«مياه الفيوم» تكرم 49 من أبناء العاملين المتفوقين دراسيًا    وزير الزراعة: أزمة الأسمدة تعود لتوقف المصانع بسبب الحرب.. المخزون الاحتياطي أنقذ الموسم    آمال ماهر: أغنية «حاجة غير» شبهي.. وحب الجمهور غذاني    التطعيمات والفيتامينات: درع وقاية من الأمراض الموسمية في المدارس    وفقًا للقانون.. استخدام مياه الشرب في غير الغرض منها يعرضك للعقوبة    قمة «نكون أو نكتب شهادة وفاتنا»    مطرانية المنيا للأقباط الأرثوذكس تصلي على جثمان الكاتب الصحفي والمفكر الراحل سليمان شفيق    وزير الخارجية ونظيره التركي يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة    رومانيا تدين دخول طائرة روسية بدون طيار إلى مجالها الجوى    بي إس جي ضد لانس.. باريس يتقدم في الشوط الأول وإصابة كفاراتسخيليا    شريف يقود هجوم الأهلي أمام إنبي في الدوري المصري    موقف نجم الهلال من اللحاق بمباراة الدحيل القطري    الأرصاد: طقس حار رطب غدًا الاثنين 15 سبتمبر 2025.. والعظمى في القاهرة 35    السجن 10 سنوات للمتهم بالشروع في إنهاء حياة زوجته بالمنيا    وكيل «تموين الشرقية»: خطة عمل لتعزيز الرقابة على الأسواق والمخابز    التضامن تبدأ صرف معاش «تكافل وكرامة» لشهر سبتمبر 2025.. تفاصيل وآليات الاستعلام    سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام يكشف عن تفاصيل دورته الثامنة    إعلامى بحرينى: قمة الدوحة أمام مفترق طرق.. "إما بيانات شجب أو قرارات رادعة"    تفاصيل إصابة تامر حسني بكسر في القدم    ما تسكتلهمش.. 4 أبراج بيحبوا يحرجوا اللي حواليهم    موعد شهر رمضان 2026 وأول أيامه فلكيًا.. فاضل 156 يومًا    أخبار كفر الشيخ اليوم.. المحافظ يتفقد عددًا من المصانع بالمنطقة الصناعية بمطوبس    حمد بن جاسم يثير تفاعلًا بتعليقه على هجوم الدوحة والقمة العربية    خبير سياسي: الرهان على واشنطن لتقويض السلوك الإسرائيلي العدواني بات غير واقعي    الوطنية للصحافة تواصل الاستماع لمقترحات خارطة الطريق الإعلامية    الداخلية تكشف ملابسات ادعاء سيدة باقتحام الشرطة لمنزلها بالمنوفية    بالصور.. ملك زاهر تخطف الأنظار بإطلالة كاجوال في أحدث ظهور    قضية "معلم سوهاج".. إخلاء سبيل الزوجة وأبنائها المتهمين بقتله    ما حكم عمل المقالب في الناس؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تجد أرخص تذكرة طيران    محمود محيي الدين: «حياة كريمة» أفضل مبادرة في ال15 عامًا الأخيرة    محمد أبوتريكة: عصام الحضري أفضل من دوناروما    الجامايكي سيفيل يكسر هيمنة لايلز على سباق 100 متر بمونديال ألعاب القوى    جامعة قناة السويس تستقبل وفد منطقة الوعظ بالإسماعيلية لبحث التعاون    مدير تعليم المنوفية يناقش استعدادات العام الدراسي الجديد    مستشفيات سوهاج الجامعية تطلق نظام الحجز الهاتفي للعيادات الخارجية لتخفيف الزحام    "فيشر موجود وأسد مش صح".. شوبير يكشف تحركات الأهلي في الساعات الماضية    بحضور تركي آل الشيخ.. تتويج الملاكم الأمريكي تيرينس كروفورد بطلاً للعالم في "نزال القرن"    الصحة: إيفاد كوادر تمريضية إلى اليابان للتدريب على أحدث الأساليب في إدارة التمريض    منال عوض تلتقي الجهات المنظمة لاحتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    تجهيز 7 آلاف فصل جديد لخدمة 280 ألف طالب في العام الدراسي الجديد    توزيع حقائب مدرسية وأدوات مكتبية على الأيتام والأسر غير القادرة بمطروح    تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 284 ألف مواطن ضمن "100 يوم صحة" بالمنيا    البنك الأهلي يساهم ب 60 مليون جنيه لصالح وحدة "الايكمو" من خلال لجنة زكاة طوارئ قصر العيني    تشيلسي يرسل كشافة لمراقبة جناح يوفنتوس التركي كينان يلديز    حتى المساء.. أمطار غزيرة على هذه المناطق في السعودية    تأجيل محاكمة «موظف» متهم بالاختلاس في المنيا لدور نوفمبر    شاعر غنائي يثير القلق حول الحالة الصحية ل«تامر حسني».. ما القصة؟    نور النبوي يستعد لتصوير «كان يا مكان».. ويواصل صعوده نحو نجومية مختلفة    مستقبل وطن بالإسماعيلية يدعم مستشفى القصاصين التخصصي    هل يجوز أن أنهى مُصليًا عَن الكلام أثناء الخُطبة؟.. الأزهر للفتوى يجيب    السيسي يؤكد أهمية تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفير فرص العمل في قطاع الطاقة الجديدة    تعطيل العمل بالقسم القنصلي للسفارة المصرية بالدوحة    «الإفتاء» تواصل عقد مجالسها الإفتائية في المحافظات حول «صلاة الجماعة.. فضائل وأحكام»    الصين تحذر الفلبين من «الاستفزاز» في بحر الصين الجنوبي    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول ضد بيرنلي والقنوات الناقلة    صحيفة نمساوية: بولندا باتت تدرك حقيقة قدرات الناتو بعد حادثة الطائرات المسيرة    د.حماد عبدالله يكتب: حينما نصف شخص بأنه "شيطان" !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شباب وفتيات علي كورنيش النيل وداخل البواخر..أما الثورة فلها رب يحميها
نشر في الوطن يوم 10 - 03 - 2013

وتيرة الاشتباكات تتصاعد بين قوات الأمن والمتظاهرين فى محيط السفارة الأمريكية، على مقربة من الاشتباكات، بامتداد كورنيش النيل، تمتد صفحة المياه لامعة، شاهدة على تلاحق الأحداث، تحمل على سطحها السفن، وعلى كورنيشها الشباب، غير الآبه بشىء. يصيح بعض الشباب «مركب يا بيه، مركب يا آنسة». يستجيب البعض، ويفر داخل المركب، بينما يهرب الآخرون من تلك الدعوات ومحيط النيل المعبق بدخان قنابل الغاز المسيل للدموع.
فى داخل مركب صغير، تصدح أصوات الأغانى الصاخبة وتلمع الأضواء المبهرجة، يجتمع الشباب والفتيات، يتراقصون على أنغام الأهازيج، يداعوبن بعضهم البعض، تعقد صداقات الساعة الواحدة داخل المركب، الذى تبلغ تذكرته ثلاثة جنيهات، مقابل رحلة قصيرة فى ضفاف نهر النيل. يتحول المركب إلى ما يشبه الملهى الليلى. يلوح فى الأفق رجل مسن يمسك بيد زوجته وابنته الشابة، يهبطون على سطح المركب طامحين فى دقائق ينفصلون بها عن زخم السياسة والمشاكل التى تؤرقهم، آخر يشبك بيديه زوجته المنتقبة، والبقية يجلسون شاخصين بأبصارهم ناحية الفتيات المتراقصات، على أغنية «العنب» الشعبية ل«سعد الصغير».
محمد عباس، رجل خمسينى بشارب كث ووجه أسمر بلحية خفيفة، جعلت زملاءه فى العمل يطلقون عليه «محمد السنى»، الرجل الذى يعمل فى الصباح «نجار مسلح»، وفى المساء يعمل على مجموعة من المراكب النيلية، بين شباب لا يتجاوز أكبرهم 30 سنة، ليصير وقتها «الريس محمد».
