أول ما حسنى مبارك مشى، الناس فى الشارع كانت بتحب بعض بزيادة، حب لدرجة التلزيق. مفيش حد بيكسر عليك وأنت سايق، بقدرة قادر اختفت كلاكسات الشتيمة، الناس بتسيب الدور لبعض فى الطوابير. وشوشهم مرتاحة وكمان بيضحكوا فى وش بعض، حاسين إن كلنا إخوات فى بعضينا، حاسين إننا ولاد تسعة، لكن يا فرحة ما تمت. شهر العسل القصير ده انتهى، شهر واحد بس وفى مارس خرج علينا شيوخ البؤس فى القنوات والجوامع يفضون الفرح ويقسمون الناس يمين وشمال، علمانى ومتدين، مؤمن وكافر، ناس فى الجنة وناس أكيد ستصلى ناراً ذات لهب. كل ده علشان شيوخ المحطات ياخدوا حتة من التورتة، قسموا البلد وفرقوا ولادها علشان الإخوان والمتأسلمين يركبوا الثورة. وسبحان الله، بعد أقل من ثلاث سنين ينزل المصريون كلهم.. إيد واحدة ضد اللى كان عايز يفرقهم، ضد الخداع وحب التكويش اللى مارسته الإخوان وحلفاؤها من أول الثورة. وأياً كان اللى هيحصل فى البلد فى الأيام الجاية، دلوقتى الشعب المصرى عنده فرصة يحلم من جديد، السبب إن المصريين زى ما كسروا حاجز الخوف من التعذيب والإهانة ونزلوا ضد مبارك. كسروا الأسبوع ده حاجز الرعب اللى المشايخ الوصوليين كانوا حاطينه قدام عيونّا بيخبى سماحة الدين. المصريين دلوقتى عارفين إن اللى بدقن مش ضرورى ملاك، فى شيوخ علماء وأفاضل، لكن فى شيوخ عايزين الدنيا مش الدين. وعايزين الدنيا أكتر من أى حد تانى. وإن المصريين يخرجوا ضدهم دى فى حد ذاتها ثورة. بعد ما كسرنا حاجز الخداع باسم الدين، دلوقتى عندنا كلنا فرصة إننا ننسى التسخين ضد الشيعة، وشتيمة المدنيين، نرجع العلاقة الجميلة مع الأقباط ونمحى كلمة «فلول» من كلامنا. وكمان ممكن نيجى على نفسنا وننسى مع مرور الوقت إن أعضاء الإخوان كانوا هيودوا البلد فى ستين داهية لولا ستر ربنا وتصميم الشباب المصرى الحر، أمامنا فرصة ذهبية إننا نرجع حلم المصريين إيد واحدة. بلاش نفرق بين الناس وبعض بكلمة زى كافر وخروف وشيعى ولا حتى فلول. الفلول مش اللى جارى الترزى اللى طلع كارنيه الحزب الوطنى علشان ياخد دورة إنجليزى ببلاش، الفلول الحقيقى هو اللى شاف الغلط وشارك فيه أو كان موافق عليه، والثورى مش فقط اللى نزل فى الميدان واتصاب فى محمد محمود (طبعا ده ثورى). لكن الثورى كمان هو اللى عايز حال البلد يتصلح وبيحاول يشارك فى إصلاح مصر. ده مش معناه اللى فات مات، أى حد قتل أو نهب يتحاسب وزى ما بيتقال فى كل الأديان: الاعتراف يسبق الغفران. فإذا اعترف كل فريق بغلطه، وتاب عنه، وعمل الصح يبقى الناس ممكن تسامحه وتضمه تانى وسط الصفوف. لكن مش قبل الاعتراف وتصحيح المسار. المصالحة بين قطاعات الشعب المصرى مهمة جداً وضرورية جداً. المصالحة الوطنية مهمة علشان نقدر نحقق الحلم اللى كل مصرى بيتمناه: إنه يعيش معزز مكرم فى بلده، حر مش خايف من حد، عنده شغل وبيكسب لقمة عيشه، ولاده بيتعلموا وبيتعالجوا، ومطمن على أهل بيته فى كل مكان. اليومين دول فرصة إن البلد ترجع بلد واحدة، فرصة للحلم، وفرصة لتحقيق هذا الحلم.