لم يجدا إلا الصراخ.. وإن كان الصراخ وحده لا يكفي. لكن ماذا بوسعهما وهما امرأتان ضعيفتان. عسى أن يصل هذا الصوت الضعيف إلى من يسكنون القصور "المنيفة" في بلد الله الحرام. إنهما شيري وشاهندة الجيزاوي، زوجة وشقيقة المحامي المصري الذي حُكم عليه بخمس سنوات و300 جلدة بتهمة تهريب أدوية محظورة للسعودية. فوجئت شيري وشاهندة، بقوات كثيفة أمام السفارة السعودية، وكأن أمن آل سعود يهدده صراخ امرأتين. شيري وشاهندة خرجتا للتعبير بكل سلمية عن رفضهما للحكم الصادر بشأن "مُعيلهما". لكنهما وجدا رد فعل عنيف وغريب من قوات الأمن التي لم تستحِ أن تتلفظ بأبشع الألفاظ. تروي شري ل"الوطن"، واقعة الاعتداء عليها من قوات الأمن المركزي أمام السفارة قائلة: "العساكر بدأوا بتوجيه الألفاظ والسباب والشتائم النابية إلينا أثناء جلوسنا على رصيف السفارة. حاول أحد الشباب المشاركين بالتظاهرة إثناء العساكر عن السباب، مستنجدين بالضابط المسؤول عنهم. لم يتعاطف الضابط مع شكوى المتظاهرين من العساكر، بل راح هو الآخر يشتبك لفظيًا مع المتظاهرين، وبادر الضابط الذي لا تتذكر شري منه سوى ملامح مكتظة بالعنف، وَيَديْن لم تتهاون في توجيه الضربات بالعصا على رأس شيري. تساءلت شيري: "هل يهدد أمن آل سعود وسفارتها فتاة تحاول الدفاع عن حقوق شقيقها بمحاكمة عادل بكل سلمية"؟ وقالت للضابط الذي اعتدى عليها: "ياترى إنت كدة أثبت لنفسك إنك راجل لما تضرب بنت.. ياترى أخدت ليك ترقية لما منعت المظلوم من مواجهة الظالم"، شيري أكدت بكل ثقة وهي تحافظ على ثباتها رغم ما أصابها من كدمات: "كل ضربة بتقوينا وبتثبتنا.. مكملين لحد ما الجيزاوى يرجع حر لأرض مصر". وأكملت: "قانون الطوارئ لم يسقط حتى الآن. إسقاطه كان شكليًا ولم يرتقِ لمرحلة التنفيذ". شري لم يفارق مخيلتها، مشهد زملائها المقبوض عليهم عقب عودتهم، وكم الإصابات التي لحقت بهم، علاوة على الضرر النفسي من الإهانات النفسية، والسباب، والاعتداء اللفظي والجسدي الذي تعرضوا له أثناء القبض عليهم، وحتى الإفراج عنهم بعد محاولات استمرت لساعات طويلة. "إن غاب القصاص هانت الأرواح"، كلمات دائمًا تجدها شري الجيزاوي، مبرراً لاستمرار حالة القمع من جانب رجال الشرطة، مشيرة إلى عدم محاسبة المسؤول عن مقتل خالد سعيد حتى الآن، علاوة على شهداء الثورة، مؤكدة أن عقيدة الشرطة لم يطرأ عليها أي تغيير بعد الثورة، ومازالت تمارس القمع على الشعب المصري. أخبار متعلقة* مصر وعام من دون طوارئ.. سقط القانون وبقي "السحل والضرب والتعذيب" بالفيديو | وكأن ثورة لم تقم ونظاما لم يسقط.. "عبدالحميد" ضحية جديدة للتعذيب بقسم "الشيخ زايد" مصر وعام من دون طوارئ.. سقط القانون وبقي "السحل والضرب والتعذيب" تقادم الخطيب: "مشكلة الداخلية في تربية الضباط داخل كلية الشرطة "مش في "قانون الطوارئ" سياسيون: المحاكمات الاستثنائية والتعدي على القضاء والمليشيات كلها طرق لاستنساخ "طوارئ مبارك" "بدائل الطوارئ".. عندما سقط القانون وبقيت توابعه