ينهي الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، يوم الأحد، ولايته التي استمرت خمس سنوات رئيسا لأول بلد مسلم يحوز السلاح النووي، وقد تميزت بإحراز إنجازات على الصعيد الديموقراطي، وبتدهور الوضع الاقتصادي والأمني أيضا. وتسلم زرداري (58 عاما) الذي سجن في السابق عشر سنوات في قضايا فساد، سدة الرئاسة في ديسمبر 2007، بعد اغتيال زوجته بينازير بوتو التي انتخبت مرتين رئيسة للوزراء في ثاني أكبر بلد مسلم من حيث عدد السكان بعد أندونيسيا. ويتنحى رئيس حزب الشعب الباكستاني الذي برع في الحفاظ على موقعه في إطار اللعبة السياسية، بعدما ترأس أول عملية انتقالية ديموقراطية بين حكومتين مدنيتين انبثقتا من صناديق الاقتراع في تاريخ باكستان التي ولدت من تقسيم الهند البريطاينة في 1947. وسيخلف مأمون حسين، رجل الأعمال العضو في الرابطة الإسلامية بزعامة نواز شريف، التي فازت بالرئاسة في يوليو، رسميا هذا "الرئيس المتحصن" الذي تهدده حركة طالبان بالقتل ويتجنب الظهور دائما في المناسبات العامة. ولا ينتخب الشعب في باكستان الرئيس مباشرة، بل تنتخبه لجنة مؤلفة من مندوبي البرلمان الاتحادي وأربع جمعيات إقليمية. وبالإضافة إلى أول عملية انتقالية ديموقراطية، يعزى إلى زرداري القيام بإصلاح أعاد أكثرية صلاحيات الرئيس إلى رئيس الوزراء، وباتخاذ تدابير للدفاع عن النساء اللواتي يتعرضن للتحرش الجنسي. لكن خصومه يتهمونه بأنه لم يثبت زعامته على الجبهتين الاقتصادية والأمنية. وتؤدي أزمة على صعيد الطاقة اليوم إلى كبح الازدهار الاقتصادي في باكستان، التي حصلت مع ذلك هذا الأسبوع على خطة مساعدة جديدة ب 6.7 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. وإلى هذه الاتهامات تضاف الادعاءات بالفساد والاعتداءات المتكررة التي تشنها حركة طالبان الباكستانية ومجموعات إسلامية مسلحة أخرى على قوات الأمن وأعضاء الأقلية الشيعية. ويعتبر المحلل السياسي حسن عسكري أنه باستثناء بقائه رئيسا في بلد غير مستقر طوال خمس سنوات، لم يحقق زرداري "إنجازات كبيرة تستحق التنويه بها". وقد جعل رئيس الوزراء الجديد نواز شريف من الاقتصاد أولوية لحكومته، وفتح الطريق لمفاوضات سلام مع طالبان وناقش فكرة شن عملية لقوات الأمن في كراتشي (جنوب) العاصمة الاقتصادية التي تعصف بها موجة غير مسبوقة من أعمال العنف. وفي أعقاب الانتخابات النيابية في مايو التي خسرها أمام الرابطة الإسلامية، دعا زرداري خلال مأدبة عشاء أقامها نواز شريف تكريما له، الطبقة السياسية الباكستانية إلى المصالحة ودعم جهود الحكومة الجديدة. وقال زرداري "نحتاج اليوم المصالحة.. يجب أن نعمل معا بقيادتك (شريف) حتى تكون بلادنا قوية". وأضاف زرداري الذي سيمضي أيامه من الآن فصاعدا بين باكستان ودبي أن "المسألة تتعلق بمستقبل الجيل الجديد وعلى عاتقنا تقع مهمة إنقاذ باكستان". وزرداري الذي يتخذ من كراتشي (جنوب) حيث اغتيل رئيس حرسه الشخصي في اعتداء هذا الصيف، مقرا لإقامته الشخصية، سينتقل إلى لاهور (شرق)، كما أكد المتحدث باسمه فرحة الله بابار. وأضاف أنه "سيبدأ فصلا جديدا من حياته السياسية"، فيما يقول محللون أن زرداري سيحاول تجديد حزبه (وسط يسار) الذي تعصف به أزمة داخلية. وكان نجل الثنائي بوتو-زرداري، بيلاوال الذي يناهز العشرين من عمره، تصدر حملة حزب الشعب الباكستاني خلال الانتخابات النيابية الأخيرة لكنه لم يحصد النجاح المطلوب. وطرح مراقبون تساؤلات أيضا عن الرغبة الحقيقية لبيلاوال في خوض غمار المعترك السياسي للدفاع عن إرث جده ذو الفقار علي بوتو مؤسس حزب الشعب الباكستاني ووالدته بينازير بوتو التي اغتيلت في ديسمبر 2007. لذلك ازداد عدد الأصوات التي باتت تعتبر في باكستان أن شقيقته الصغرى آصفة يمكن أن تتسلم شعلة آل بوتو في أحد الأيام.