«افرحى يا أمى.. وابكى ابنك مات وجبنا حقه».. هكذا نطق لسان حال رجال ألتراس أهلاوى الذين أثبتوا أنهم أقوى من أى فصيل على الأرض فى مصر حاليا؛ فرغم ما يقال عن أن حكم المحكمة فى قضية بورسعيد عن أنه «مُسيَّس» أوقد تنزل به درجات التقاضى التالية، فإنه من حق كل أم شهيد أن تفرح وتستمتع بيوم هنىء ترى فيه حق ابنها الذى قتل غدرا يعود من جديد. فشباب الألتراس (عديمو الخبرة السياسية) تعاهدوا على تحقيق القصاص لأصدقائهم الذين ماتوا فى مجزرة بورسعيد، ليس لهدف أو مطمع فى سلطة أو مال، وإنما دفاعا عن الفكرة التى بثتها فيهم «عقلية الألتراس»، وهو نفس ما حدث وقت الثورة الحقيقية فى 2011 عندما نزل الشباب إلى الشوارع غير مطعَّمين بعناصر قوى سياسية وهمية كانت تعقد صفقات مع النظام السابق الفاسد. نجح شباب الألتراس فى تنقية أنفسهم بالابتعاد عن الأطماع السياسية لبعض القوى الثورية، وتمسكوا بكونهم فصيلا رياضيا فى الأساس، فطالبوا جمهور النادى الأهلى الذى ينتمون إليه بالانضمام إليهم، ولم يستنجدوا بالقوى السياسية والثورية الوهمية والباحثة عن مصلحتها فقط. وأعتقد أن جملة «إخوة فى الدم» التى توحد هؤلاء الشباب حولها تحولت إلى حقيقة، فقد رفضوا أن يتركوا دماء أشقائهم، تضيع هدرا، ونزلوا إلى الشوارع لتحقيق القصاص، فى الوقت الذى اهتم فيه آخرون بالسعى وراء مصلحتهم سواء من لاعبين أو مسئولين أو حتى إعلاميين، طالبوا بعودة الدورى قبل تحقيق القصاص، لكنهم أيقنوا أن حقوق الشهداء لن تعود إلا بالضغط المتواصل، وتوصيل رسالة للدولة تدل على قوتهم وقدرتهم على التغيير. بالأمس كان كل أب يتمنى أن يصبح ابنه لاعب كرة من أجل الحصول على الشهرة والمال، أما اليوم فأعتقد أن كل أب يتمنى، ويجب أن يتمنى، أن يمتلك ابنه عقلية الألتراس القادرة على تحرير مصر من الظلم والفساد، لأنهم شباب يؤمنون بقضيتهم، ولديهم أهداف إيجابية يجب أن يحققوها وهم وحدهم القادرون حاليا على بناء مصر القوية التى نتمناها، فى حالة استمر تكاتفهم وتوحدهم، ولم تسمم أفكارهم محاولات القوى السياسية والثورية الوهمية. ألم يحصل جميع قتلة الثوار فى ميدان التحرير ومحمد محمود ومجلس الوزراء على براءة، إلا أن أن مرتكبى مجزرة بورسعيد لم يفلتوا من القصاص، وبالتالى فالشباب القادر على التغيير يمكنهم محو الظلام الدامس الذى تعيشه بلادنا، وتحقيق عبور جديد بعد عامين عاشتهم مصر منكسرة وراء غمامة تسبب فيها جهلنا وعدم إيماننا بقدراتنا. وبالنسبة للرياضة فى مصر أحب أن أبشر المسئولين الذى فرحوا بالكراسى، وما زالوا يتمسكون بها، بأن نهايتهم اقتربت، لأن الثورة الحقيقية لم تصل للرياضة بعد، والثورة الجديدة سيكون محركوها هم الشباب. فطالما ظل حسن حمدى رئيسا للأهلى، وبقى الصراع فى الزمالك دائرا بين ممدوح عباس ومرتضى منصور، وحافَظ العامرى فاروق على منصبه فى وزارة الرياضة دون هدف، واستمر جمال علام والفريق المعاون له فى اتحاد الكرة القادم بدعم هانى أبوريدة وتنكروا له بعد ذلك، فأنا واثق أن الثورة لم تصل إلى الرياضة بعد. ولكن قريبا جدا ستأتى ثورة التطهير إلى الرياضة المصرية، وسيقودها الألتراس أيضاً، الذين باتت لديهم مناعة ضد حملات التشويه التى بدأت منذ نظام مبارك مرورا بنظام المجلس العسكرى، ثم نظام مرسى، وبعد عبورهم كل ذلك التشويه أعتقد أنهم سينفضون الغبار عن أعيننا قريبا. وأختم بهتاف الألتراس: «الحق عمره ما هيضيع».