في يناير 2011، شارك في الثورة ضد النظام القمعي البوليسي، وبعدها بنحو عامين وجد نفسه مضطرا لقضاء 13 ساعة داخل قسم شرطة، يحمل شعار "في خدمة الشعب"، بينما هو في الحقيقة يتعرض لكل السباب والإهانات التي لم تخطر له على بال.. لم يتغير الوضع كثيرا، ولم تُحدث الثورة التي شارك فيها، فارقا يذكر. هو تقادم الخطيب، عضو الجمعية الوطنية للتغيير، الذي اعتبر واقعة تعرضه للإهانة داخل قسم الشرطة بعد ثورة يناير، بمثابة دليل جديد على عدم تغير عقيدة جهاز الشرطة، برغم الدرس القاسي الذي لقنته الثورة لضباط وزارة الداخلية. بعد أشهر من وقف العمل بقانون الطوارئ، وبينما كان يستقل "الأتوبيس" متوجها إلى قريته بصعيد مصر، توقف الأتوبيس فجأة، وصعد إليه أحمد فتحي، ضابط شرطة برتبة ملازم أول، يقول عنه الخطيب "هو في عمر تلامذتي بالجامعة"، ومعه اثنين من أمناء الشرطة، مطالبين الجميع بإبراز بطاقات الرقم القومي الخاصة بهم، ولم يكن الخطيب منتبهاً للموقف حينها. تقدم الضابط إليه، لمطالبته بإظهار بطاقته. "خلص بسرعة" قالها الضابط بصوت مرتفع، فرفص الخطيب التعامل معه بذلك الأسلوب، "مش من حقك تكلمني بهذه الطريقة لا يوجد قانون طوارئ يبرر هذا الأمر والدنيا تغيرت، فيه ثورة حصلت في البلد ضد التعامل بالطريقة دي". فما كان من الضابط إلا أن قال له متوعدا "مش عامل نفسك راجل؟ كمل بقى لحد الآخر وشوف اللي هيحصل لك". وبدأت سلسلة الإهانات بمحاولة إنزاله من الأتوبيس، مع سيل من السباب، فتوجه أحد الركاب إلى الضابط بقوله "ده دكتور في الجامعة"، فرد الضابط منفعلا "طظ فيه وفي الجامعة، ولازم ينزل"، وأجرى الخطيب اتصالا بوزير العدل، ومستشار الرئيس، في محاولة لإخراجه من هذا الموقف. "عقيدة الشرطة لم تتغير. ملازم أول في عمر تلامذتي أهانني، ولم تستطع قيادات الدولة، ومنصبي بلجنة تقصي الحقائق أن يحميني"، قالها الخطيب مبديا انزعاجه باستمرار ممارسات الشرطة حتى بعد قيام ثورة شارك فيها، مؤكداً أن "الحزام الأمني" لا يزال يسيطر على أجهزة الدولة حتي بعد وقف العمل بقانون الطوارئ. الاتصال بمستشار رئيس الجمهورية، لم يحمِ الخطيب من الضربات واللكمات والسباب التي وجهها له ضابط في عمر تلاميذه، فضلا عن محاولة الضابط تلفيق قضية مخدرات للأستاذ الجامعي، حيث أخرج من جيبه لفافة حشيش ليحرر محضرا للخطيب بتهمة حيازة مواد مخدرة، تماما كما كان يحدث قبل "الثورة". توسلات ركاب الأتوبيس للضابط، لم تفلح في إنقاذ الخطيب من الإهانة، حيث قال لهم الضابط "ده كلب ولازم نعلمه الأدب"، وهو ما يعلق عليه الخطيب بتساؤله "ماذا يعلمونهم في كلية الشرطة؟ هل أن مهمتهم تأديب الشعب وتهذيبه؟". في سيارة الشرطة، وافق المجند، المسؤول عن حراسة الخطيب، على منحه تليفونه ليقينه بأنه إذا لم يتصل بأحد المسؤولين سيتم الاعتداء عليه حتى الموت، خصوصا بعدما قال له الضابط "أنت بقى بتاع ثورة وتقصي حقائق، إبقي جيب حقك الأول قبل ما تطلب حق اللي راحوا، لأنك هتحصلهم". اعتذار مأمور القسم للخطيب، لم يثنه عن إصراره على أخذ حقه بالقانون، ما اضطر مأمور القسم بتحرير محضر يتهم فيه الخطيب بالاعتداء على ضابطين و17 عسكري أمن مركزي. بعد ثلاث عشرة ساعة من الاحتجاز داخل القسم، تعرض الخطيب لمزيد من الضغوط لإثنائه عن الاستمرار في المطالبة بأخذ حقه بالطرق القانونية، لكنه أصر على عرضه على النيابة، فَحُوِّل للنيابة، وكانت رسالته الأولى لمرسي: "طهّر الداخلية"، حيث يرى أن أزمة جهاز الشرطة من وجهة نظره تكمن في أسلوب تربية الضباط داخل كلية الشرطة، والمناهج التي يدرسونها. تقادم الخطيب قال ل"الوطن" إن القبضة الأمنية تحيط بالرئيس، وتقنعه بوجود مؤامرة لقتله، في ظل وجود صفقة بين وزارة الداخلية وجماعة الإخوان، مقابل حماية القيادات الأمنية من المحاسبة، لتبقى الداخلية ذراع الرئيس في مواجهة معارضيه. الخطيب أكد أن شهرته السياسية أنقذته من مصير خالد سعيد، وأن وقف العمل بقانون الطوارئ مجرد إجراء شكلي، مشيراً إلى أن المجلس العسكري عطل "الطوارئ" واستبدله بالمحاكمات العسكرية للمدنين، التي أقرها الدستور فيما بعد. أخبار متعلقة* مصر وعام من دون طوارئ.. سقط القانون وبقي "السحل والضرب والتعذيب" بالفيديو | وكأن ثورة لم تقم ونظاما لم يسقط.. "عبدالحميد" ضحية جديدة للتعذيب بقسم "الشيخ زايد" مصر وعام من دون طوارئ.. سقط القانون وبقي "السحل والضرب والتعذيب" سياسيون: المحاكمات الاستثنائية والتعدي على القضاء والمليشيات كلها طرق لاستنساخ "طوارئ مبارك" "الجيزاوي" خلف قبضان آل سعود.. و"صراخ" زوجته وشقيقته في مواجهة بطش "الداخلية"* "بدائل الطوارئ".. عندما سقط القانون وبقيت توابعه