهلي يتغلب، قمت وقفت على رجلي، ومن ساعتها ما قعدتش تاني غير بعد ما دفنته بإيدي، خرجت من البيت وخدت أخويا، وجرينا على باب الحديد، ولما جه القطر من بورسعيد سألت زمايله، قالوا لي ما تخافش هو مصاب في وجهه، وجاي في الطريق، لكني ما اتطمنتش، كنت حاسس، لغاية ما جابوه على ظهره مقتول، طلبت من ربنا يحتسبه شهيد، وينتقم من اللى عملوا فيه كده.. حسبي الله ونعم الوكيل.