إلى كل إخوانى «محترم»: أكاد ألمس «إحساسك المقهور» بروح العداء التى أصبحت تسكن النفوس ضدك، وأشعر بقرب انفجار براكين الغضب داخلك من شدة السخرية الملقاة على عاتق كرامتك المنتهكة، وأستشعر -تماماً- قسوة التحول من «خانة الصديق» إلى «خانة العدو» بالنسبة لرفقاء الثورة وكتاب تاريخها وجميع ميادينها. أعرف كل ذلك، ومن أجل ذلك.. أكتب إليك، لا أستهدف إصابة «عقلك» بأى لبس، ولا حتى اللعب على «أوتار مشاعرك»، وإنما أسعى فقط -بكل صدق وحب وإخلاص- إلى «ضميرك».. ليكون «حصناً» ضد الأفكار المغلقة على ما تؤمن بأنه صواب دون أدنى مراجعة، و«حكماً» إذا ما اختلفنا وفرقت بنا السبل وأوصلتنا إلى مرحلة اللاعودة. دعنى أسجل لك اعترافاً مبدئياً: أنا شخص تشبع ب«كراهية الإخوان والخوف منهم» دون أن أعرفهم أو أقرأ عنهم بما فيه الكفاية، ولا أعتقد أن أياً من تلك الكراهية أو ذلك الخوف ناتج عن «تحريض» النظام السابق، فأنت تعرف -مؤكد- أن الناس فى بلادنا تؤمن بعكس ما يريده لهم النظام -وربما أى نظام- أن يؤمنوا به. كنت كارهاً لكم وخائفاً منكم ب«الفطرة»، وعندما اندلعت الثورة كانت نتيجتها تقودنا -من وجهة نظرى- إلى إحدى فاشيَّتين.. الدينية والعسكرية، ولا أخفيك سراً أننى اخترت الثانية.. الأقل سوءاً. كنت على هذا الحال، قبل أن أواجه نفسى بتلك الأسئلة: لماذا تكره الإخوان وتخشاهم إلى هذه الدرجة؟ ماذا لو كان لديهم مشروع لخدمة الوطن ويمتلكون القدرة على تنفيذه؟ لمتى ستبقى أرض فكرك على بوارها دون حرث لها أو ريها ب«الجديد»؟، ومع الإجابة على تلك الأسئلة.. قررت أن أفتح نافذة جديدة على الإخوان. طوال الفترة الماضية وأنا أحاول أن أفهمكم، أقرأكم، أسمع منكم -كما تريدون- وعنكم، أتابع حكمكم بكل دقة ليتسنى لى الحكم عليكم بعدل ما استطعت. ما ساعدنى حقيقة على ذلك طوال الفترة الماضية هو تحولكم -بالنسبة لى- من كائنات «هلامية» لم أتعامل معها قط، إلى كائنات «واقعية» تمشى على الأرض.. تدير معها حواراً.. تقرأ لها تعليقاً على «الفيس بوك»، أسجل أفكارها حين تفكر.. قراراتها وكيف تنفذ.. تصريحات قياداتها وقت الأزمات والضجر. صدقنى يا صديقى الإخوانى، وإن أردت.. أقسم لك بأغلظ الأيمان، كنت صادقاً -تماماً- مع نفسى حينما فتحت «عقلى وضميرى» من جديد لتقييم تجربتكم بعد الخروج من غياهب الجب حتى الوصول إلى حكم مصر، ولتسمح لى أن أشركك معى كيف سارت التجربة من بدايتها وحتى الآن. فى أعقاب الثورة مباشرة، وبينما الأحداث تتلاحق بأسرع من القطار «التوربينى» فى بداية تشغيله على السكة الحديد (وقت أن كان لدينا سكة حديد)، كنت كثير الجلوس مع من أعتقد أن لديهم معلومات عن الإخوان «من الداخل». أحد هؤلاء -طالما كان يردد جملة «على فكرة أنا مش إخوان»- رسم لى صورة الجماعة ك«أجمل ما يكون الرسم». وإليك بعضاً مما قال: الإخوان جماعة زاهدة تماماً فى السلطة، ولا تسعى إليها إلا من أجل صالح البلد، فهى -أى الجماعة- تعمل على الأرض منذ «عقود» طويلة.. ومتماسكة، ولديها خطة ليس فقط لتمكينه من تجاوز المحنة التى يمر بها حالياً، وإنما لوضعه -أى البلد- فى مصاف الدول المتقدمة فى فترة زمنية قصيرة. الجماعة -هكذا أضاف- تمتلك كوادر مؤهلة تغطى كافة جوانب التقدم، ورغم ذلك لن تستأثر بسلطة، بل ستشرك الجميع فى المسئولية.. باختصار الجماعة ستعيد اكتشاف مصر. .. ونواصل الأسبوع المقبل