قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، فقد اختار عليه الصلاة والسلام أربع صفات لاختيار المرأة زوجة للرجل، فبدأ بمالها ثم الحسب ثم الجمال وأخيرا الدين، ويتضح من تفسير الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل الدين أخيرا ليشمل كل الصفات، فأراد أن يوضح لنا أن لا عيب فى اختيار المرأة الغنية ولكن أن تكون متدينة وملمة بدينها خير من المرأة الغنية التى لا تعرف شيئا عن دينها، فهذة المرأة قد تتعالى فى يوم من الأيام على زوجها لأنها لا تملك من الدين ما يكفى، وكذلك لا عيب فى اختيار المرأة ذات الحسب والنسب ولكن أن تكون على علم بدينها خير ألف مرة من امرأة جاهلة بالدين، فتلك المرأة قد تتعالى وتتكبر على زوجها لحسبها ونسبها العريق، وكذلك لا عيب فى اختيار المرأة الجميلة وأيضا أن تكون متدينة أفضل من غيرها، فقد تتفاخر على زوجها بجمالها، فنجد أن الرسول صلى الله علية وسلم ترك الاختيار لك من المال والحسب والجمال ولكن بشرط أن تكون ذات دين أيضاً، وهنا الدين أن تكون المرأة على خلق حسن وصفات كريمة وأن تحافظ على ما أوجبه عليها دينها من صلاة وصوم وعبادة. فإن وجدت امرأة بتلك المواصفات فاظفر بها أى تمسك بها فإنها خير شريك تختاره. وكذلك المرأة عليها اختيار الرجل بنفس الطريقة؛ أن تختارى رجلا يعلم أمور دينه ليأخذكِ إلى طريق الخير، وهنا ينطبق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِما أَنْ يَحْذِيَكَ وَإِما أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِما أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً طَيبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِما أَنْ يَحْرِقَ ثيَابَكَ وَإِما أَنْ تَجِدَ رِيحاً خَبِيثَةً». وقد نجد ذلك عمليا فى بيوتنا، فالبيت الذى نشأ على أسس دينية تقل فيه الخلافات؛ فالزوجة تعلم أن رضا الزوج من رضا الله فهى ترضيه ليست خوفا منه ولكن لتكسب رضا ربها لتنال جنته ورضوانه، فقال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم: «أَيٌّمَا امرَأَةٌ مَاتَت وزَوجُها عنْها رَاضٍ دَخَلَتْ الجَنةَ»، ورضا الزوج يأتى بأبسط الأمور، فالابتسامة فى وجه زوجك تعد من رضا الزوج، وكذلك على الزوج معاملة زوجته بما يرضى ربه فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا» عليه الصلاة والسلام. وأختم مقالى بقصة المرأة التى خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى «جُلَيْبِيب» رضى الله عنه، وكان «جليبيب» قبيح الوجه وفقيرا، وأرسله إلى تلك المرأة ليخطبها ولكن أمها قالت: «لا أوافق بجليبيب»، ولكن الفتاة قالت: «أترفضون أمر رسول الله؟!»، وتمت الزيجة، وبعد زواجهما بأيام مات «جليبيب» فى إحدى الغزوات وتقدم إلى زوجته كثير من الرجال لخطبتها، وكان قد دعا لها رسول الله، وبالفعل أصبحت امرأة غنية جدا وأكرمها ربها لأنها لم ترفض طلب الرسول صلى الله عليه وسلم. فعجبا لهذه المرأة حينما قالت: «هل ترفضون أمر رسول الله؟!»، وعجبا إلى البنات الذين يبكين الآن من أجل كريم وفاطمة!