أعرفها جيدا، وأحبها كثيرا، أحببت فيها وسطيتها واعتدالها، وصمودها فى وجه الشدائد. هى ليست «إخوانية» بالمعنى التنظيمى للكلمة؛ لقد كان شغلها الشاغل «الدعوة الإسلامية»، إنها أول مذيعة محجبة داخل التليفزيون المصرى، والتى شغلت منصب مدير عام البرامج الدينية بماسبيرو، الإعلامية «كاريمان حمزة». جاءنى صوتها -بعدما تولى «مرسى» الحكم- على جهاز «الأنسر ماشين»، تقول لى بحب: «أتابع هجومك على الإخوان وأشتمك كثيرا»!! تذكرت حماسها الشديد لشركات توظيف الأموال التى سرقت أموال المصريين الغلابة باسم الدين، قبل عشرين عاما، لدرجة أنها كتبت كتاباً -آنذاك- تدافع عما تظن أنه «الاقتصاد الإسلامى».. حتى نصبت عليها هى شخصيا إحدى شركات توظيف الأموال!! لم تكن ترى «الحاجة» إلا الجانب المضىء فى الإنسان، لا ترى قبحه أو أخطاءه، وتتجاوز عن ذنوبه.. فقدمت الدكتور «عمر عبدالكافى» فى وقت كان يُهاجمه الجميع لموقفه السلبى من النصارى، رغم أنها تربت فى مدرسة راهبات، وحتى حين قررت أن تساعد مستشفى الأمراض النفسية بالعباسية لم تجد سوى الراهبات ليساعدنها فى تنظيف المكان والمرضى! تعرضت «كاريمان حمزة» للإقامة الجبرية فى عهد «السادات»، وسطت «سوزان مبارك» على التبرعات التى جمعتها لمستشفى العباسية، وبطش بها «صفوت الشريف» كثيراً.. لكن الجانب المضىء فى حياتها كان زوجها «كمال بك». إنه الرجل الذى اعتُقل حوالى عشرين عاما بتهمة الانتماء لجماعة «الإخوان المسلمين» المنحلة، ثم خرج ليحصل على مستحقاته من عمله بالقوات المسلحة، وعاش يدلل فيها، ويغدق عليها بالحنان ويسجل كل ما تقدمه إعلاميا.. أحببته كما أحببتها تماما. ورحل «كمال بك» الذى ألفت عنه كتاب «تزوجت إرهابيا»، تركها «السند»، لكن بعدما اقتربت أكثر مما ينبغى من «تنظيم» تحسب كل من فيه مظاليم مثل زوجها الراحل!! كانت شغوفة بالدعوة إلى الله، اعتكفت لوضع تفسير للقرآن الكريم للشبيبة بعنوان «اللؤلؤ والمرجان فى تفسير القرآن»، باعت سيارتها ليخرج إلى النور، وهجرت تقديم البرامج، وكانت تؤكد فى كل حواراتنا أن «الإخوان» هم رمز الاعتدال فى مواجهة التزيد والتنطع فى الدين.. ولم أكن أصدق، لكننى كنت أدرك كم هى متأثرة بكل من يتحدث ب«قال الله وقال الرسول»! حين توفى زوجها الثانى «سامى بك» ذهبت للعزاء فى مسجد «عمر بن عبدالعزيز»، واجهنى صاحب الكآبة المرشد العام السابق للجماعة «مهدى عاكف» وقيادات إخوانية لا أعرفها.. أدركت ساعتها أننى خسرت من كنت أعتبرها «امى الروحية» إلى الأبد. فالدولة التى تعتبرها «إسلامية» كانت دولة البطش والظلم، جاء «مرسى» بإعلان دستورى يعطيه سلطات إلهية، وشوه الدستور، وعطل القضاء، وأخون الدولة، وأسقط عشرات الشهداء فى الاتحادية والمقطم وغيرهما.. وحرض على قتل المعارضة.. وفرط فى «سيناء» لحركة «حماس» جناحه العسكرى!! «مرسى» رمز للحاكم الخائن، يداه ملطختان بدماء المصريين، لكن «كاريمان حمزة» لم تتصدَّ له، لتحدثه عن الشورى فى الإسلام.. أو عن «عدل الحاكم»!! فجأة رأيتها تناصره فى ميدان «رابعة»، خدعوها ربما أو ضللوها، أو استغلوا فطرتها السوية للدفاع عن الإسلام!! حتى الآن لا أجد لها عذرا، حتى لو كانت تثأر لاضطهادها من الأنظمة السابقة وهى التى لا تعرف أصلا الانتقام! سيدتى الفاضلة.. أعلم أن عقلك أوعى وأكثر صلابة من أن يتم غسله، وأنك تعرفين الإسلام الحق.. توقنين أنه لو أقام «مرسى» الحكم الرشيد لما ثار عليه الشعب.. ولا أحسب أنك تصدقين أنه انقلاب أو تمثيلية قامت بها الشرطة والقوات المسلحة! قيادات الجماعة تدفع بالنساء والشباب للموت لتهرب من العدالة وتحتفظ بثرواتها.. وتحتمى بكتائب إرهابية لتنشر الرعب والحرب الأهلية فى البلاد.. فعمّن تدافعين؟! عودى إلى نفسك، بل عودى إلى كتاب الله، وتذكرى أن «الحسين»، رضى الله عنه، استُشهد فى صراع على السلطة.. والإخوان المتأسلمون ليسوا إلا طلاب سلطة على حساب الشعب والأمن القومى للوطن.. وأنت منا ولست منهم! فعودى إلينا.