يقول الرجل الذى يقطن منطقة بولاق أبوالعلا، ولديه 3 أولاد وبنتان، أحدهم يعمل معه فى المراكب، إنه يعمل فى هذه المهنة منذ أربعين عاماً، حيث يجىء للمكوث أمام النيل، الذى يشعر فى حضرته أن الدنيا لا تساوى مقدار بعوضة، يشعره النيل بمقدار عظمة الخالق، يدفع بدفقات إيمانية لروحه. «ساعات كتير أسيب البيت وآجى أنام هنا فى المركب بالأيام، وآخد ابنى حسن فى حضنى، بحس ساعتها براحة بال وأنا بعيد عن دوشة الناس». يحكى «الريس محمد» أنه عمل فى السعودية لمدة عشر سنوات، لكنه لم يطِق البعد عن نهر النيل، ليعود «مراكبياً».
المركب يمثل مصر السفلى، الراغبون فى الاستمتاع من ذوى الدخل المحدود، جنيهات معدودات تقيض لهم التسلية، وتزيح عن كاهلهم صعوبة الحياة. يقول الريس محمد: «ناس كتير بتيجى هنا شباب وبنات، وستات ورجالة، بيجوا يقضوا وقت حلو وينبسطوا».
أثناء حديث رب المركب، تمر فتاة، تلقى عليه التحية بحرارة، يردف حديثه قائلاً: «البنت دى زبونة عادية، فيه بنات هنا بتيجى علشان ترقص وده مزاجها، لكن إحنا هنا مش بنشغل بنات على المركب، فيه مراكب تانية بتعمل كدا، بس البنت اللى بتكون شغالة على مركب، دايماً تكون واقفة على طرف المركب، علشان تجذب نظر كل اللى موجودين».
فى الماضى كان الريس محمد لا يشغله قوت غده، يفكر فقط فى القرش الذى يقبضه آنياً، ليستمتع به، لكنه مع اضطراب الأحوال على مقربة منه، ورؤيته للاشتباكات كل يوم، صار حرصه على النقود أكثر من ذى قبل، يصف الدنيا بالضيقة، التى تجعله يحرص على كل مليم يدخل إلى جيبه، ويخزن للمستقبل، خوفاً من أى ظرف لا يحسب وقوعه.
الناظر من عل، من فوق كورنيش النيل، يجد رجلاً يرفل فى جلباب كالح، على رأسه عمامة بيضاء. عبدالفتاح رشيد، رجل خمسينى ذو بشرة سمراء وصوت جهورى، قادم من محافظة قنا بحثاً عن عمل، فى مهنة المراكبى منذ كان فى السادسة، عمله كان فى محافظة الأقصر، لكن بعد الثورة نضب العمل فاضطر إلى القدوم إلى القاهرة، يوميته فى المركب النيلى عشرون جنيهاً، ينام ليله على سطح المركب، حيث لم يستطِع امتلاك سكن فى القاهرة.
يستعيد الفائت من ماضٍ عاصره، خاصة فترة الستينات من حكم الراحل جمال عبدالناصر، وقتذاك يرى «عبدالفتاح» أن الأيام كانت «حلوة» وكان هناك إحساس بالفقير والفقراء، كان النيل يضحك، ولم يتسلل إليه العبوس مثلما يحدث الآن، يركز بصره على ماء النيل، يتوحد معه، يحدثه ككائن بشرى قائلاً: «مصر دى بلد حلوة أوى، لكن الشعب مش كله إيد واحدة، كل واحد عامل حزب لوحده، إحنا لو حطينا إيدينا فى إيد بعض مصر هتبقى أحسن بلد».
أخبار متعلقة:
"وسط البلد" الذي وهب الحياة لجسد الوطن
"التحرير"..ثكنة عسكرية..تحولت إلي "رمز الحرية والكرامة"
مقهي "زهرة البستان".."استراحة محارب"للمصابين
جرافيتى «جنزير» والذين معه.. الثورة هتفضل حية
«سيمون بوليفار».. قاعدة حجرية منزوعة الملامح
مسجد عمر مكرم..من هنا تخرج الجنازات.."قاتل" و "مقتول"وبينهما "ثورة"
التحرير ومحمد محمود وقصر العيني..شوارع علي خط النار
«تاون هاوس».. مكتبة ومسرح ومعرض دائم فى قلب القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.