يدخل اليوم المستشار أحمد سليمان، وزير العدل، أول اختبار حقيقى لمواقفه كقاضٍ ينتمى إلى تيار الاستقلال، ووزير ينتمى للسلطة التنفيذية، وما بين موقف القاضى وموقف الوزير، يقف «سليمان» فى أول مواجهة حقيقية له منذ توليه الوزارة خلفاً للمستشار أحمد مكى، بالتزامن مع بدء مجلس الشورى، اليوم، فى مناقشة قانون السلطة القضائية متحدياً رغبة جموع القضاة. حينما كان وزير العدل رئيساً لنادى قضاة المنيا، قبل توليه حقيبة «العدل»، وقف مهاجماً مشروعات القوانين المتعلقة بالسلطة القضائية التى يناقشها مجلس الشورى لما تتضمنه من خفض لسن تقاعد القضاة، واعتبرها مذبحة للقضاء، وبعد حجز مقعده فى السلطة التنفيذية لجأ إلى التهدئة والحوار ورفض كافة الإجراءات التصعيدية التى يلجأ إليها نادى القضاة لصد عدوان «الشورى» على السلطة القضائية، بما فيها لجوؤه إلى الاتحاد الدولى للقضاة، معتبراً ذلك تدويلاً للأزمة واستقواء بالخارج يسىء إلى سمعة القضاء المصرى. هل ستنجح وسائل سليمان وأدواته المعتمدة على الحوار والتهدئة فى احتواء الأزمة وعدم مناقشة القانون، أم ستكون وسيلة لشق صف القضاة وإعطاء الفرصة لمجلس يرى القضاة أنه غير مختص دستورياً بمناقشة القانون لتمرير كافة التعديلات التى تريدها جماعة الإخوان للسيطرة على القضاء؟ هل سيسير على خطى معلمه -كما يحب أن يقول- المستشار أحمد مكى ويتقدم باستقالته فى أول صراع له مع السلطة التشريعية، أم أنه سيفضّل البقاء فى كرسى «العدل» متبعاً سياسة الحوار والتهدئة؟.. الإجابة عن هذه التساؤلات ستحددها مواقف الوزير خلال الفترة المقبلة، خاصة فى حال موافقة «الشورى» على تعديلات قانون السلطة القضائية المقدمة من أحزاب الحرية والعدالة والوسط. رغم أن «سليمان» لم يكمل شهراً واحداً فى منصبه، فإنه سرعان ما أصبح خصماً للقضاة وأعضاء النيابة العامة، بعد أن أعلن دعمه للمستشار طلعت عبدالله، النائب العام، رغم علمه ببطلان تعيينه بموجب حكم قضائى، إضافة لتأكيده أن وكلاء النيابة حاصروا «طلعت» ومنعوه من الخروج من مكتبه بما يخالف ما قاله «عبدالله» نفسه، وادعائه بأن هناك حكماً من محكمة الجنح المستأنفة يؤيد تعيين النائب العام، رغم علمه أنه لا يمكن أن يُعوَّل عليه لصدوره عن محكمة غير مختصة، وأن محكمة الاستئناف التى تتولى نظر طلبات رجال القضاء هى الأعلى. تلك المواقف المعلنة ل«سليمان» بعد أن أصبح وزيراً جاءت مغايرة لمواقفه حينما كان جالساً على منصة القضاء، حيث رفض تغوُّل أى سلطة على القضاء، وأعلن رفضه وقضاة المنيا الإشراف على الاستفتاء على الدستور فى ظل وجود الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى. أيام قليلة ستثبت إلى أى فصيل سينضم وزير العدل.. هل سيتمسك بمواقفه ويعود لصف القضاة أم سيظل ممسكاً بعصا الأزمة من النصف، مطالباً بالتهدئة.