بطلة كاراتيه منذ نعومة أظافرها، في الشارع والمنزل وصالة التمرين، تقدم وصلات ل"الكاتا" تبهر الجميع متفوقة على أقرانها، تجري بحماس وتقفز بحيوية، وحلم بطولة العالم يراودها، في منتصف الطريق بعد تخطيها ال15 عامًا، ولكنها أصيبت بالتهاب في النخاع الشوكي قضى على حركتها تمامًا، وتحولت من فراشة تحلق في الفضاء الواسع بحرية لأخرى قعيدة على كرسي متحرك. "يمنى طارق"، التي تحدت إعاقتها وأصرت على ممارسة رياضتها المفضلة لتصبح بطلة الجمهورية ونجمة في المنتخب الوطني، منتظرة انضمامها لصفوف الفريق المسافر لإسبانيا للمشاركة في بطولة العالم العام المقبل. عامان من الحزن عاشتهما الفتاة العشرينية بعد إصابتها التي عرقلت سير حياتها، لم تشفع لها جلسات العلاج المكثف واستشارة كبار المتخصصين في أن تعود مرة أخرى، لتجد الكرسي المتحرك رفيقها أبد الدهر، لحظات انكسار وضعف واستسلام عاشتها لكنها لم تدوم طويلًا وسرعان ما أيقنت أن الأحلام باقية مهما كانت الظروف: "قولت أرضى بالأمر الواقع ومش هتنازل عن حلمي". عادت لصفوف فرقتها بدعم ومساندة مدربها وأسرتها، وحصلت على الحزام الأسود من الدرجة الثانية، دخلت بطولة الإسكندرية وفازت بالمركز الأول، وكذلك بطولة الجمهورية "مدربي هو اللي رجعنى تانى لأن الأمر مكنش سهل كان محتاج مجهود وإصرار ودفعة". وواجهت الفتاة الإسكندرانية صعوبات كثيرة في التأقلم على الوضع الجديد، شجعتها والدتها التي تعمل إخصائية لذوي الاحتياجات الخاصة فئه الإعاقة الذهنية، وأصرت أن تكمل تعليمها لتحقيق حلم آخر من أحلامها بدخولها كلية الهندسة، وبدأت حياة جديدة داخل أسوار الجامعة. "أهلي حفزوني أكمل وأوصل رغم أن الأمر كان مكلف ومتعب بالنسبالهم"، لم تستسلم لنظرات الشفقة التي ظهرت على زملائها في البداية ودخلت في تحدٍ جديد مع نفسها لتثبت أنها شخص طبيعي يمارس حياته بشكل مختلف، وحققت تفوق ملحوظ في تخصصها الكمبيوتر والاتصالات: "ربنا لما بيجيب البلاء بينزل معاه الصبر والرضا والإصرار والتحدي"، شهور قليلة وتودع يمنى حياتها الجامعية لتبدأ حياة جديدة مليئة بالأحلام على مستوى رياضتها ودراستها: "نفسي أسافر واشتغل في شركة ميكروفوفت في أمريكا وأكون بطلة العالم في الكاراتيه".